الأحد 19 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«التربية» تتيح المسارين العام والتطبيقي لدارسي التعليم المستمر

«التربية» تتيح المسارين العام والتطبيقي لدارسي التعليم المستمر
25 فبراير 2020 02:44

دينا جوني (دبي)

أعلنت فاطمة الفلاسي خبيرة اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم أمس عن إتاحة المسارين العام والتطبيقي للطلبة الذين تمكنوا من تخطي المرحلتين التأسيسية والتكميلية في التعليم المستمر المعروف سابقاً بـ«تعليم الكبار»، وشرحت بأنه قد تم طرح منهج مطوّر لتلك الفئة من الدارسين وسيتم تطبيقه لمدة خمس سنوات على أن يتم تقييم التجربة ورصد التحديات ونقاط القوة وتجربة الميدان والدارسين لوضع نموذج محّدث يلبي رؤية الوزارة وأهدافها في هذا الإطار.
جاء ذلك على هامش افتتاح فعاليات «ملتقى تحدي الأمية... تحديات وحلول» في دورته الأولى التي تستمر يومين تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبتوجيهات سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة.
وأعلن الدكتور هاني تركي رئيس المستشارين التقنيين ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن غياب قاعدة بيانات محدّثة ومعلنة من قبل الدول وعدم اعتبارها «خللاً» أو «عيباً» لرصد الأميين في العالم العربي وأماكن توزعهم، يعدّ من أبرز تحديات مواجهة الأمية، داعياً إلى ضرورة وجود قوانين صارمة تجاه أولياء أمور المتسرّبين من المدارس وخصوصاً المراحل التأسيسية، بالإضافة إلى تقديم محفزات للفئات والأفراد المساهمين في محو الأمية في مختلف الدول.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أن الأمية تقف عقبةً رئيسة في مسيرة الدول نحو التنمية المستدامة، وقد تفاقمت مع تفاقم التوترات التي تعصف بالمنطقة، مشدداً على أن الأمية مرادف للفقر والتطرف والإرهاب.
وقالت الدكتورة دينا عساف، الممثل المقيم للأمم المتحدة بالإمارات خلال كلمتها، إن 28 مليون طفل على مستوى العالم خارج الصفوف الدراسية، ونصف عددهم في مناطق الصراعات، بينما يبلغ عدد الأطفال خارج الصفوف الدراسية في الدول العربية 4 ملايين طفل، وتبلغ نسبة عدم التحاق الفتيات بالتعليم في المنطقة العربية 55%، وتتعرض الأجيال الشابة لخطورة الأمية أكثر من الكبار. كما تصل نسبة أمية النساء عالمياً إلى 63%.
ولخص الدكتور حجازي إدريس، الاختصاصي الإقليمي لبرامج التربية الأساسية، التحديات التي تواجه المنطقة العربية للقضاء على الأمية في سبع نقاط؛ أولها وجود مشكلة حقيقية في مفهوم محو الأمية، ليتحول من قراءة الحرف إلى إيصال الأفكار للناس وتعلم المهارات الحياتية المعاصرة التي تتوافق مع واقع الناس. ويكمن التحدي الثاني في ضرورة بناء برامج وسياسات على بيانات حقيقية.
واختتم حفل الافتتاح خالد عبد الشافي، مدير المركز الإقليمي للدول العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بكلمته التي أوضح فيها أن محو الأمية هو عنصر جوهري على أجندة الأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة، لذا تم توقيع خطاب النوايا مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وكافة الشركاء؛ للمضي قدماً في تحقيق أهداف مبادرة «تحدي الأمية»، وأهمها توفير حق التعليم لـ30 مليون عربي دون سن الثامنة عشرة بحلول عام 2030 في الوطن العربي.

المنهج المطوّر
وقالت فاطمة الفلاسي خبيرة اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم لـ«الاتحاد» على هامش الملتقى إن وزارة التربية والتعليم بدأت بتطبيق المنهج المطوّر لبرنامج التعليم المستمر بشكل تجريبي، والذي سيستمر لمدة خمس سنوات قبل أن تبلور التصور النهائي للتجربة بناء على التغذية الراجعة. وقالت إن أي منهج جديد لا بد أن يطبق على الأقل لعدة سنوات قبل أن يتم تقييم التجربة ونقاط القوة والضعف والثغرات لاستكمال عملية التطوير بناء على احتياجات الميدان والدارسين. وشرحت أن الإنسان يعاني من أشكال مختلفة من الأمية في عصرنا الحالي بسبب العلوم المتسارعة والتكنولوجيا، مشيرة إلى أن واضعي السياسات في وزارة التربية والتعليم واعين تماماً لتلك التغيرات ويعملون جاهدين على إيجاد منظومة تعليمية تدفع عن الخريجين والعاملين «الأميات» الجديدة الناتجة عن تطور العلوم والتكنولوجيا، وتؤسس لنظام تعليمي مرن قادر على الاستجابة لاحتياجات الميدان. ولفتت إلى أن بناء تلك المنظومة ليس أمراً سهلاً على الإطلاق بالنسبة للوزارة، إلا أنها تعمل على الإحاطة بكل المجالات المعرفية الجديدة التي تتخطى أمية القراءة والكتابة والأمية الرقمية. وأشارت الفلاسي إلى أن الوزارة وضعت منظومة تعليمية مرنة وليست منعزلة أو جامدة متعددة لتلبية احتياجات الميدان على اختلاف فئاته وظروفها. ومن أهم أهداف برنامج التعليم المستمر محو الأمية الأبجدية والرقمية، وربط الدارس بسوق العمل، ودمجه في مجتمع المعرفة والعمل، وتطبيق الاقتصاد المعرفي من خلال التعليم المستمر. ومن أهم خصائص هذا النظام المرونة في وقت الدوام، ومراعاة ظروف الدارسين من حيث المكان والزمان، وتطبيق التعليم الإلكتروني للوصول إلى أكبر عدد من الدارسين.
وشرحت الفلاسي أن برنامج التعليم المستمر ينقسم إلى مرحلة تأسيسية لمدة سنتين تغطي الصفوف من الأول إلى الرابع، ومرحلة تكميلية لمدة سنتين أيضاً وتغطي من الصفوف من الخامس إلى السابع، يتبعون خلالها منهجاً خاصاً مطوراً، على أن يستكملوا بعد ذلك منهج التعليم العام.
وأكد أرن كارلسون، بروفيسور كلية التربية، علم النفس والفن بجامعة لاتفيا، المدير السابق لمعهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة، في أولى جلسات «متلقى تحدي الأمية» تحت عنوان «التعلُّم مدى الحياة لتحقيق التنمية المستدامة»، أن التنمية المستدامة لا تتحقق بدون تعليم جيد وأن تطور المجتمعات والدول بات يرتبط ارتباطاً وثيقاً باستمرارية تعلم الأفراد مدى الحياة، ولم يعد يقتصر على اكتساب مهارتي القراءة والكتابة فقط. وأشار كارلسون إلى أن الهدف الرابع من الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة 2030 التي وضعتها الأمم المتحدة، هو «التعليم الجيد»، وهذا يعني أن التنمية المستدامة لا تتحقق من دون ضمان تعليم جيد ومنصف وشامل، مع التركيز على تعزيز فرص التعلّم مدى الحياة لكل أفراد المجتمع. ونوه كارلسون خلال حديثه في محور الجلسة الأولى، الذي يحمل عنوان «تحول نظم التعليم إلى نظم التعلُّم مدى الحياة»، بأننا نعيش في زمن الثورة الصناعية الرابعة، وهذا يلزم الحكومات بأن تتعامل بشكل إيجابي وفعّال مع متطلبات عصرنا السريع، ومن ضمن ذلك تغيير أنظمة التعليم لتصبح مرنة وقادرة على التكيف مع مخرجات الثورة الصناعية مثل: «الذكاء الاصطناعي» و«إنترنت الأشياء» و«البيانات الضخمة».

«التعلم مدى الحياة» لبناء مجتمع مستدام
عقدت جلسة بعنوان «تعليم الكبار من منظور التعلم المستمر والتعلم مدى الحياة» ضمن فعاليات «ملتقى تحدي الأمية». وتحدث خلال الجلسة الدكتور سامي نصار، الأستاذ في كلية الدراسات العليا للتربية في جامعة القاهرة، عن أهمية التعلم المستمر للكبار في ظل التحديات التي تواجه الوطن العربي مثل الزيادة السكانية، وعدم توافر فرص متساوية في التعليم للنساء.
وقالت الدكتورة نجوى غريس، الأستاذة الجامعية بالمعهد العالي للتربية والتكوين المستمر في جامعة تونس، إن تعلم الكبار لا يتوقف على أساسيات التعليم كالقراءة والكتابة، بل يستهدف التمكين وتحقيق الاندماج الاجتماعي.
وشاركت الدكتورة لطيفة الفلاسي، خبيرة اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم بالإمارات، تجربة دولة الإمارات في القضاء على الأمية، ورؤية وزارة التربية والتعليم التي أخذت بعين الاعتبار ظهور أنواع جديدة من الأمية في ظل المتغيرات المتسارعة.
بدورها استعرضت الدكتورة آمال الهبدان، مديرة برامج إدارة الدعم المجتمعي في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ووكيلة جامعة الأميرة نورة، تجربة المركز في توفير التعليم في حالات الطوارئ في البلدان التي تعاني من تدمير في البنية التحتية ونقص في كوادر المدرسين.

الأمية الرقمية
قال هاني تركي رئيس المستشارين التقنيين ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: إن القضاء على الأمية الأساسية أو الأبجدية هو نجاح بحدّ ذاته، لأن إقناع 25 مليون أمي على سبيل المثال بتعلّم القراءة والكتابة ليس بالأمر السهل، فكيف سيكون الحال بالنسبة للأمية الرقمية والمهارات الأخرى. وقال إن أفضل السبل في مواجهة الأمية هي تعليم الأفراد بناء على احتياجاتهم ومتطلبات عملهم، وعدم إغراقهم بمهارات تكنولوجية لا يحتاجونها.
وأكد أنه عندما تتوافر البيانات الدقيقة والمعلنة للأمية في الدول العربية، سيصبح بالإمكان وضع الحلول المناسبة بناء على تلك الاحتياجات، مشيراً إلى أنه على الدول أن تتوقف عن اعتبار أرقام الأمية بمثابة «عيب» أو «خلل» ومشاركتها مع القطاع الخاص والحكومي للتواصل فيما بينهم ووضع الحلول.
وطرح الدكتور تركي ثلاثة عوامل يمكن أن تساعد في محور الأمية أبرزها تغيير التعريف الرسمي لـ«الأمي» الذي ينطبق على الأطفال بعمر الـ15 سنة وما فوق، وتخفيضه إلى عمر الـ9 سنوات للتمكّن من حل المشكلة من بداياتها وعدم انتظار 9 سنوات قبل الاعتراف بأمية الأفراد.
والعامل الثاني طرح قوانين صارمة للتسرّب المدرسي، مثل عقوبة حبس أحد الوالدين أو إلغاء الدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى طرح مسارات تعليمية تقنية وحرفية منذ عمر مبكر لإعطاء الدارسين مزيداً من الخيارات بدلاً من التسرّب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©