الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودانيون يجبرون عابري السبيل على الإفطار في "الضرا"

السودانيون يجبرون عابري السبيل على الإفطار في "الضرا"
29 مايو 2019 00:02

شوقي عبد العظيم (القاهرة)

تنتشر موائد الإفطار في الشوارع وعلى الطرق في كل المدن والقرى والمناطق الإسلامية في جميع البلدان في شهر رمضان، تتميز كل واحدة منها بالأطعمة المحلية، ويطلق عليها أسماء مختلفة، أشهرها «موائد الرحمن»، لكن في السودان يسمونها «الضرا»، أي الخفاء والستر برغم أنها تكون على الملأ، وتتم الدعوة لها إجباراً، فلا يسمح لعابر سبيل أن يمر من دون أن يتناول الإفطار.
المشهد الجماعي عند أذان المغرب يلفت الأنظار وهم يتقاسمون الطعام الغني والفقير وعابر السبيل، وتتصدر المائدة (العصيدة) و(شراب الآبري) الذي يصنع خصيصاً لرمضان، يلفت انتباهك الرجال الجالسون على الأرض في مجموعات في الطريق، ويلوحون للمارة بإصرار أن ينضموا إليهم، ويشاركوهم الطعام، وهي عادة سودانية قديمة لا تقطع أبداً هي «الضرا».
قبيل المغرب ينشط الأولاد والشباب في تهيئة المكان أمام المنازل للإفطار، وقبيل النداء بقليل يخرج الرجال يحملون الأواني المملوءة بالطعام والشراب، يقفون في منتصف الطريق لإجبار السيارات على التوقف حتى ينزل أصحابها لتناول الإفطار، وأحياناً يقطعون الطريق ويلوحون بالعمائم والغبطة والسرور على وجوههم كلما استجاب صاحب سيارة وشاركهم الطعام.
يرى وليد أبو زيد، الباحث في التراث السوداني، في عادة «الضرا»، تتويجاً لقيم سودانية عديدة، من بينها الكرم وإعانة الفقير والمحتاج، وقال لـ«الاتحاد»: «تجتمع فيها خصال وقيم سودانية، من بينها التكافل، وهي انعكاس للإسلام الوسطي عند السودانيين إذ يحيون بذلك السنة التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تفطير الصائم كما جاء في الحديث: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئُ».
ومن العيب عند السودانيين، خاصة في القرى والأحياء الشعبية، أن لا يخرج الرجل بطعامه في رمضان ويشارك جيرانه لحظة الإفطار، وهي أيام للتصافي وترابط العلاقات الاجتماعية بين الأهل والجيران.

الستر والتخفي
ولكن لماذا سميت هذه العادة بـ«الضرا»، والتي من بين معانيها في اللغة الفصيحة التخفي، بينما يجلس الناس في وسط الطريق ليراهم الآخرون، تفسر ذلك عائشة أحمد «80» سنة، ولها دار لتحفيظ القرآن للأطفال، كان لها قالت لـ«الاتحاد»: «عادة الضرا قديمة في السودان ولما كان طعام رمضان مكلف يتطلب توفير المأكولات والمشروبات الخاصة التي لا يتحملها الفقراء ابتدعها العقل الشعبي بمعنى أن يتخفى الفقير بمشاركة الآخرين الطعام من دون أن يشعر بالحرج، وكل شخص يحضر ما تيسر هو وأولاده وضيفه، لذا سمي بالضرا أو الستر، فهو ستر للفقراء المتعففين حتى لا ينكشف حالهم في رمضان».
على الرغم من التمسك بعادة الضرا عن السودانيين إلا أنها تراجعت نوعاً ما في الأحياء الراقية وسط الخرطوم مثل حي العمارات والرياض والمنشية، وهي أحياء تسكنها طبقة الأثرياء، ويجاورهم الأجانب وأعضاء البعثات الدبلوماسية، أما في الأقاليم فهي على حالها لم تتأثر بالزمن.
وعند مصطفى بابكر «73 سنة» الضرا من طقوس رمضان التي ينتظرها الناس وقال لـ «الاتحاد»: «تناول الفطور في الضرا مع الجيران والأهل وعابري السبيل عادة ننتظرها بشوق

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©