الثلاثاء 21 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الأفغاني... وفرص ما بعد «الخشخاش»

12 مارس 2010 21:37
بن أرنولدي نيودلهي لماذا يهتم العالم بالاقتصاد الأفغاني؟ أولا لأن الرئيس الأفغاني نفسه الذي يدعمه قادة حلف شمال الأطلسي يقول إن بلاده تحتاج إلى ما لا يقل عن 400 ألف من قوات الجيش والشرطة للدفاع عن نفسها، وهو ما سيكلف تقريباً عشرة مليارات دولار سنوياً، والحال أن ميزانية الدولة في أفغانستان لا تتجاوز مليار دولار، 400 مليون منها تأتي من المانحين الأجانب. ولردم هذه الهوة بين الاحتياجات الحقيقية للاقتصاد الأفغاني والإمكانات والفرص الراهنة لا تستطيع البلاد الاستمرار على النهج الحالي والاعتماد على دينامو الاقتصاد هناك، إن جاز التعبير، المتمثل في زراعة الخشخاش. فعلى رغم أن هذه الزراعة الممنوعة تشكل 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تعتبر مسؤولة عن إنتاج 90 في المئة من الهرويين المستهلك عالمياً، إلا أنه من غير المرجح أن تصبح قانونية وبالتالي فلن تخضع للضريبة ولن تستفيد منها خزينة الدولة بأي شكل، وهو ما يفسر الحملة التي شنتها الحكومة يوم الأربعاء قبل الماضي للقضاء على زراعة الخشخاش، خصوصاً في المناطق الجنوبية التي تعرف ازدهاراً في هذه الزراعة. لكن ما الذي يمكن فعله لتعزيز ما تبقى من الاقتصاد الأفغاني الذي يمثل 70 في المئة من الناتح المحلي الإجمالي بعد اقتطاع حصة زراعة الخشخاش غير المفيدة بالنسبة لخزينة الدولة؟ في هذا السياق يركز صناع السياسة على قطاعين اثنين لدعم الاقتصاد الأفغاني هما: الزراعة والتنقيب عن المعادن. فالزراعة تحمل إمكانات واعدة لمستقبل أفغانستان بالنظر إلى القوة العاملة الكبيرة التي تستقطبها، كما أن قيمة قطاع المعادن تقدر بمليارات الدولارات، ولكن القطاعين معاً حتى يتطورا على النحو المطلوب يحتاجان إلى سنوات من العمل لتعزيز الوضع الأمني وتشجيع الاستثمارات. فقطاع المعادن يمثل حالياً 52 مليون دولار في السنة بنسبة لا تتعدى واحداً في المئة من الاقتصاد، غير أن هناك بعض المشاريع الكبرى القادمة التي قد تسهم في رفع مساهمته في الاقتصاد، ففي صفقة مع الصينيين أبرمت في عام 2007 سيدر منجم النحاس "أيناك" مليار دولار سنوياً على خزينة الدولة، كما أن عطاءات جديدة قد طرحت لاستغلال منجم الحديد الهائل "هاجيجاج"، وهو ما سيضمن مداخيل للدولة تقدر حسب "جريج ستيفنسون"، مدير بنك آسيا الإنمائي، بحوالي ثلاثة مليارات دولار، ويؤكد هذا الأخير طرحه قائلا: "أعتقد أن قطاع المناجم هو الرهان الذي يبحث عنه الجميع في أفغانستان وينظرون إليه بتفاؤل كبير لقدرته على دعم الاقتصاد الأفغاني دون الحاجة إلى مانحين أجانب". ولكن مع ذلك تعترض أفغانستان عقبات من نوع آخر ترتبط بتردد المستثمرين الدوليين في القدوم إلى هناك لتطوير القطاعات الأساسية مثل الزراعة والمناجم بسبب الوضع الأمني غير المستقر من جهة، وثقافة الفساد وعدم الشفافية السائدة على نطاق واسع بين المسؤولين الحكوميين من جهة أخرى. ويؤكد هذا المعنى أيضاً "جيمس ياجير"، وهو عالم جيولوجي أميركي يعمل كمستشار مع سلطة المعادن الأفغانية، مشيراً إلى تشابه تجربتي تشيلي وأفغانستان، فقبل ثلاثين عاماً كانت صناعة المعادن التشيلية في بدايتها، ولكنهم "غيروا قوانينهم لتشجيع الاستثمار في ذلك القطاع، وسعوا أيضاً إلى القضاء على الفساد، واليوم أصبحت تشيلي من البلدان الرائدة في إنتاج النحاس". ويتردد "ياجير" في وضع تقدير محدد بالدولار لقيمة الثروة المعدنية في أفغانستان، معتبراً أن الأمر ما زال يحتاج إلى بحث مستفيض، كما أنه لإطلاق مشروعات في هذا المجال والبدء في التنقيب عن المعادن لابد من القيام بخطوات ضرورية مثل الاستكشاف وترتيب الأمور المالية. وعلى رغم المصاعب التي تعترض قطاع المعادن يُظهر منجم "أيناك" للنحاس أن أفغانستان قادرة على تجاوز المصاعب حتى في ظل الانتقادات التي وجهت للمشروع لما شابه من فساد. ولكن المسؤولين الحكوميين في كابول واعون لهذه الأخطاء وهم يسعون حالياً إلى عدم تكرارها، ولاسيما أن الموارد الطبيعية غالباً ما تمارس تأثيراً سلبياً على الطبقات الحاكمة بسبب الأموال التي تضخها في خزينة الدولة. ولتفادي السقوط في غواية الفساد تم ترشيح الحكومة الأفغانية لدخول مبادرة الصناعات المعدنية التي تضع مداخيل الصناعة في حسابات خاصة مراقبة دولياً. وتبقى الزراعة قطاعاً آخر من القطاعات التي قد تساعد الاقتصاد الأفغاني على تحقيق النمو، فهي تساهم بحوالي 3.3 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي محتلة المرتبة الثانية بعد قطاع الخدمات، وتستطيع الحكومة الأفغانية حسب عبدالله صالح، المحلل مع وكالة دعم الاستثمار الأفغانية، تعزيز المردود الزراعي الذي يشغل أكثر من 40 في المئة من القوة العاملة. وفي هذا الإطار أيضاً تقود الولايات المتحدة جهود الاستثمار في القطاع الزراعي بتخصيصها خلال السنة الجارية 500 مليون دولار لتطوير البذور ومنح قروض للمزارعين، وتطوير نظم الري، بالإضافة إلى إنشاء صناعات غذائية. غير أن مشكلة نقل المحصول إلى المدن والعاصمة تؤرق المزارعين وتعطل مجهود الاستثمار في القطاع الزراعي، إذ يُعول على حملة "مرجة" التي تشنها قوات حلف شمال الأطلسي كثيراً من أجل تهدئة الوضع الأمني، وهو ما يؤكد مجدداً الحاجة إلى الأمن والاستقرار لدعم جهود التنمية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©