الأربعاء 22 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انقلاب مالي... ضربة للديمقراطية الأفريقية

25 مارس 2012
أثار انقلاب يوم الخميس الماضي في مالي، التي كانت تعد لأكثر من عشرين عاماً نموذجاً يحتذى به في الديمقراطية، انتقادات واسعة من قبل الغرب والقادة الأفارقة. وضمن هذا الإطار، صدرت دعوات تطالب بإعادة الحكم فوراً للمدنيين. ويبدو أن الشرارة التي عجلت بالانقلاب والسيطرة على القصر الرئاسي، الذي يتعرض إلى عمليات نهب من قبل الجنود في العاصمة باماكو، الغضب المتفشي بين أعضاء المؤسسة العسكرية الذين اتهموا الحكومة بالفشل في تسليح أفراد القوات المسلحة بما يكفي لإخماد الانتفاضة المسلحة لمتمردي الطوارق المندلعة منذ شهر يناير الماضي في شمال البلاد. وهكذا سيطرت مجموعة من الجنود يوم الخميس الماضي على السلطة في باماكو بعد تمرد عسكري شهدته إحدى الثكنات العسكرية القريبة من العاصمة، وقد ظهر قادة الانقلاب الذين أطلقوا على أنفسهم اسم "اللجنة الوطنية لاستعادة الديمقراطية والدولة" على شاشات التلفزيون الرسمي، وأعلنوا تعليق العمل بالدستور وإغلاق الحدود. وبالإضافة إلى تعليق باقي مؤسسات الدولة وحل البرلمان، وجاء في بيان أصدره قادة الانقلاب أن "الهدف ليس بأي حال من الأحوال السيطرة على السلطة، ونحن نقسم بأننا سنعيد السلطة إلى رئيس منتخب ديمقراطياً حالما يتم إرساء الوحدة الوطنية وصيانة التراب الوطني"، وأضاف "أمادو كوناري"، المتحدث باسم قادة الانقلاب، أن إطاحة الحكومة جاءت لإنهاء حكم "أمادو توماني تور"، "غير الكفء"، ولغاية الساعة لم تتم معرفة السيناريوهات التي سيؤول إليها مصير الرئيس ذي 63 سنة الذي قاد البلاد على مدى عشر سنوات، وكان من المتوقع تنحيه عن السلطة في الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة نهاية شهر أبريل المقبل. لكن إشاعات سرت بأن الرئيس ربما يؤجل موعد الانتخابات بسبب الأزمة المستفحلة في الشمال، لا سيما بعد تحقيق الطوارق المتمردين انتصارات متعاقبة على الجيش وإخراجه من عدد من المدن، وبسبب الصراع المسلح نزح أكثر من 180 ألف شخص من أماكنهم مع فرار البعض إلى دول مجاورة خوفاً من المعارك. وسرعان ما نددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بالانقلاب، وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية "فيكتوريا نولاد": ندعو إلى التزام الهدوء وإعادة الحكم المدني بموجب الدستور دون تأخير حتى تجري الانتخابات في موعدها المحدد". وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية "نحن نقف مع شرعية الحكومة المنتخبة للرئيس "أمادو توماني تور"، فمالي هي ديمقراطية رائدة في غرب أفريقيا لذا يتعين احترام مؤسساتها". وفي السياق نفسه، وجه رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، "جون بينج"، دعوة إلى المتمردين بإنهاء الانقلاب وإعادة السلطة إلى الشرعية، ومن جانبه يرى "جيل يابي"، المحلل المتخصص في شؤون غرب أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية أن الانقلاب الأخير لم يكن مستغرباً بالنظر إلى عمق الاستياء وسط الجيش حول مسألة الإمدادات الحكومية لمحاربة التمرد في الشمال، هذا بالإضافة إلى شكاوى أخرى كان يحملها أفراد القوات المسلحة، مشيراً إلى أن تطور الأحداث لاحقاً يعتمد بشكل كبير على مصير الرئيس، قائلاً:"إذا كان الرئيس متحصناً في إحدى القواعد العسكرية مع بعض الموالين، فإن الأمور مرشحة للتطور أكثر"، لكن المحلل أكد أن الاستياء في صفوف الجيش كان شائعاً حتى قبل تمرد الطوارق في الشمال، مع انتشار إشاعات قبل ذلك باحتمال حدوث انقلاب عسكري، موضحاً ذلك بقوله "الإحباط الذي يشعر به الجيش لم يكن وليد التمرد المندلع في الشمال ونقص المعدات لمحاربة المتمردين، بل كانت هناك شكاوى مرتبطة بالفساد في صفوف كبار ضباط الجيش. كما أن هناك شكاوى متعلقة بالمحسوبية ومعايير اختيار الجنود لإرسالهم إلى الحرب في الشمال". ويُذكر أن طوارق الشمال انتفضوا مرات عديدة منذ تسعينيات القرن الماضي، متهمين الحكومة بتهميشهم، وبعد سنتين من السلام عادت "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" التي ينضوي تحتها الطوارق لإعلان تمردها مرة أخرى في شهر يناير الماضي، وهي الحركة التي تسعى إلى إقامة دولة مستقلة للطوارق شمال مالي تسمى "أزواد"، كما أن الرئيس "تور" كان قد وصل إلى السلطة في انقلاب عسكري أطاح بـ"موسى تراوري" عام 1991، لكنه سرعان ما أعاد الديمقراطية إلى البلاد بعد عام من الانقلاب بتنظيمه انتخابات رئاسية فاز فيها ليقضي الفترة ما بين 2002 و2007 في السلطة، ثم تعهد بعدم الترشح مرة ثانية، وهو بالفعل ما التزم به ليكسبه ذلك احتراماً واسعاً في منطقة اعتاد قادتها على إزالة العقبات الدستورية للبقاء في السلطة. وتعتمد مالي، البلد الصحراوي التي يعاني مشاكل مزمنة في تأمين الغذاء، على المساعدات الخارجية، وتمر مالي اليوم بأزمة غذائية يزيد من تفاقمها القتال المندلع في الشمال. ومع أن البلد غني بالموارد المهمة مثل الذهب واليورانيوم، ويعتبر أحد المنتجين الأساسيين للقطن، يبقى أغلب سكانه يعيشون في الفقر، بل حتى قطاع السياحة يعاني من انتكاسة كبيرة بسبب اختطاف وقتل سياح غربيين من قبل مجموعات إرهابية مرتبطة بتنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي". روبين ديكسون - نيجيريا ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©