حتى لا يدفع المريض الثمن؟

تؤكد التقارير الصحية والبيئية العالمية الحديثة أن تلوث الهواء لم يصبح مسألة محلية بحتة، لكنه مسألة تتعدى الحدود الإقليمية لأي دولة، فإن أطلقت مواد ملوثة في بلد ما يمكن أن تنتقل في الجو وتؤذي صحة الإنسان والبيئة في مكان آخر. فانتشار الجزيئات الدقيقة في الهواء وطبقة الأوزون على مستوى الأرض هما الخطران الأساسيان اللذان يهددان صحة الإنسان فيما يتعلق بالتلوث الجوي. فالبرنامج الأوروبي المعروف باسم « هواء نقي لأوروبا» قدر حوالي 348000 وفاة مبكرة سنويا بسبب التعرض للجزيئات الدقيقة الملوثة. الأمر الثاني، ربما يكون من الأهمية الإشارة إلى ما أعلنته إدارة الغذاء والدواء الأميركية، في بيانات محدثة عن مستحضر «أوميبرازول» الذي يستخدم للتخفيف من حدة حموضة المعدة، حيث ثبت بأنه يقلل من التأثير المضاد لتجلط الدم لمستحضر «الكلوبيدوجريل» إلى النصف في المرضى الذين يستخدمون هذين الدواءين مع بعضهما، وهذا التأثير يسمى بالتداخل الدوائي، ويحدث نتيجةً لمنع دواء «الأوميبرازول» تحول دواء «الكلوبيدوجريل» الى حالته العلاجية النشطة. ويعرف أن «الكلوبيدوجريل» يسبب نزيفا للمعدة، لذا كان «الأوميبرازول» يوصف للمرضى للتخفيف من تأثير الحامض المعدي والذي بدوره يقلل من النزيف داخل محيط المعدة. ويعرف أن دواءي «الكلوبيدوجريل» و «الاوميبرازول» من الأدوية التي تحقق كفاءة عالية في العلاج لمستخدميها، لذا فإنه من الضروري جداً استشارة الطبيب أو الصيدلي قبل البدء في استخدامهما، وهناك من الأطباء من يرى أن استخدام مضادات الحموضة الأخرى مع دواء «الكلوبيدوجريل» قد يكون أفضل من استخدام «الاوميبرازول»، كالرانيتيدين، وفاموتيدين، ومضادات الحموضة السائلة، لأنها لا تتداخل مع «الكلوبيدوجريل» في حين أن دواء « سايميتيدين» لا يمكن استخدامه مع «الكلوبيدوجريل» نظراً لحدوث تداخل دوائي بينهما. الأمر الثالث، أن بعض الدوائر الطبية المعنية قامت بتعليق تسجيل دواء السكر «روزيجلوتازون»، الذي يسوق باسم أفنديا Avandia، ودراسة درجة أمان استخدام المستحضر، وذلك على خلفية تزايد التحذيرات من خطر تزايد حدوث آثار خطرة على عمل عضلة القلب، ومراجعة شاملة للدراسات والتقارير الصادرة من بعض الهيئات الرقابية العالمية مثل هيئة الغذاء والدواء الأميركية وما تم نشره في المجلات الطبية المعتمدة وأتضح من خلال هذه المراجعة أن المخاطر الكبيرة الناتجة عن استعمال مستحضر «روزيجلوتازون» تفوق فائدته العلاجية خصوصاً فيما يتعلق بآثاره الجانبية على القلب بما فيها احتشاء عضلة القلب، وفشل القلب الاحتقاني، بالإضافة إلى زيادة في معدلات الإصابة بالكسور في العظام، ومن ثم البحث عن بدائل أخرى من الأدوية المستخدمة في علاج مرض السكر أكثر أماناً. إن الأدوية والعقاقير المشار إليها، تمثل أهمية كبيرة للمرضى الذين يعتمدون عليها منذ وقت طويل، وما من شك أن الكشف عن هذه المعطيات الجديدة، يوقع المرضى في حيرة وارتباك وقلق، فضلاً عن المتاعب النفسية التي يصبح أسيراً لها من جراء ذلك. تلك الحالتان تجعلانا نطرح تساؤلاً مهماً يتعلق بمصداقية وكفاءة الأبحاث الدوائية، والحرب الإعلانية والترويجية المعلنة وغير المعلنة بين كثير من الشركات العالمية لصناعة الدواء، وكثيراً ما يدفع المرضى ثمناً باهظاً، بين التردد والتشكك والحيرة، وغالباً ما تكتشف أي انعكاسات صحية سلبية بعد فوات الأوان. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae