الأربعاء 15 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

معهد «مصدر» يسعى إلى نشر استخدام الطاقة الشمسية في الإمارات

معهد «مصدر» يسعى إلى نشر استخدام الطاقة الشمسية في الإمارات
12 فبراير 2011 20:07
إذا سألنا أي شخص عن رؤيته للمستقبل، فسيتخيّل على الأرجح عالماً يقوم على الطاقة الشمسية. ولم يأت ذلك عبثاً، فالشمس أبرز مصدر للطاقة متاح أمامنا. وهي موجودة منذ مليارات السنين تبثّ أشعّتها وتملأ الكون ضوءاً ودفئاً. وقد ساهمت منذ القديم في تزويد أول الكائنات الحية بالطاقة وما زالت حتّى اليوم تغذي حياة النبات الذي يسهم في بقاء الإنسان والحيوان على حدٍّ سواء. وتحتلّ الشمس المكان الأبرز في أفق أي شخص على كوكبنا كثمرة ناضجة بحقّ. والسؤال هو: كيف يمكننا الوصول لتلك الثمرة وقطفها؟ على الرغم مما تنطوي عليه الطاقة الشمسية من إمكانات ورغم سهولة الوصول إليها، فإن استخدامها عبر كوكبنا لا يزال محدوداً للغاية. وفي حين يجري استخدام أنظمة الطاقة الشمسية المركّزة منذ عقود خلت، وبينما تنتشر لوحات التقاط أشعة الشمس في الكثير من الأماكن حول العالم، فإن الطاقة الشمسية لا تؤمّن إلى حدٍ الآن سوى قسط ضئيل من احتياجات العالم من الطاقة. والسبب الرئيس وراء ذلك هو استمرار الصعوبات الهندسية والتشغيلية أمام استغلالها. وحتّى الآن، لا وجود لقنية واحدة للطاقة الشمسية يمكن استخدامها في أي بيئةٍ، بحيث تكون قادرة على تأمين الطاقة بشكل فعال وبتكلفة معقولة أكثر من الطاقة المستخلصة من مصادر الوقود المفضل حالياً، أي النفط والغاز والفحم على وجه التحديد. لذا، ولئن أثبت العِلْم إمكانية استخلاص تلك الطاقة واستخدامها، فإنّه لا يزال علينا العمل على بحث سبل وأساليب الحصول عليها بشكلٍ فعالٍ وبتكلفة أقل. يجب أن يصبح استخدام الطاقة الشمسية على نطاق واسع وعلى نحو فعالٍ ومجدٍ من حيث التكلفة ويكون أمراً واقعاً وليس مجرّد فكرة. ويعد ذلك أحد المجالات الرئيسة التي تركز عليه أبحاث “معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا” في أبوظبي. ويأمل الأساتذة الجامعيون والباحثون - مثلي - في معالجة التحدّيات التي تقف أمام تطوير الطاقة الشمسية وتحويلها إلى مصدر رئيس للطاقة الحرارية والكهربائية. مواجهة التحديات يسعى فريقي بالتحديد لإيجاد حلول للتحديات التي تواجهها دولة الإمارات بشكلٍ خاص في الاستفادة من هذا المصدر الجاهز من الوقود، كما نعمل من خلال إجراء الأبحاث المعمقة على اكتشاف أفضل النظم والتقنيات الكفيلة باستخلاص وتخزين ونشر استخدام الطاقة الشمسية في دولة الإمارات. تستقبل أبوظبي وحدها على المساحات الأفقية حوالي 2044 كيلوواط س/ متر مربّع من إجمالي أشعة الشمس في العالم، كما تستقبل حوالي 1800 كيلوواط س/ متر مربع من أشعة الشمس المباشرة والطبيعية. وببساطة، يمكنك تخيّل أن كلّ كيلومتر مربع من أرض الدولة تستقبل طاقة شمسية تعادل 1,5 مليون برميل من النفط الخام. ويعد ذلك كمية هائلة من الطاقة من غير المقبول أن تذهب سدى، وهو ما حدا بحكومة أبوظبي لتجعل من الطاقة الشمسية من أبرز المصادر التي تعول عليها لتحقيق هدفها المتمثل في تأمين 7% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020. وسعياً منها لتحقيق هذا الهدف، يجري العمل حالياً على العديد من المشاريع في مقدمتها إنشاء أول محطّة للطاقة الحرارية الشمسية في الدولة، “شمس1”، بطاقة إنتاجية قدرها 100 ميجاواط. ومن المنتظر أن يسهم المشروع في التخلّص من حوالي 175 ألف طن من أكسيد الكربون سنوياً، وهو ما يعادل زرع 1,5 مليون شجرة أو إزالة 15 ألف سيارة من شوارع أبوظبي. وستقوم المحطّة الشمسية باعتماد وحدات التركيز الشمسي المتكافئة القطع في استخلاص الطاقة، والتي تعتبر من التقنيات الثابتة والواعدة من حيث توظيف الطاقة الشمسية. وقبل الشروع في إنشاء هذا المشروع، الذي سيصبح جاهزاً للعمل بحلول عام 2012، يقوم الباحثون في معهد مصدر بالتحقق من الموقع المناسب للمحطّة من حيث الكلفة والموارد، إذ إن تغيّر مقدار أشعة الشمس على سطح الأرض بفعل الغبار المتناثر في الجو من شأنه أن يؤثّر بقوّة على فعّالية أنظمة الطاقة الشمسية المركّزة، ويحتاج بالتالي إلى البحث والتقييم. وقد قمنا بتحديد أربعة عوائق مهمّة علينا التغلّب عليها لإدخال تكنولوجيا أنظمة الطاقة الشمسية المركّزة إلى السوق، وهي: تقييم الموارد، وتطوير الأداء، وخفض التكاليف الأساسية، وخفض تكاليف الصيانة والتشغيل. وستقوم الأبحاث في هذه المجالات بتلبية الاحتياجات من تقنيات الطاقة الشمسية المركزة على المدى الطويل والمتوسط. الثقة في التكنولوجيا سوف يسهم مشروع الطاقة الشمسية المركزة على المدى القصير في تعزيز الثقة في التكنولوجيا، فضلاً عن خفض التكلفة المبدئية عبر القيام بالإنتاج على نطاق واسع. وعلاوة على ذلك، ومن أجل إجراء المزيد من الاختبارات حول مدى توافق عمليات تطوير تقنيات نظم الطاقة الشمسية المركّزة، قام معهد مصدر بإنشاء محطّة تجريبية بطاقة إنتاجية قدرها 100 كيلوواط بالتعاون مع “طوكيو تِكْ” وعدد من الشركاء في القطاع. سوف تسهم المحطّة في اختبار وتأكيد ما توصلت إليه الأبحاث من نتائج رئيسة. وقد تم تصميم المحطة على شكل برج “بيم داون” (برج ثلاثي القوائم يعكس الأشعة من مركز سطحه الدائري نحو الخلايا الشمسية في الأسفل)، والذي نعتقد أنّه يتناسب تماماً مع الاحتياجات والظروف الخاصّة بدولة الإمارات. ومن شأن هذا النوع من الأبراج أن يسهم في الحد إلى أقصى قدر ممكن من تأثيرات الغبار الجوّي، الذي هو عبارة عن جسيمات صلبة متناثرة في الهواء تُشكّل عائقاً رئيساً أمام استخلاص الطاقة الشمسية في المناخ الصحراوي لمنطقة الخليج. ونأمل من خلال أبحاثنا على هذه المحطة التجريبية التوصل إلى تحديد أفضل التصاميم والأساليب الهندسية، وكذلك التحكّم في الخسارة الضوئية، وفي توليد الحرارة للأبراج من هذا الشكل في دولة الإمارات. استغلال الموارد من شأن المعلومات التي نقوم بجمعها ليس إثبات فعالية مشاريع المحطات المقررة على شاكلة “شمس1” فحسب، بل أيضاً تزويد المطوّرين وصنّاع القرار ببيانات مهمّة بإمكانهم الاستفادة منها لفهم واستغلال مواردهم الشمسية بشكلٍ أفضل. تتجّه معظم الأبحاث العلمية حول العالم حالياً نحو تطوير أداء نظم الطاقة الشمسية المركّزة. وبشكلٍ منفصلٍ، فإن الأبحاث التي تهدف إلى تطوير الكفاءة الضوئية والحرارية لأجهزة الطاقة الشمسية، يمكن أن تسهم في تقليص المساحة التي تحتلها حقول ألواح التقاط الطاقة الشمية، الأمر الذي من شأنه خفض كلفة المحطّة. وسيعتمد نجاح تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة أيضاً على تطوير الأداء التشغيلي، ومن ثم فإن ساعات التشغيل ستزيد من إجمالي الطاقة المولَّدة مما سيعزز من عائدات المحطّة. وتشمل العوامل المؤدية إلى زمن تشغيل أطول، نظم التخزين المناسبة وإجراءات التشغيل والإيقاف الفعّالة والتشغيل الفعال لمكوّنات المحطّة. وتعتمد كل هذه الجهود في مجال الأبحاث على وجود البنية الأساسية المناسبة لإجراء الأبحاث العلمية وتوفر المحطات التجريبية الكافية. وفي الوقت الذي يجري في من خلال هذين المشروعين “شمس1” و”بيم داون” البحث عن إجابات لمجموعة من الأسئلة المهمة في مجال الطاقة الشمسية المركّزة، فإن مشروعاً ضخماً آخر، هو محطّة الطاقة الشمسية بطاقة قدرها 10 ميجاواط، بدأ في العمل بالفعل باستخدام التقنيات المبتكرة. وتعدّ المحطّة التي قامت بإنشائها شركة “إنفايرومينا لنظم الطاقة” في مدينة مصدر، أكبر محطة للطاقة الشمسية متصلة بالشبكة في الشرق الأوسط. ومنذ تشغيلها، أثبتت لنا نحن الأكاديميين وكذلك للمسؤولين في الحكومة وفي القطاع، كيف يمكن لمحطة طاقة شمسية أن تعمل حقاً في هذا الجزء من العالم ومدى قدرتها على تزويدنا بنتائج ملموسة وعلى التكيّف مع التحديات العالمية الحقيقية. أنتجت هذه المحطة 17348 ميجاواط ساعة من الكهرباء في العام الماضي، وهي لا تزال تعمل بكفاءة عالية. وقد تم تطوير نوع خاص من المكانس الطويلة لإزالة الغبار المتراكم على وحدات الطاقة الشمسية وتنظيفها في فترات منتظمة، علماً بأن هذه المكانس جافة ولا حاجة بالتالي لاستعمال المياه أثناء العملية، مما يسهم في الحفاظ على الموارد الطبيعة للبيئة. ومن هنا، فإن مستقبل يعتمد فيه كوكبنا على الطاقة الشمسية لا يبدو أمراً بعيد المنال. بل إن إمكانية بلوغ هذا المستقبل تلوح أقرب في الأفق بفضل الأبحاث العلمية الرائدة والمشاريع التجريبية الجاري تنفيذها في معهد مصدر ومدينة مصدر. ومن ثم فنحن لا نحاول مجرد بلوغ النجوم، بل بلوغ النجم الأقرب إلينا. د. ماتوا كيازا الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية بمعهد «مصدر»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©