الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اقرأ، اقرأْ!...

اقرأ، اقرأْ!...
21 مايو 2009 03:01
سبق لنا أن أومأْنا إلى أهمّيّة المدرسة الراقية في المجتمع المتحضّر، وكنّا نتحدث عن ضعف الناس في استعمال اللغة العربيّة، وزهدهم في تعلُّمها، وعدم مبالاتهم في انتهاك نظامها... وأنّ ذلك يعود، أساساً، إلى ضعف مستوى التعليم في المدرسة العربيّة... ذلك بأنّا إذا رأينا طفلاً سيّئ التربية، فحّاشاً سبّاباً، فاللّوم لا يكون عليه، وإنّما يكون في العلّة التي كانت وراء عدم تربيته... فضعف أطفالنا في موادّ التعليم بعامّة، وفي اللّغة العربيّة بخاصّة، لا ينبغي أن ينصرف التّثريبُ فيه على هؤلاء الأطفال الذين هم عجينة بين أيدينا لو أحسنّا إنْعامَ عجْنِها لفعلنا منها الأعاجيب!... ولكن التثريب يقع على المدرسة العربيّة التي لم تنهض بوظيفتها التعليميّة فكان منها التقصير والقصور. كما أنّ هذا التثريب قد لا يقع على معلّميها وقوعاً مباشراً، لأنّهم هم أنفسهم أيضاً ضحايا هذه المدرسة التي كانوا تعلّموا فيها... وكذلك تتسلسلُ الرداءةُ فلا تزال تعود بنا القهقَرى إلى أبعد غاية... ولكن لابدّ من وَقْفِ مَسار هذا التسلسُل، وإلاّ تهرّبنا من إلقاء المسؤوليّة على أنفسنا، واستنمْنا إلى واقع الأمر مستسلمين راضين، بل لا بدّ من نبْذِ هذا القصور الناشئ عن ضعف الكفاءة العلميّة والتربويّة، والعمْد إلى العناية الشديدة بالمدرسة في كلّ مكوِّناتها ومركِّباتها بحيث تشمل العنايةَ بالمعلّم في تكوينه العلميّ، وترقية معارفه على نحو يغتدي شُعلة متنقّلة من المعرفة الصحيحة الدقيقة التي يبثّها بين تلامذته، كما تشمل المدرسة نفسَها في بنائها، ومكتبتها، ومسرحها، أي بكلّ تجهيزاتها العصريّة، وتشجيع المتفوّقين من التلامذة فيها بحيث لا يكون هؤلاء التلامذةُ فيها سواسيَةً لا فرْق بين المتفوّق والكسول، ولا بين الْمُعتني بدرْسِه والعازف عنه... بل لا مناص لنا، إن شئنا أن تغتديَ المدرسة العربيّة كالمدرسة اليابانيّة مثلاً، من تكوين المعلمين تكويناً عالياً، وصارماً قاسياً معاً، والعمْد إلى تشجيع العباقرة منهم برصْد الجوائز المعنويّة والمادّيّة المغرية، مثلُهُم مثلُ تلامذتهم في ذلك فنُنْشئ جوّاً معرفيّاً تنافسيّاً بين المعلّمين والمعلّمين، والتلاميذ ، وإلاّ فإن مضَينا على نحو ما نحن عليه، فإنّ تعليمنا لا يساوي شيئاً أكثر من محاربة الأمّيّة... فالتلميذ يتخرّج في المدرسة ولا يُحسن كتابة رسالة بالعربيّة، وقد شكا إليّ أحد الشباب في بلد عربيّ، في الصيف ما قبل الماضي، أنّه يستطيع أن يتكلّم الإنجليزيّة ويكتب بها بسهولة، ولكنّه لا يستطيع أن يكتب سطراً واحداً صحيحاً بالعربيّة... والعلّة تعود في ذلك إلى الفرْق بين معلّم الإنجليزيّة الذي ربما كان أجنبيّاً، أو كالأجنبيّ في عِلمه وصرامته وكفاءته، ومعلّم العربيّة المسكين الذي كان تلقّى معلوماتٍ مهزوزةً من قبل... فلم يَزد على أن لقَّنها لتلامذته بأمانة واجتهاد، كما كان لُقِّنَها هو من قبل... وإذن، فلا بدّ من رسْمِ هدفٍ طَموح للغاية من وراء التعليم بحيث يُصبح منتجاً للمعرفة الرفيعة، ومطوّراً للتكنولوجيا الدقيقة، وقادراً على انتشال الأمّة من مخالب التخلّف الذي هي فيه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©