«منشد الشارقة» أمسيات لإعادة إحياء التراث القديم

على ضفاف قناة القصباء ووسط أجواء ساحرة من الفن والجمال، تتواصل مساء كل جمعة من هذا الشهر أمسيات روحانية عطرة تجمع نجوم الإنشاد الغنائي ومن كافة أنحاء الوطن العربي، في دورة متألقة تعد هي النسخة السادسة من مسابقة “منشد الشارقة” الأشهر في الشرق الأوسط، حيث يتم من خلالها إعادة إحياء تراث قديم لأناشيد معبرة تتغنى بمدح النبيّ صلى الله عليه وسلم، وتشدوا بأصوات عذبة تذوب في رحاب الإيمان. بعد مسيرة حافلة بالنجاح والتألق المنقطع النظير لبرنامج طاف جميع أنحاء الوطن العربي ليأتي بأفضل المنشدين من كل بلد ومدينة، فيجمعهم معا في إمارة الفن والثقافة مدينة الشارقة الباسمة، ليشاركوا في تظاهرة إيمانية لافتة تتنافس من خلالها أصواتهم الشجية على تقديم أفضل ما لديها في إنشاد الروحانيات. استثمار النجاح ويقول محمد خلف مشرف البرنامج، ومقدمه: “في هذه الدورة الجديدة من مسابقة منشد الشارقة حاولنا أن نستثمر نجاحنا الذي حصدناه في النسخ الخمس الأخيرة، وأن نستفيد من تجاربنا السابقة ونطورها للأفضل، وبالفعل فقد اخترنا في هذه المرة من كل دولة منشدين اثنين بدلا من واحد، وقمنا بجولات أوسع في عموم ربوع الوطن العربي، وفتحنا الطريق أمام المتسابقين الراغبين بالاشتراك عن طريق “الإنترنت” لنتلقى طلبات المنشدين الذين لم نتمكن من زيارة بلدانهم لأسباب معينة، ولا تتواجد بدولهم لجان الاختبار كسوريا والعراق مثلا، فقمنا بضم مشاركاتهم إلى البقية المتبارين بعد فرزها وتحديد الأفضل، ونتوقع بهذه الطريقة أنه سيكون لدينا مستقبلا، متسابقون من دول أوروبا وآسيا عبر الإنترنت، كما فتحنا باب التصويت للجمهور ليختار المنشد الذي يراه الأفضل من كل بلد، لنخرج في المحصلة بثلاثة عشر متسابقا، وغيرنا موعد المسابقة فبعد أن كان يتم في شهر رمضان المبارك، اخترنا أن تكون النهائيات في هذا الوقت من السنة حيث تتمتع الإمارات بأجواء مناخية رائعة. استقطاب الجمهور ويضيف محمد خلف:” أما مكان الفعاليات فقد فضلنا أن يكون موقعا مفتوحا أمام الجميع مختارين ضفاف قناة القصباء لتكون مسرحا لنا بدلا من المدينة الجامعية في النسخ السابقة، وهكذا نجحنا في استقطاب جمهور واسع من الحضور الذي أصبح يأتينا من كل حدب وصوب، كما استفدنا من الوسائل التقنية الحديثة في زيادة الحشد للبرنامج، فمن خلال صفحات “التويتر، الفيس بوك، واليوتيوب”، وبالإضافة لصفحتنا الرسمية على الإنترنت، أصبحنا نتمتع بقدر أكبر من المتابعين والمعجبين بفكرة “ منشد الشارقة”. وفي العموم أجد أن تجربتنا أصبحت أكثر نضوجا وأخذت زخما كبيرا ومتابعة جماهيرية واسعة على مستوى كل العالم الإسلامي”. البرنامج الأشهر ويتحدث عن المسابقة نجم الدين هاشم، معد البرنامج، ويقول:” لقد تحول “منشد الشارقة” ليصبح البرنامج الأشهر في الشرق الأوسط، وجمع خلال السنوات السابقة حشدا هائلا من المتابعين والمهتمين بهذا النوع من الإنشاد الروحاني، حتى أنه بات مادة للبحث والدراسة من قبل بعض طلاب الجامعات والدراسات العليا الذين جعلوه حقلا لبحوثهم ورسائلهم الدراسية، كونه أحيا تراثا عربيا قديما وسلط الضوء على نوعية مختلفة من الفن الإيماني الهادف الذي يتغنى بالمدائح، ويسرد السيرة النبوية، ويعلي القيم الاجتماعية والوطنية”. ويكمل:” عادة يتمرن المتسابقون يوميا قبل موعد الحفل الذي يتم كل يوم جمعة على الصوت والمقامات وخلافه تحت إشراف مدرب خاص انتدبناه لهذا الغرض، وهو المنشد الجزائري عبد الرحمن بو حبيلة ومع “كورال” فرقة النهام الإماراتية، كما نقدم في كل حفلة ضيف شرف خاصا ليشارك الحضور بإنشاده المميز، فمثلا استضفنا المنشد المصري أحمد بوشهاب، الذي أطرب الجمهور بصوته الشجي في إحدى السهرات، وفي الأسبوع الذي يليه كان لنا لقاء مع المنشد الإماراتي أسامة الصافي، وهو بالمناسبة أحد أعضاء لجنة التحكيم المكونة أيضا من المواطن، أحمد بو خاطر، والأردني عبد الفتاح عوينات، كما يتم في كل حفل إقصاء متسابقين اثنين بعد إعلان نتائج التصويت”. أجواء تنافسية ويتابع هاشم: “في هذه المرحلة الشيقة من المسابقة لم يبق أمام الجمهور إلا انتظار النتائج الختامية. فمن خلال أجواء تنافسية حادة لم يشهدها “منشد الشارقة 6” سابقاً، غادر البرنامج في السهرة الرابعة وقبل الختامية، كل من المصري محمد عبدالرؤوف السوهاجي، والسوري سيد أرشيد، من أصل 7 متسابقين من دول عربية مختلفة، تنافسوا حتى وصلوا إلى النهائيات، في سهرة لافتة من المفاجآت، والتي أطلقت عليها لجنة التحكيم تسمية “خروج الأقوياء”، لأن المتنافسين بها قدّموا أفضل ما يملكونه من طاقات إنشادية من مواويل وأناشيد ومناجاة إيمانية صادقة، ألهبوا بها مشاعر الحشود الكبيرة التي فاضت بهم مقاعد مسرح القصباء ليفترشوا العشب بجوار المدرجات قبل بدء السهرة. وبقي المنشدون الخمسة الذين تأهلوا لنيل اللقب في السهرة الأخيرة من البرنامج، وهم أحمد الغاوي من الإمارات ومراد ستيتو من المغرب وخالد المنجد من لبنان، وأحمد الشنفري من عُمان ومن الجزائر عبد الحميد سراج.