الثلاثاء 21 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متى يتعظون؟

1 يناير 2008 03:15
من الواضح والمؤكد تماما أن هناك فئات كبيرة من الناس، خاصة فئة الشباب والمراهقين، لا يتعظون من الإحصاءات التي تصدرها إدارات وأقسام المرور والشرطة عن حوادث السير المفجعة وعن المآسي وأعداد القتلى والمصابين الذين ينضمون سنويا إما إلى قائمة الأموات أو العاجزين عن الحركة! ولمن يريد أن يصدق هذا الكلام، عليه أن يخرج بسيارته إلى أحد الطرق الخارجية مثل طريق دبي العين، طريق أبوظبي دبي، طريق أبوظبي العين، أو طريق الإمارات بعد إمارة الشارقة·· أنا أجزم أن العقلاء ممن يستخدمون هذه الطرق، سوف يصابون بجنون أو بحالات هستيرية من جراء ما يشاهدونه من مجموعة غير قليلة من السائقين الذين يكونون في قمة الاستمتاع والنشوة وهم يضربون بكل أخلاقيات الطريق عرض الحائط·· فهذا يطلق العنان لسيارته لتنطلق كالصاروخ لاصقا مقدمة سيارته بمؤخرة السيارة التي أمامه بحيث لا تزيد المسافة بين السيارتين أكثر من ربع متر وهما ينطلقان بسرعة عالية لا تقل عن 140 أو 160 كم/س!!·· وبإصرار عجيب، يرفض هذا الأخ العنجهي ''المتعنطز'' أن يترك أي مسافة للتصرف في حال وقوع أي حدث مفاجئ لا سمح الله، بل يصر بكل وقاحة على أن يلصق مقدمة سيارته بمؤخرة السيارة التي أمامه وكأنه يريد أن يلحم الكبسولة الفضائية بمكوك الفضاء· وقبل أن يختفي هذا المشهد من أمامك، تفاجأ بسيارة أخرى أطلقها سائقها الأرعن كالرصاصة الطائشة، لتتحرك بالتواء كالتواء الثعابين، أو كأنها سمكة تسبح في البحر، متجاوزة عشر سيارات دفعة واحدة على طريقة رقصات ''مايكل جاكسون''·· فيجاوز هذه السيارة من اليمين، ويجتاز الأخرى مخترقا كتف الطريق ليرتفع عمود الغبار خلفه بارتفاع بناية من خمسة أدوار، وفي لمح البصر، ينطلق وهو على هذه السرعة العالية كالرصاصة من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين متجاوزا سيارتين دفعة واحدة·· يحدث كل هذا خلال خلال زمن قياسي لا يزيد على ثلاث أو أربع ثوانٍ على أكثر تقدير! وقبل أن يزول هذا الأرعن الثاني في الأفق البعيد، يفاجأ السائقون المساكين من أمثالي وممن يؤمنون بمقولة ''في التأني السلامة··''، بوحش آخر يقود هجمة عنترية قادما من الخلف بسرعة لا تقارن إلا بسرعات الطائرات النفاثة لحظة انطلاقتها على مدرج المطار·· وقبل أن يقترب من رتل السيارات التي تسير أمامه يتعمد إضاءة أنوار المصابيح الأمامية بقوة ولعدة مرات متتالية، محذرا كل من يتجرأ ويقف في طريق تقدمه الجهنمي·· وويل لمن يرفض إفساح الطريق أو إخلاءه له·· عندها قد يصاب هذا السائق بموجة لوث في عقله فيضع كلتا يديه فوق بوق السيارة ليملأ الأجواء صراخا ينطلق من المنبه صوتا لا يتحمله إنس ولا جان!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©