الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"مصعب بن عمير".. أول سفير في الإسلام

"مصعب بن عمير".. أول سفير في الإسلام
17 مايو 2019 01:54

القاهرة (الاتحاد)

تمت بيعة العقبة، ورجع الأنصار الاثنا عشر إلى يثرب، ليستكملوا دعوتهم ونشاطهم، وكان هذا من أعظم انتصارات الدعوة الإسلامية، فقد عاد على أثرها من الحبشة ثلاثة وثلاثون رجلاً وبعض النساء، ومنهم مصعب بن عمير، وهدأ الوضع في مكة نسبياً، وانضم إلى القوة الإسلامية المهاجرون العائدون من الحبشة، ولكن كان هدوءاً حذراً، لأَنَّ أهل مكة لم يُظهروا بوادر الإيمان، ومن المتوقع أن تعود وتيرة الإيذاء إلى حالتها الأولى.
بعد بيعة العقبة الأولى، لمس رسول الله صلى الله عليه وسلم طبيعة الأنصار الذين بايعوه، وعرف الصدق في قولهم وفعلهم، ووجد الحمية عندهم لنشر الدين ودعم الإسلام، وأدرك أن «يثرب»، سيكون لها شأن كبير ومن الأولى أن يُعطيها اهتماماً خاصاً، فما زالت معلومات أهلها عن دين الإسلام قليلة، ولا بد من رفع المستوى الإيماني والعددي للمسلمين هناك، وهذا لن يكون إلا عن طريق إرسال أحد الراسخين في العلم من الصحابة إليهم ليصبح مصدراً للعلم والقرآن والسنة، وليقوم بالدعوة على نهج رسول الله.
وجاء اختيار المبعوث النبوي إلى يثرب، ليكون صورة للإسلام، وقدوة للمسلمين وغيرهم، يُعلمهم دينهم، ويدعو إلى الإسلام، فاختار الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه، لأنه من أعلم الصحابة، يحفظ كل ما نزل من القرآن، يتصف باللباقة والكياسة، والهدوء والصبر، وسعة الصدر والحلم، رقيقاً هادئاً، متواضعاً ذكياً، من أشراف مكة، ينتمي إلى بني عبد الدار الذين يحملون مفتاح الكعبة، وكان من أغنى الأغنياء، خير قدوة للشرفاء والكبراء، ضحى بما يملك، وأثبت قدرته على الوقوف أمام فتن الدنيا، يبلغ من العمر حوالي خمسة وثلاثين عاماً، وبلغ درجةً من النضج والكفاية تؤهله لهذا العمل الكبير.
يلقب بمصعب الخير، ولد في مكة وشارك مع النبي صلى الله عليه وسلم في بدر وأحد، أسلم في دار الأرقم، لكن أخفى إسلامه عن أمه وأهله خوفاً منهم، يقول عنه الرواة: غرة فتيان قريش، وأوفاهم بهاء، وجمالاً وشباباً، أعطر أهل مكة، ومعروف بفتى مكة، يرتدي أحسن الثياب وأغلاها، وكان رسول الله يصفه قائلاً: «ما رأيت بمكة أحسن لمة ولا أنعم نعمة من مصعب بن عمير»، واختاره ليكون أول سفير له خارج مكة، وأول مهاجر إلى المدينة، يفقّه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا عند العقبة، وأعجب أهل المدينة بزهده وإخلاصه فدخلوا في دين الله، وكان يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، فأسلم على يديه سادة أهل المدينة، مثل أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ وهُما سيدا قومهما.
قال ابن إسحاق: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير رضي الله عنه، مع النفر الاثني عشر الذين بايعوه في العقبة الأولى يُفَقِّهُ أهلها ويُقرئهم القرآن، فكان منزله على أسعد بن زرارة، وكان يسمى بالمدينة «المقرئ»، ويُقال إنه أول مَن جمع الجمعة بالمدينة، وقال البراء رضي الله عنه: أول من قدم علينا مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، وكانا يُقرئان الناس.
شارك مصعب في غزوة أحُد، وأَبلى بلاءً حسناً، وحمَّله النبي صلى الله عليه وسلم راية المسلمين، وثبت مع القلة المؤمنة التي أحاطت بالنبي، وأقبل ابن قمئة فشدَّ عليه فضرب يده اليمنى فقطعها، ثم أخذ مصعب اللواء بيده اليسرى، فضرب ابن قمئة يده اليسرى فقطعها، فحنا على اللواء وضمه بعضُديه إلى صدره، فحمل عليه الثالثة بالرمح وأنفذه إلى صدره، فوقع شهيداً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©