الأربعاء 22 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تكريم الخلق والإبداع

31 يناير 2012
هي الحياة لا تعشق من لا يعشقها ولا تمنح من لا يمنحها، عرفانها فقط لمن قاتل من أجل الظفر بها، أعطى دون أن ينتظر المقابل، سهر الليالي واقفا على أعتابها، يبحث كل المنافذ والسبل لإرضائها، ولن تكون جاحدة وناكرة له، بل عُرف تقديرها لكل من أسال دمعة حزن أو فرح على وجنتيه من أجلها، ولا تكتفي بمن يذرف الدموع وينتحب على عصيانها، ويبقى تقديرها عاليا لمن يترك بصمة في عمقها، يخلخل دواخلها ويغير من سكونها. هكذا هي الحياة، وهكذا هم من يصرون على اقتحام أبوابها المحكمة الإغلاق، يبدأون ويثابرون من أجل الظفر بحبها، لتجازيهم وتجعلهم في المصافي الأولى، لا تعترف بمن يمر عليها مرور الكرام، وتشد على أيدي من مد يداه لها، تجازيه أحسن جزاء، لتجعله يعطي ويزيد، هكذا كانت كريمة مع الطفل الصغير عبد المقيت ذي العشر سنوات الذي توج مؤخرا كأصغر فائز بـ”جائزة أبوظبي 2011”، حيث بدأ خطوته الأولى، ولم يكن منتظرا المقابل، بدأ بتطبيق آلية بسيطة لصنع أكياس من أوراق الجرائد وجعلها بديلة للأكياس البلاستيكية المضرة بالبيئة، مؤمنا بدور كل فرد في المجتمع، عزز صنيعه بالبحث عن أضرار هذه الأكياس على الأرض بما عليها وربط ذلك بالاحتباس الحراري، فبات محاضرا تطلبه الهيئات الحكومية والخاصة، والمدارس والجامعات، لتقديم محاضرات بيئية مبسطة، يربطها بهدفه المنشود في جعل الإمارات خالية من هذه الأكياس البلاستيكية، وينادي هذا الصبي الذي ولد في الهند وترعرع في أحضان أبوظبي بضرورة وضع حل لهذه المشاكل ونشر التوعية البيئية، وحمل المسؤولية لكل فرد يعيش على أرض هذه البلاد المعطاء. الانطلاقة هي الخطوة الأولى التي تنهي إلى كثير من الخطوات، هي التي تفضي إلى دروب متفرعة من الحياة، هكذا هو حال من سعى بكل جهد لبصم حياته وحياة الآخرين بما يقدم، أصر على أن يكون نورا يستنار به، وخيرا ينهل كثيرٌ منه ولا ينفذ، ولابد أن يأتي العرفان، ولا بد من التكريم يوما، وكان التكريم بهذا الوسام كما للكبار في السن، كان للصغار أيضا هي رسالة واضحة، فإدارة الجائزة تسعى لتكريم الإبداع. ويثبت التاريخ أن الخالدين فيه أبدا هم بأعمالهم وببصماتهم، بما قدموه للحياة، وليس من اختار أن يمر عليها مرور الكرام، هي قناعات حركت دواخل كل من فاز بهذه الجائزة التي تعتبر وساما على صدر المكرم الذي آمن بدوره في الكون، وليس في البيئة التي يعيش فيها فحسب. وهذا الطفل سيكون نموذجا لكثير من أقرانه، بل قدوة لمن هم أكبر منه سنا، خلق هدفا في حياته، ودأب على تنفيذه، وبوسائله البسيطة نثر السعادة في أرجاء بيته المتواضع، وأثبت أن الإبداع لم يرتبط أبدا بالغنى ووفرة المال، بل بالإقدام والإيمان بالشيء الذي يخلق النجاح والتميز. lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©