الإثنين 20 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نار الغيرة» تحرق الحب وتشوي مشاعر النخوة!

«نار الغيرة» تحرق الحب وتشوي مشاعر النخوة!
6 يونيو 2010 21:01
لم يحظ موضوع أو ظاهرة اجتماعية أو حياتية بالاهتمام والتناول بالكتابة والبحث والتحليل مثلما حظيت “العلاقة الزوجية”، وما يكتنفها من تباين للثقافات والاختلافات الفكرية والثقافية والمجتمعية، ورغم ذلك فإننا نستشعر في أوقات كثيرة الحاجة إلى تناول علمي وموضوعي دقيق يستند إلى فهم عميق وعلمي لحقيقة النفس البشرية وطبائع الناس، وسيكولوجية كل طرف من طرفي العلاقة الزوجية. حظيت مؤخراً بقراءة واحدة من أروع المعالجات أو الكتابات التي تتناول مفهوم العلاقة الزوجية من منظور مختلف يستند إلى رؤية ومرجعية علمية وسيكولوجية جديرة بالتوقف عندها، في كتاب “الوجه الآخر للحب في الحياة الزوجية” للدكتور طارق عبدالله درويش، استشاري الطب النفسي بجامعة عين شمس، والمدير الطبي بجناح العلوم السلوكية “الطب النفسي سابقاً” في مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي. وكان الحوار الأسبوع الماضي عن “صراع الطبائع”، ونستكمله اليوم حول موضوعي”الغيرة والتبديل” في الحياة الزوجية. يوضح الدكتور درويش مفهوم الغيرة وتأثيراتها السلبية على الحياة الزوجية، ويقول: “الغيرة من المشاكل الشائعة، فكلمة الغيرة تستخدم بشكل تلقائي في كثير من المشاعر المتباينة، فيطلقها الناس على ذلك المزيج من التوتر والعصبية والإحباط الذي يصيب بعض الفتيات حين يشعرن بتميز إحدى زميلاتهن عليهن في منافسة ما، أو نجاحهن في نيل إعجاب الآخرين وجذب انتباههم في حين فشلن هن في ذلك، وتطلق أيضاً على ذلك الشعور بالنخوة وعزة النفس الذي يتميز به بعض الرجال، فيقال إن هذا رجل غيور على كرامته، كما يطلق على مشاعر القلق التي تصيب أحد المحبين حين يشعر أن اهتمام محبوبه به بدأ يتضاءل أو ينسحب تجاه شخص آخر، أو حين يشعر أنه بدأ يفقد مكانته عند الطرف الآخر، وهذا النوع الأخير هو بالطبع الذي نعنيه حين نتحدث عن الغيرة في العلاقة الزوجية، وكثيراً ما يقال إن المرأة بطبيعتها غيورة وأنها أكثر غيرة من الرجل، وقد تكون تلك المقولة صحيحة، لكن ليس في كل الأحوال، فالغيرة المرضية مثلاً تلاحظ أكثر في الرجال، كما أن الغيرة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشعور بالعجز، ونساء الجيل الحالي اختلفن كثيراً عن نساء الأجيال السابقة، كما اختلف الرجال، فقد تغير الوضع، وأصبح من الصعب تحديد سبب هذا التغير، هل أصبحت النساء أكثر قوة، أم صار الرجال أكثر ضعفاً، المهم أن الوضع أصبح مختلفاً وكثير من معتقدات الماضي أصبحت لا تناسب الحاضر. بغض النظر عن كل تلك الأمور”. أربعة عوامل ويشير الدكتور درويش إلى جانب مهم للغاية لفهم الغيرة، ويقول: “إن الغيرة من الممكن أن تصيب أي إنسان سواء كان رجلاً أم امرأة إذا توفرت لها أربعة عوامل، أولها التعلق الزائد مع درجة عالية من الاعتمادية، ثانياً أن يتولد شعور داخلي عميق بالضآلة في مقابل الطرف الآخر بمعنى أن يفقد الثقة في أن شريكه على قناعة كافية به، ثالثاً أن يكون في سلوك الشريك ما يثير الريبة بشكل أو بآخر، كعدم الصدق أحياناً والكذب في بعض المواقف، أو التبسط في التعامل مع الجنس الآخر أو الاهتمام المبالغ فيه بأحدهم، وهذه الأسباب الثلاثة كافية تماماً حين تتفاعل مع بعضها البعض بدرجات متفاوتة لأن تسبب الغيرة في نفس أي إنسان وبدرجات متفاوتة أيضاً، ولكن يأتي العامل الرابع ليخفف من روع تلك الغيرة ويهدئها، أو يزيد من اشتعالها ويعمقها، وهو الاستعداد الطبيعي لدى الفرد للثقة في الآخرين من عدمه، فإذا كان على درجة عالية من الحكمة ويحلل الأمور بعقلانية، وفيه سمات شخصيته على درجة عالية من الثقة في الآخرين، فإن غيرته ورد فعله يأتي في حدود معقولة وبقدر ما يستحق الموقف، ولكن إذا كان العكس هو الصحيح وكان على درجة متدنية من الثقة في الآخرين، فإن الشك يشتعل في قلبه وقد تصل الغيرة إلى مستويات عالية في بعض الناس المهيئين وراثياً لذلك، حيث يختل المنطق، فتتبدل الوقائع وتهتز الثوابت وتذوب الحقيقة، ويصاب الإنسان بما يمكن أن يطلق عليه الغيرة المرضية. تطرف الغيرة يضرب الدكتور درويش مثالاً لتطرف الشعور بالغيرة، ويقول: “لنرى ذاك الشاب الذي تقدم للزواج من فتاة بأسلوب تقليدي، حيث سمع من أحد الأقارب أن هُناك عروساً مناسبة على خلق وعلى قدر من الجمال، فذهب لرؤيتها بصحبة والدته، وقد لجأ أخيراً إلى هذا الأسلوب لأن كل الفتيات اللاتي عرفهن من قبل لا يرى أنهن يصلحن للزواج، وأعجبته الفتاة، أعجبه خجلها وبراءتها وهدوء طبعها واحتشامها، وتمت الخطوبة، وكانت لقاءاتهم في منزل العروس، ونادراً ما كانا يخرجان بصحبة إحدى أخواتها، ولم تلاحظ خلال تلك الفترة ما يثير الانتباه غير أنه كان أحياناً يسألها أثناء خروجهما لماذا تنظرين في هذا الاتجاه كثيراً أو هل تعرفين ذلك الشخص، وكانت تكتفي بالنفي أو بالقول إنها لا تنظر إلى شيء محدد، ولم تلق بالاً لهذه الأمور وكانت تفسرها على أنه كأي رجل شرقي يجب أن يكون غيوراً على من ستكون شريكة حياته، وبعد فترة خطوبة قصيرة تم الزواج. منذ الأيام الأولى بدأت تشعر أنه يحمل بداخله مشاعر جياشة تجاهها، وبدأ تعلقه بها يزداد، ولكن كانت تثيره بعض الأمور التي تبدو بسيطة، كأن تتحدث إلى النادل في المطعم بشكل مباشر وليس من خلاله، كما أنه دائماً ما يتابع نظراتها ليرى علام ستستقر، وبدأ يتأكد لها أنه بالفعل غيور، ولكنها كانت سعيدة بحبه لها وكانت تفسر هذه الغيرة على أنها تعبير عن حبه لها. كما أنها من صفات الرجولة التي تؤكد النخوة في الرجل الشرقي، ولأنها ليست من ذاك النوع المتحرر من النساء اللواتي ينزع إلى الاستقلالية تقبلت هذه الأمور بدرجة قليلة من المعاناة، وبدأت تنتبه لأن لا تفعل ما يثير غيرته، وأصبح خروجهما من المنزل قليلاً تجنباً للمشاكل ولكن مع ذلك لم ينته الأمر، فقد لاحظ مرة خلال إحدى الزيارات العائلية أنها تطيل النظر لأحد أصدقائه، وعند سؤالها أخبرته أنها لا تذكر هذا الأمر، ربما كانت شاردة الذهن، وبعدها بأيام بينما كانت تتحدث معه في بعض الأمور عبرت له عن إعجابها بأسلوب صديق آخر له في تعامله مع زوجته، فإذا به بدأ يضيق من تلك الزيارات، حتى أصبح لا يرغب فيها، وإذا أتاهم أحد الأصدقاء لا يظهر ترحيباً، ويكون متململاً، متوتراً، دائم النظر إلى زوجته يرصد سكناتها، حركاتها، وأيضاً نظراتها. وبدأت علاقاتهم الاجتماعية تتضاءل شيئاً فشيئاً حتى أصبح لا يطرق بابهم إلا الأقارب، لذلك كانت تسعد بزيارتهم كثيراً، ولفت نظره أنها شديدة الترحيب بأقاربه وإخوته، وكان يتساءل: لماذا هي سعيدة بزيارتهم لهذه الدرجة، فبدأت تثور المشاكل بينهما بعد تلك الزيارات، وبدأ الأقارب يشعرون بأن هُناك جواً من التوتر المشحون يسود زيارتهم لهما فبدأت زياراتهم لهما تقل، كما أنه كان يقابل رغبتها لزيارة أحد منهم بالرفض متسائلاً لماذا تريدين زيارة هؤلاء بالذات وأصبحوا يعيشون في عزلة اجتماعية شبه تامة، وبدأت هي تضيق ذرعاً بشكوكه وبالانغلاق الاجتماعي والتوتر الدائم الذي صاروا يعيشون فيه، والذي بدأ يؤثر على الأولاد، وبدأت تعاني الزوجة من نوبات من الملل والضيق، وخاصة مع كثرة الأولاد وزيادة الاحتياجات، ضاقت بهما سبل العيش، فنصحتها أحد صديقاتها بالعمل، وبذلك تضرب عصفورين بحجر واحد، المساندة المادية لزوجها، والخروج من الجو الكئيب الذي يخيم على المنزل، وطبعاً قوبل الاقتراح بالرفض، ولكن بعد إلحاح شديد، ونزولاً عن الحاجة المادية قبل الزوج على مضض. وبدأت الزوجة تستعيد توازنها النفسي، فهي اجتماعية بطبعها وتحب الناس وتتآلف معهم، ووجدت في العمل متنفساً اجتماعياً لها كانت في أشد الحاجة إليه، ولكن لم يمض وقت طويل، حتى بدأ زوجها يطالبها بترك العمل، فهو لا يشعر بالراحة وهي خارج المنزل لا يدري ماذا تفعل، وذات يوم ذهب إليها في العمل فوجد رجلاً واقفاً أمامها يتحدث معها وهي تنظر إليه مبتسمة، فقال من هذا الرجل فأخبرته أنه رئيسها في العمل، فسأل ماذا كان يقول لك، فأخبرته أنه يتحدث معها في أمر ما بشأن العمل، فقال لها متسائلاً في ريبة، وهل في العمل ما يضحك؟ وعاد يومها إلى المنزل مصمماً على أن تترك العمل ولكنها ولأول مرة ترفض له طلبه وتصمم على مواصلة العمل مبررة أن شكوكه ليس لها أصل في الواقع، واستمرت في العمل رغماً عنه، فهو لم يستطع منعها، ولكن بدأت حياتهما تأخذ منحنى آخر. فقد اشتعلت الغيرة في قلبه، وطغت على تفكيره، فصار يداهمها في العمل بصفة متكررة ويلاحقها بالتليفون من آن لآخر، كما صار يراقبها وهي ذاهبة إلى العمل وعند خروجها منه، وكانت الكارثة الكبرى عندما دق جرس التليفون ولم يرد عليه أحد، فساوره الشك في أن يكون رئيسها في العمل هو الذي كان على الطرف الآخر، فإذا بالأفكار تتلاحق في ذهنه، لتحيل في لحظات ذاك الشك إلى يقين، وبدأت تتولد بداخله قناعة أكيدة بصدق شكوكه على أنها على علاقة به، عندئذ ثار عليها ثورة عارمة مؤكداً لها أن شكوكه تأكدت وأنه على يقين أنها على علاقة به منذ أمد طويل، وطالبها بتصميم أن تترك العمل، ولكنها ثارت ورفضت وطلبت منه الطلاق، ولكنه رفض متعللاً بأنه لن يتركها ليخلو لها الجو مع عشيقها، فتركت له المنزل وذهبت إلى أهلها، بعد أن تيقنت من استحالة الحياة بينهما. ولم تمض بضعة أيام حتى عاد إليها طالباً الرجوع، معتذراً عن شكوكه فيها، واعداً بعدم تكرار ما حدث، وبضغط من الأهل عادت إليه، ولكن بشروطها هي، ولم يمض وقت طويل حتى عاد لشكوكه ودب الخلاف بينهما مرة أخرى، وهكذا استمرت الحياة بينهما في شد وجذب وعدم استقرار، بين انفصال ورجوع وطلاق ثم عودة، فهو ممزق بين غيرته عليها وتعلقه الشديد بها، وهي مترددة بين مشاعرها المتباينة كزوجة وأم تتمنى الحفاظ على كيان أسرتها وأولادها، وبين مشاعر اليأس والإحباط من شكوك زوجها المريض. وهكذا نرى كيف للغيرة التي هي أحد رموز الحب أن تتحور وتتوحش، فتسيطر علينا وتتملكنا، وتدمر حياتنا. ارتفاع درجة الشك إن أكثر درجات الغيرة تطرفاً قليلة الحدوث، وتحتاج إلى علاج نفسي متخصص، لكن هناك درجات أقل من الغيرة أكثر شيوعاً، وتؤدي أيضاً إلى معاناة الطرفين، والعلاج فيها يفرض على الطرف الغيور أن يكون أكثر وعياً بطبيعته، والمتمثلة في ارتفاع درجة الشك وعدم اليقين وفقدان الثقة في الآخرين، ومحاولة تحجيم تلك السمة بقدر ما يستطيع، كما أن كثيراً من العبء يقع على عاتق الطرف الآخر، حيث يتوجب عليه أن يوضح لشريكه دائماً، بالقول وبالفعل، أنه يكن له كل المشاعر الطيبة، ويؤكد له المرة تلو الأخرى أنه يمثل قيمة كبيرة له، كما يتوجب عليه أيضاً الالتزام الكامل في السلوك، والتحفظ في التعامل مع الآخرين، حتى لا يدع أي مجال لأن يتسرب الشك إلى قلب شريكه، فإذا عمل الطرفان بنفس مخلصة وبروح من المشاركة واستطاعا أن ينجحا فيما عليهما فعله، فمن المؤكد أنهما سيتمكنان من إنقاذ حياتهما الزوجية من خطر حقيقي يهددها. التبديل.. حيلة دفاعية يعرف الدكتور طارق درويش “التبديل” بأنه: “أحد الوسائل الدفاعية التي يستخدمها بعض الناس بشكل تلقائي على مستوى العقل الباطن لتهدئة المشاعر السلبية التي تصيبهم نتيجة تعرضهم لبعض الصعوبات أو الاحباط في حياتهم اليومية، والمعنى المقصود هنا ليس تبديل أمر مادي بآخر، بل تبديل الكائن أو الشيء الذي تسبب في المشكلة والذي تريد أن تصب عليه غضبك بكائن آخر، فحين يستثيرك إنسان ما، أو يحدث موقف ما، يستفزك، يحبطك، يؤذيك نفسياً بشيء أو بآخر، يتولد بداخلك شعور عميق بالغضب والثورة، هذا الغضب دائماً ما يكون موجهاً إلى هذا الكائن أو الشيء المتسبب في الإيذاء، ولكن إذا كان هذا الشيء غير محسوس أو ملموس بحيث لا تجد شيئاً مادياً توجه ثورتك إليه، أو كان شخصاً ذا مركز أو مكانة تحول دون قدرتك على التعبير عما يجيش في صدرك تجاهه، يظل غضبك حبيساً بداخلك، كنار متأججة تزيد من شعورك بالتوتر والعصبية وعدم الاستقرار إلى أن تجد لها منفذاً آخر للتعبير عنها. فيلجأ هؤلاء إلى البحث في مجتمعهم المحيط عن بديل يصبون فيه هذا الغضب. اختلاق المشاكل البعض الآخر يتخير شخصاً بريئاً ممن حوله ويتعامل معه كبديل لهذا الشخص أو الشيء الذي أثاره، فيصب عليه جام غضبه، ولكي يعطي لسلوكه هذا بعض الشرعية، يلجأ إلى اختلاق المشاكل معه، ودائماً ما يستبق ذلك بإعداد نفسه ذهنياً ونفسياً للنقمة عليه وتوجيه الثورة إليه، فيسترجع بعض الخلافات القديمة بينهما، ويأتي من الذاكرة ببعض المواقف التي نسيها الزمن والتي أثارت فيه وقتها مشاعر الألم والإحباط، ويتناسى تماماً كل ايجابياته ولا يرى فيه إلا السلبيات، حتى وإن كانت ضئيلة، ويبدأ في إطالة التفكير فيها حتى يشعر بالغضب يتنامى متسارعاً بداخله تجاهه، وانسحاب كم الغضب المتواجد بداخله من المسبب للمشكلة إلى البديل، كل هذا يتم في العقل الباطن دون وعي منه، وفي فترة بسيطة ولكنه يؤدي في النهاية إلى ثورة حقيقية موجهة إلى هذا الشخص البديل. هكذا تتنامى الثورة بداخلنا على من نحب حين يصيبنا الإحباط في حياتنا العامة، وكثيراً ما يعتذر الزوج بعد أن يعود لصوابه وتهدأ ثورته، ولكن من المؤكد أن مثل هذه المواقف حتى وإن تسامحت الزوجة ومر الأمر بسلام، فلابد أنه يترك أثراً ما في نفسها يحتاج لفترة غير قصيرة من الوقت حتى تعود الأمور إلى ما كانت عليه، ولهذا فتكرار مثل تلك المواقف، يوجد غصة دائمة في نفس الزوجة، تؤثر بشدة على مشاعر المودة والتآلف التي كان ينبغي أن تحتفظ بها ناحية زوجها، وهذا يفسر إلى حد كبير كثرة الخلافات التي تدب بين بعض الأزواج حين تتزايد المشاكل الخارجية عليهم أو يضيق بهم الحال وتقسو عليهم ظروف الحياة، وبدلاً من أن يتكاتف الاثنان ويساند كل منهما الآخر إلى أن تمر المشكلة في سلام، يتخذ كل منهما من الآخر مجالاً للتنفيس عن الغضب المتأجج بداخله، مما يؤدي إلى اتساع هوة الخلاف بينهما وتعقيد أكثر للمشكلة، وبدلاً من أن يكون كل منهما للآخر في مثل تلك الظروف بلسماً ودواء يصبح كل منهما للآخر داء على الداء. كيفية الاختيار يتم اختيار الشخص “البديل” بشكل تلقائي دون أي توجيه واع لكن يجب أن تتوفر فيه عدة عوامل، أولها أن يكون وثيق الصلة بصاحب المشكلة، بحيث يضمن له شكل العلاقة بينهما، التعبير الحر عن حجم الغضب المتأجج بداخله، ثانياً أن تكون العلاقة بينهما علاقة مركبة، بمعنى أن يكون فيها من العمق والتناقض ما يوفر له سهولة استخراج السلبيات من الذاكرة ليغذي بها ثورته عليه، ثالثاً أن يحوي من الضعف أكثر مما يحوي من قوة مقارنة بصاحب المشكلة، لأنه لو كان يملك شجاعة مواجهة من هم أقوى منه لكان واجه المسؤول الأساسي وما أصبحت هناك مشكلة من الأصل، وفي الغالب ما تتوفر تلك العوامل مجتمعة في طرفي العلاقة الزوجية تجاه الآخر، وبالتالي يصبح الزوج أو الزوجة هو المرشح الأول للقيام بدور البديل عند الآخر. وكثيراً ما تكون تلك النوعية من المشاكل سبباً مباشراً في فشل العلاقة الزوجية، لأن من البديهي أن المشاكل التي لها ما يبررها يمكن تفنيد أسبابها ومحاولة حلها، ولأنها مفهومة، فهي تعطي مجالاً أكبر للتسامح، وبالتالي دائماً ما يمكن التغلب عليها، ولكن المشاكل التي لا يبدو أن لها ما يبررها، وتأتي بشكل غير متوقع، يستقبلها الطرف الآخر على أن فيها مساساً بالكرامة، ولأنها غير مفهومة فالتسامح فيها مجاله محدود، وتكرارها يفسد العلاقة الزوجية ويزيد من احتمالات الانفصال، من المؤكد أن توافر بعض السمات كالموضوعية والحكمة يقلل كثيراً من اللجوء إلى استخدام هذا النوع من الوسائل الدفاعية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©