الأحد 19 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"جاودي".. عندما تتألق العمارة الإسلامية في الغرب

"جاودي".. عندما تتألق العمارة الإسلامية في الغرب
17 مايو 2019 01:55

مجدي عثمان (القاهرة)

صنفت منظمة اليونسكو في الفترة ما بين 1984 وحتى 2005 سبعة من أعماله، ضمن مواقع التراث العالمي للإنسانية، ووصفه صديقه الفنان «سلفادور دالي» بأنه رائد السوريالية في العمارة، إنه ممثل العمارة الإسبانية الحديثة «أنطونيو جاودي»، الذي استوحى أعماله من العمارة العربية الإسلامية الأندلسية، ودرس عمارتها مدققاً في تفاصيلها، ومؤكداً عملياً على أن العمارة الإسلامية هي أول عمارة تربط بين الوظيفة والفراغ والجمال، فتناول اللون في العمارة ودوره في إبراز جمالياتها الشكلية وتأثير مواد البناء المختلفة على الشكل الجمالي للمبنى، وكان يرى أن العمارة كتلة مجسمة متراكبة العناصر، ومتداخلة مع النحت، والتصوير، فأفاد من إندماج العمارة بالزخرفة الداخلية، كما في قصر الحمراء في غرناطة.
ففي تصميمه لـ «بيت فيسنس» في كارير استخدم التبادل بين الحجر والطابوق في إنشائه، وزخرفه بالآجر المزجج بالألوان المختلفة، التي امتلأت بها قصور الأمويين في الأندلس، وفي مداخل البيت علق فوانيس تُضيء مقرنصات مدلاة من السقف وزيّنت بالكتابة العربية، وزين المبنى بالزجاج الملون والكتابات الخطية، حتى كُتب عنه أنه قصر من قصور ألف ليلة وليلة.
كان جاودي يجمع في أعماله بين روح المعماري والنحات والمصور والبناء والحداد، إلى جانب كونه موسيقياً وعالم رياضيات، وكانت تصميماته عامة لا تشمل تفاصيل شارحة، إلا ما ندر، حيث كان يُفضل تجسيد التصميم مباشرة ثلاثي الأبعاد، ما يجعله دائم التخيل، وتنتشر أعمال جاودي في أنحاء إسبانيا، وخاصةً برشلونة التي أصبحت بفضله تلقب بالمدينة المعمارية، وقد ارتبط تأريخ العمارة الحديثة في إسبانيا باسم «جاودي»، لما حققته أعماله من إبداع عناصر هندسية استلهمها من المخزون الفني للعمارة العربية الإسلامية في شبه جزيرة إيبريا وأضاف إليها رؤيته الحديثة.
وكان يدمج في تصميمه مجموعة من التقنيات التي كان يُجيدها كالخزف، الزجاج الملون، صهر وصب الحديد، والنجارة، كما أضاف تقنيات مستحدثة عالج بها بعض المواد، مثل «الترانكاتز»، وهو نوع من الفسيفساء مكون من بقايا القطع الخزفية.
وُلِدَ الإسباني أنطونيو جاودي العام 1852 في قرية رويس في منطقة كتالونيا جنوب مقاطعة تراكون، من عائلة تشتغل في أعمال صب النحاس، ودرس العمارة في مدرسة برشلونة العليا للهندسة المعمارية، وتخرج فيها العام 1878، كما درس الفرنسية، التاريخ، الاقتصاد، الفلسفة وعلم الجمال، وأثناء دراسته كانت درجاته متوسطة في الامتحانات، حيث كان يقدم تصاميم مستوحاة من التراث المعماري الإسباني، ما يعني العمارة العربية الإسلامية، ما دفع مدير مدرسة العمارة بأن يقول: «إما أن يكون جاودي مجنوناً أو عبقرياً».
في 7 يونيو العام 1926، بينما كان جاودي يسير كالمعتاد يومياً إلى كنيسة القديس فيليب نيري لتأدية صلواته، صدمه الترام وفقد وعيه، ولم يتلق العناية اللازمة، لعدم وجود ما يوضح هويته، إضافةً إلى ملابسه البسيطة، حتى نقله ضابط شرطة في سيارة أجرة إلى المستشفى كريو، وفي اليوم التالي تعرف عليه القسيس جل باريس، ولكن حالة جاودي تدهورت بشدة، وتوفى في اليوم الثالث - 10 يونيو - ودفن في سرداب بكنيسة العائلة المقدسة التي صممها.
من أعمال جاودي «بيت ميلا»، وهو أول مبنى تم بناء جراج أسفله، وكنيسة العائلة المقدسة في برشلونة وهي ثرية بالزخارف والنقوش، ولذلك صُنفت ضمن مواقع التراث العالمي من جانب اليونسكو، وبموقع الكنيسة مدارس لأطفال عمال البناء، وكان بها مقر لـ «جاودي» أصبح معرضاً لأعماله منذ العام 2002.
ومن تصميماته في الفترة بين 1884 و1887 «منتزة جويل»، والتي غطى مبناها بقبة يعلوها قبة أصغر مغطاة بالخزف المزجج، استمراراً لملاقحة مبانيه بالعمارة الإسلامية، وقد عاش «جاودي» داخل المنتزة، في منزل صغير، تحول إلى متحف يضم مجموعة من الأثاث من تصميمه.
أقام «جاودي» بين عامي 1883 - 1888 في برشلونة، مشروع «بيت فيسنس»، وهو مبنى سكنى من أربع طوابق، على مساحه 1160 متراً مربعاً، وجاءت تلك المساحة غنية بالنقوش والألوان المستوحاة من التراث الإسلامي والخط العربي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©