دأب العلماء، ولعقود من الزمن، على المطالبة بالحد مِن تلوث الهواء، جراء الانبعاثات الناتجة أنشطة المصانع وحركة السيارات ومداخن محطات الطاقة، لكن الباحثين حالياً يحوِّلون اهتمامَهم بشكل متزايد إلى الهواء الذي يتنفّسه الناسُ داخل البيوت، وقد حددوا جهازاً مهماً باعتباره المصدرَ الرئيسي للملوثات الضارة بصحة الإنسان داخل بيته، ألا وهو موقد الغاز.

وفي هذه الصورة نرى «ياني كاشتان»، وهو باحث دكتوراه في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأميركية، يشعل موقدَ غاز في أحد البيوت بحي هارلم في مدينة نيويورك، في إطار دراسة يجريها حول الانبعاثات الداخلية وأثرها على البيئة المنزلية. الدراسة التي أجراها «كاشتان»، مع علماء وباحثين آخرين من الجامعة، ألقت الضوءَ على مدى تعرض الأميركيين في بيوتهم لثاني أكسيد النيتروجين الذي يأتي من حرق الفحم والغاز ويعد مسبِّباً رئيسياً للإصابة بالربو وباقي أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

وقد وجد الباحثون أنه في جميع أنحاء الولايات المتحدة يتعرض الأشخاص لكميات من ثاني أكسيد النيتروجين الناتج عن مواقد الغاز، وعلى مدد زمنية، تتجاوز في كثير من الأحيان المعاييرَ التي حددتها كل من منظمة الصحة العالمية ووكالة حماية البيئة الأميركية. وكما هو الحال مع التلوث الخارجي، وجد الباحثون أن الأُسر الفقيرة قد تكون أكثر عرضةً للخطر. كما وجدوا أنه نظراً لأن الغاز ينتشر بسهولة أكبر في المساحات الأصغر، فإن الأشخاص الذين يعيشون في منازل تقل مساحتها عن 800 قدم مربعة يتعرضون لأربعة أضعاف ثاني أكسيد النيتروجين على المدى الطويل، مقارنة بالأشخاص الذين يعيشون في منازل أكبر من 3000 قدم مربعة.

وعلى الرغم من أن الطهاة الذين يستخدمون موقد الغاز بشكل مباشر يتعرضون لثاني أكسيد النيتروجين أكثر من غيرهم، فإن التلوث ينتقل أيضاً إلى غرف المعيشة وغرف النوم. وعلى مدى فترات طويلة تجاهل الباحثون المعنيون بسلامة البيئة مخاطرَ التلوث الهوائي في الداخل، رغم أنه الهواء الذي نتنفسه معظم الوقت، وهو تجاهل تحاول الدراسة الجديدة على أيدي علماء جامعة ستانفورد الأميركية وضع حد له بالقول إن مواقد الغاز تمثل خطراً بيئياً وصحياً ينبغي التنبُّه له.

(الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)