السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

السعودية تحذر من أخطار مفاعل «بوشهر» على المنطقة

السعودية تحذر من أخطار مفاعل «بوشهر» على المنطقة
2 مايو 2019 03:00

دينا مصطفى، وكالات (أبوظبي، نيويورك)

طالبت المملكة العربية السعودية، المجتمع الدولي والأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بحثّ إيران على توقيع اتفاقية الأمان النووي، وأعرب نائب المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة خالد بن محمد منزلاوي في كلمة أمام اللجنة التحضيرية الثالثة لمؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي لعام 2020 في نيويورك عن قلق بلاده إزاء ما يشكله مفاعل بوشهر من أخطار، خاصة في ظل وقوعه على خط زلزالي نشط، ما يعرض المنطقة إلى خطر جسيم جراء أي تسرب إشعاعي على الهواء والغذاء، ومحطات تحلية المياه. كما شدد على أن أنشطة إيران في تطوير قدراتها النووية في ظل أعمالها التخريبية في المنطقة ودعمها للجماعات الإرهابية بأنواع استراتيجية من الأسلحة والصواريخ تمثل مصدر قلق كبير للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
ودعا منزلاوي المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل كونها الطرف الوحيد في الشرق الأوسط الذي لم ينضم للمعاهدة، وإخضاع جميع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، على نحو ما ورد في قراري مجلس الأمن رقمي 487 و689. وقال «إن تعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وفق إطار معاهدة منع الانتشار يجب أن يكون مقروناً بأعلى معايير السلامة النووية، ومن هذا المنطلق فقد انضمت المملكة لاتفاقية الأمان النووي إدراكاً منها لأهمية وضرورة قيام الدول بمراعاة أعلى المعايير في منشآتها، وتوفير كل ما يستدعيه ذلك من متطلبات وإجراءات، لذا فإنها تعبر عن قلقها إزاء ما يُشكله مفاعل بوشهر الإيراني الواقع على بعد لا يزيد على 200 كلم من سواحل الخليج العربي من أخطار، وخاصة في ظل وقوعه على خط زلزالي نشط، ما يعرض المنطقة في حال أي تسرب إشعاعي لخطر جسيم ومحدق على الهواء والغذاء، ومحطات تحلية المياه.
وطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن تصدر تقريراً دورياً يرصد مدى استعداد الدول في مواجهة الكوارث المحتملة لأي تسريب في المفاعلات النووية وطرق التعامل معها. وقال إن المملكة تؤكد على أهمية تعاون الدول الأطراف في معاهدة منع الانتشار النووي واتفاقيات الضمانات الشاملة، لافتاً النظر إلى أن أنشطة إيران في تطوير قدراتها النووية في ظل أعمالها التخريبية في المنطقة ودعمها للجماعات الإرهابية بأنواع استراتيجية من الأسلحة والصواريخ تمثل مصدر قلق كبيراً للأمن والسلم، مؤكداً أن المملكة تتطلع لأخذ إجراءات أكثر حزماً ضد إيران من قبل المجتمع الدولي لتحقيق الهدف الأسمى من معاهدة منع الانتشار بتحقيق السلم الدولي.
إلى ذلك، أعرب خبراء وأكاديميون عن قلقهم إزاء وقوع مفاعل بوشهر النووي في منطقة زلازل، واحتمال حدوث مخاطر تلوث إشعاعي في حال وقوع حادث أو هزة أرضية كبرى في المنطقة. وأكد هؤلاء أنه لا يمكن ضمان فرضية أن المفاعل آمن لاعتبارات، بينها عدم وجود صيانة ومراقبة دورية، واستمرار تعرض المنطقة للزلازل المدمرة منذ آلاف السنين.

سيناريو فوكوشيما
وحذر الأكاديمي والباحث حسن هاشميان من احتمال تعرض مفاعل بوشهر لكارثة نووية وبيئية نتيجة تكوين الأرض في المنطقة من صفيحتين دائمتي التحرك، صفيحة شبه القارة الهندية وصفيحة الجزيرة العربية، وهناك نقطة صدام بين هاتين الصفيحتين، وبوشهر واقع في نقطة اصطدام. وأكد في اتصال هاتفي مع «الاتحاد» من واشنطن أن أولويات النظام الإيراني هو الحصول على القنبلة النووية وحساباته أمنية وعسكرية فقط، ولا يفكر سوى بالهيمنة على المنطقة. وقال إن تجارب النظام لا تستجيب للشعب، وليس من أولوياته الحفاظ على معايير الأمن وصيانة المفاعل رغم تعرض المنطقة الدائم إلى الزلازل. فهناك منذ ألف سنة العديد من الزلازل الكارثية التي وقعت في المنطقة، بينها حدث عام 2013 على بعد 100 كيلومتر عن بوشهر، وكانت هناك أضرار في المفاعل واعوجاج في جداره كما أنه تعطل أكثر من مرة. وأضاف: «الزلزال كانت قوته 6 درجات على مقياس ريختر ولا يعتبر قوياً ومع ذلك أحدث أضراراً كبيرة في جدار المفاعل، وهذا معناه أنه إذا حصل زلزال أقوى سنشهد كارثة إنسانية وبيئية في المنطقة.
وأكد هاشميان أنه قد يحدث تسونامي في المنطقة مماثل لما حدث في مفاعل فوكوشيما في اليابان، وهو احتمال قد يخلق أضرارا كبيرة. فمن حيث الجغرافيا يقع مفاعل بوشهر في خط الزلزال المعروف جنوب إيران وهذه المنطقة دائماً يحدث فيها بين زلزالين إلى ثلاثة كل عام، ومفاعل بوشهر موجود على هذا الخط، ومن المحتمل أن يحدث زلزال في المنطقة وهذا ليس خطراً على إيران وحدها، فالمفاعل يبعد حوالي 1000 كيلومتر عن طهران، ولكنه على بعد 100 كيلومتر من الكويت والمدن السعودية، وهذا يعد خطراً كبيراً على دول المنطقة وشعوبها وعلى الناس التي تعمل في صيانة المفاعل التي تعتمد فقط على روسيا وإيران. وأوضح أن المشرفين على صيانة المفاعل غير موثوق بهم، فالروس لديهم مشاكل وذكرى كارثة تشيرنوبل، وبالتالي لم نشهد هناك أي خبرات تساعد في صيانة بوشهر. واعتبر أن الاتهام الموجه لحكومة طهران أنها لم تضع في اعتبارها موقع بوشهر القريب من دول الخليج ولم تنظر إلى هذا الموضوع الذي تحول من شأن اقتصادي وخدمي يتعلق بالكهرباء إلى موضوع عسكري، مشيراً إلى أن الصيانة الموضوعة تحت مراقبة الحرس الثوري وروسيا الضعيفة دون وجود مراقبة دولية.

لا ضمانات أمان
من جهته، أكد دكتور نجيب أبو كركي أستاذ علم الزلازل في الجامعة الأردنية ورئيس جامعة الحسين بن طلال لـ«الاتحاد» أنه لا يمكن ضمان أمان أي مفاعل نووي، لأنه يشكل خطورة على المناطق المجاورة وتتزايد الخطورة كلما قلت المسافة بالنسبة للمفاعل، وبالتالي لا يمكن القول إن هناك مفاعلاً آمناً تماماً الآن وفي المستقبل والحوادث كثيرة في هذه المفاعلات. موضحاً في اتصال هاتفي أن مسألة علاقة الزلازل بالمفاعلات النووية تناولتها دراسات جادة تجري دائماً بحيث تقلل من احتمالات هذه المخاطر، ولكن عندما يتم الحديث عن تقليل المخاطر يوجد احتمالات ولو قليلة، ولكنها تظل موجودة وإن حصل أي خطأ فني أو سوء حظ أو قلة خبرة أو سوء التقدير تكون النتائج دائماً كارثية بالنسبة للمفاعلات النووية.
وأضاف «أن فرنسا دولة نووية تطبق فكرة الاحتراز بشكل جيد وصناعتها ممتازة في هذا المجال، ومع ذلك لم تخلُ من الحوادث النووية وقد كان أكبرها عام 1980 وما زالوا يزيلون آثاره. ولذا إذا صار هناك أي تسرب نووي فهو يصعب جداً التعامل معه والتسرب النووي قد يكون بسيطاً ويؤثر على المناطق المجاورة فقط، وقد يكون كارثياً كما حصل في فوكوشيما وتشيرنوبل ويؤثر بهذه المناسبة بشكل عشوائي على كافة أنحاء العالم أينما توجد إشعاعاته وأياً كان من يتعرض لهذا الإشعاع براً أو بحراً أو جواً فهو في خطر بالطبع.
وحذر كركي أنه إذا ما كان تأثير الزلزال أكبر مما كان متوقعا وأكبر مما تم أخذه بعين الاعتبار تكون النتائج كارثية بقدر كثافة الإشعاع الذي يمكن أن ينتج والمشاكل التي ستحدث ويتوقف حجم الخسائر على سرعة الإجراءات لتطويق هذا الحادث. ولهذا السبب تهدف الإجراءات المتبعة في هذه الحالة إلى منع الانتشار النووي وأن يتم السيطرة تماماً على المفاعل ولذلك تحرص الدول أن تكون المفاعلات النووية بالقرب من المسطحات المائية واسعة مثل البحار والمحيطات لكي تتعامل مع هذه الأخطار بسرعة وبدون تكاليف كبيرة. ورأى أن نتائج انفجار نووي يمكن أن تلوث محيطاً بأكمله مثل فوكوشيما 2011. وأضاف أن هناك العشرات من المفاعلات في أوروبا بعضها قريب من مسطحات مائية صغيرة. وقال إن مفاعل بوشهر مثله مثل أي مفاعل بالعالم لا يمكن ضمان عدم حدوث تسرب إشعاعي مهما كانت درجة إتقان صنعه ودرجة ادعاء هذا الإتقان وقد تكون هناك فضائح في هذا المجال وقد تصل أحياناً إلى أضرار أكثر بعداً. محذراً أن دمار الزلازل لا يتوقف فقط على مقدار قوة الزلزال، ولكنه قد يعتمد على المنطقة التي يحدث بها الزلزال وخصوصيات موقع المنطقة التي تتعرض للزلزال ونوعية الصخور. فاليابان معتادة على الزلازل ولكن عام 1995 عندما ضربها زلزال قتل أكثر من 5 آلاف شخص نتيجة سوء تقدير إمكانيات الزلزال في المنطقة. وهذه أخطار حدثت في اليابان الأكثر احترازية ونظام وإتقان فماذا يمكن أن يحدث في العالم الثالث؟ الخطورة بالتأكيد أكبر بكثير. وقد يضيف إلى كارثة الزلزال، كارثة التلوث. ولفت أنه لا يمكن التنبؤ بالظاهرة الزلزالية لأن تفريغ الطاقة الخاص بها يتم بشكل عشوائي وغير منتظم وقد يكون على فترات زمنية طويلة، ولكن متى سيتم تفريغ الجزء الأكبر منها وأين، لا أحد يعلم. فعندما تحدث الزلزال مثلاً على الحدود الإيرانية العراقية كالعامين الماضيين يستمر النشاط الزلزالي لفترة معينة وتتكرر هذه الظواهر كل فترة بلا انتظام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©