السبت 18 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نجلاء العوضي: مبدأ الحرية المطلقة مرفوض و «الكوتا» المدروسة في مصلحة المرأة

نجلاء العوضي: مبدأ الحرية المطلقة مرفوض و «الكوتا» المدروسة في مصلحة المرأة
11 يناير 2011 20:03
تمتاز المرأة في دولة الإمارات بمكانة مرموقة في العلم والعمل والإبداع، وفي مختلف مجالات الحياة والمشاركة في العمل والبناء. ولكن من يعرف التاريخ وكفاح الأجيال في الماضي، رجالا ونساء، يدرك أن نهضة المرأة في هذا البلد لم تأت من فراغ، بل هي تقوم على أساس متين وراسخ من التقاليد والعمل والإخلاص الذي استمر عدة أجيال. عندما كان الأب يضطر للغياب عدة أشهر في رحلات الغوص والصيد والتجارة والأم هي التي تقوم بكل شيء من التربية ورعاية الأسرة إلى تأمين العيش وسلامة الأولاد وأمانهم. قدرة المرأة الإماراتية تلك امتدت إلى الحاضر فظلت تقف إلى جانب الرجل لبناء المجتمع الإماراتي. “الاتحاد” التقت عضو المجلس الوطني، ونائب رئيس مؤسسة دبي للإعلام، ومدير عام قناة “دبي ون” الدكتورة نجلاء العوضي بوصفها نموذجا على إمكانيات المرأة الإماراتية، وقدرتها على الوصول إلى أماكن مرموقة مدفوعة بالجهد الذاتي والرعاية الأسرية والبيئة المجتمعية،وأجرت معها الحوار التالي: ? تميز بنت الإمارات في مختلف ميادين العلم والعمل يحظى بالاهتمام والإعجاب، فكيف تنظر الدكتورة نجلاء العوضي إلى البدايات؟ وما هي أهم العوامل التي رافقت مسيرتك منذ الطفولة، وكانت الدافع وراء النجاح الذي وصلت إليه؟ ? أرى أنني مازلت في بداية الطريق، كل يوم أحاول أن أتعلم من البارحة، وأن أتطور من مهاراتي وإنجازاتي. ولا شك أن موضوع التربية أثر كثيرا علي وعلى شخصيتي، وعلى نظرتي للحياة، فأنا تربيت على يد الوالد والوالدة، ولم يكن عندنا خدم في المنزل، ودائما أقول إن الأم والأب لهما دور جوهري في تشكيل نظرة الطفل للدنيا وللمجتمع. وصحيح أننا نتكلم عن مجتمع ذكوري. لكن في بيتي لم أكن أحس به مطلقا. تربينا سواسية لا فرق بيني وبين أخي، علينا مسؤوليات ولنا حقوق، وتعلمنا أهمية التعليم والمساواة بين الرجل والمرأة. وأن ما يميز الإنسان ليس جنسه، بل قيمه ومدى عطائه وإحساسه بالمسؤولية تجاه المجتمع وتجاه الأهل. ? ما تأثير المرحلة الجامعية على مسيرتك المهنية؟ ? حملت معي مبادئي التي اكتسبتها في البيت إلى المدرسة والجامعة، ومنها انطلقت وطورت فكري، وكنت أحب قراءة الكتب التاريخية التي تناولت حركات النضال لحقوق الأفارقة في أميركا الشمالية، وأفريقيا الجنوبية، وكنت أميل إلى الكتابة والقراءة. ولم يكن مسموحا لنا بمشاهدة أي برامج على التلفزيون فالوالد كان مهتما بدور الإعلام في تثقيف الأطفال، وكان حريصا على جعلنا نتابع البرامج الوثائقية عن التاريخ الإسلامي والحضارة العربية والإسلامية، كونت رصيدا معرفيا. وخلال دراستي الجامعية كانت نظرتي للحياة واضحة، وكنت أشارك في نشاطات لامنهجية في الجامعية التي التحقت بها في الولايات المتحدة، حيث وجدت الكثير من الفرص، واكتشفت كيف يمكن للطلبة أن يكونوا أفرادا فاعلين في المجتمع. وكان في جامعتي جمعيات مختلفة من بينها جمعية الطلاب المسيحيين والجمعية الطلابية للفنون، إلى جانب جمعية الطلاب المسلمين ولكنها كانت جمعية مهملة لا أحد يكترث بها فأوليتها عنايتي واهتمامي. بالإضافة إلى مشاركتي في جمعية حقوق الإنسان، ومن خلال مشاركاتي تلك كنت اكتشفت حبي للعطاء واطلعت على آليات العمل. واستطعت من خلال انضمامي للجمعيات أن أوازن بين دراستي الأكاديمية والتزاماتي تجاه المجتمع المدني، ومن خلال عضويتي فيها اكتشفت أيضا أهمية المبادرة، دون أن يقول لك أحد “بادري”. واكتشفت الكثير من سمات القيادة في نفسه بمعنى القدرة على العطاء. وخلال وجودي في الجامعة كنت أنوي بعد أن أتخرج حاملة درجة البكالوريوس في التاريخ، الذي أعشقه أن أكمل دراسة الماجستير في القانون والمحاماة، لأني دائما كنت أميل إلى تطوير دور المرأة في المجتمع العربي لأنه فعلا فيه تحد. خاصة أن المرأة لم تنل كل حقوقها بعد وصحيح أن الكثير من النساء وصلن وأنجزن الكثير ونحن نفتخر بهذه الإنجازات، لاسيما أنني أعتبر المرأة الإماراتية محظوظة لأن لديها دعما واضحا من القيادة فالقرار السياسي يقضي بدعم دورها وتفعيلها. وأن يكون لها دور فعلي وليس شكليا فقط. لكن عندما تنظر إلى العالم العربي بشكل عام، نجد الكثير من التحديات تعترض حقوق المرأة. وأنا من الأشخاص الذين يحبون مواجهة التحديات ما دام فيها فائدة للبلد والمجتمع. أعتقد أنه يوجد كثير من النساء عندهن الرغبة في أن يكن عناصر فاعلة في المجتمع، لكن لم يكن عندهن دعم من أهلهن. وقد كنت محظوظة بأن عائلتي لم تكن تميز بين البنت والولد، فالمعيار دائما كفاءة الإنسان ومدى عطائه وإحساسه بالمسؤولية. ويجب على الإنسان أن يكون صاحب إرادة ذاتية، لأنه مهما توافر الدعم من الأهل، بدون إرادة شخصية، لن يكون هناك تطور. وأقول إنني لم أصل لهذا الموقع بسهولة، فالإنسان الذي يشغل منصبا بسهولة لا يمكن أن يقدم المطلوب منه بالكفاءة المطلوبة، ومستحيل أن يدوم في المنصب لأن أساسه غير قوي، وإن وصل بسبب الواسطة نظلم المجتمع لأنه لا نقدر أن نقدم شيئاً ملموساً للمجتمع، وشيئاً يدوم. نحن دائما نتكلم في دولة الإمارات عن التنمية المستدامة، وكما يقال إنجازاتنا سريعة، لكن دائما نظرتنا بعيدة المدى، نحو مستقبل أفضل. ? كيف وجدت الدراسة بين الغرب والشرق، خاصة أن لكل أمة نظرة خاصة في تاريخها؟ ومن خلال دراستك هناك، إلى أي حد هم يتفهمون قضايانا؟ ? من الصعب أن أعمم، لكن عن تجربتي في أميركا تعرفت إلى كثير من الأفراد ممن أبدوا تعاطفا مع القضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية، كما أنهم يملكون فهما للدين الإسلامي البريء من الإرهاب. لكني اكتشفت أننا كعرب مقصرون جدا في إيصال رسالتنا وتمثيل قضايانا وتاريخنا وحضارتنا في العالم الغربي، سواء كان العرب المتواجدون في الغرب طلبة أو عاملين. وأنا أعتقد أن كل عربي ومسلم يجب أن يكون سفيرا لبلاده، وللحضارة العربية والإسلامية، وأن يحس بالمسؤولية. أكيد أن الحكومات تعمل في هذا الإطار، لكن علينا نحن كأفراد في العالم العربي أن نشعر بأهمية عملنا في توصيل حقائق تاريخنا وحضارتنا وقضايانا. والواقع أنه ليس علينا دائما القيام بمشاريع ضخمة، فأحيانا الحوار بين الأفراد يكون بمثابة مشروع ضخم قادر على التغير والتطوير. وأتمنى من جيل الشباب أن يشعروا بهذه المسؤولية، و يسهموا في بناء الجسور بين الشرق والغرب. لذلك أقول إن التقصير من عندنا، وهذا يؤدي إلى تطور سلبي تجاه قضايانا والتفسير الخاطئ للتاريخ فالمحاضرات التي تلقي في الغرب عن الشرق والمجتمعات الإسلامية مليئة بالأكاذيب ومضللة، ولكني متفائلة بالخير المقرون بالعمل. ? تعملين في بيئتين مختلفتين، فعملك كعضو في مجلس الوطني يكون ضمن القوانين والتشريعات، فيما عملك في الإعلام يتيح لك الحرية والتنوع، فكيف توفقين بينهما؟ ? الواقع أنه لا يوجد تضارب، خاصة إذا كان لدى الشخص حس وطني ودائما يفكر في المصلحة العامة، وأعتقد أنه لا توجد حرية مطلقة في كل المجتمعات، فالحرية مرتبطة بالمسؤولية، وعندما ننظر إلى الإعلام والحرية والتشريع ودور البرلمان والنواب بهذه الطريقة لا نرى أنه يوجد تضارب. وعندما يتم تعيين أو انتخاب شخص في المجلس الوطني، فالأمل أن يكون لدى هذا الشخص فكر تنويري بحيث يفهم دور الإعلام، ويفهم مبدأ الحرية. وأرى أنه من الخطأ المقارنة بين دور الإعلام والبرلمان في الإمارات وبين دروه في الدول الغربية. وأرى أن ما وصلنا إليه حاليا يعد مناسباً لنا كمجتمع إماراتي. وأنا لا أقول إننا وصلن القمة في الإعلام أو في البرلمان، بالعكس فأمامنا مسيرة طويلة نحن ماضون بها. ?كيف ترين الإعلام العربي بشكل عام من خلال توجهه للآخر؟ وهل توجد حرية في الإعلام العربي؟ ? كما قلت سابقا مبدأ الحرية المطلقة مبدأ خاطئ، والصحيح هو حماية المصلحة العامة في المجتمع، والحفاظ على كرامة الإنسان. وأحب أن أعطي مثالا على عدم وجود حرية مطلقة في العالم أجمع، سواء كان الإعلام العربي أو الغربي، إذا أخذنا قناة “بي بي سي” كنموذج نرى أنها عندما تغطي الخبر تواكب السياسية الخارجية للحكومة البريطانية، فعندما يتحدثون عن القضية الفلسطينية لا يقولون كلمة استشهاد. وأنا لا أؤيد الحرية المطلقة، لأن الإنسان الذي يتصرف بحرية مطلقة لا يحس بالمسؤولية، ونحن لا نتوقع أن كل إنسان يملك الحكمة بألا يؤذي غيره من أفراد المجتمع، ولا بد من وجود إطار قانوني لجميع الحريات. والواقع أن الإعلام يتبع قطاعا خاصا له مجلس إدارة، وهذا المجلس له توجه، وهذا يظهر في برامج بالمؤسسة، فإن كانت توجهات ربحية أو سياسية أو توجهات لتنمية المجتمع، ولا يجب أن يكون عندنا توجها سلبيا، فالتقييم يجب أن يكون مبنيا على مدى تأثير هذا الإعلام على المجتمع: هل تأثيره إيجابي؟ هل أسهم في تنمية المجتمع وتنوير العقول؟ بعد ذلك نحكم على الجهات التي تدير الإعلام. ? هل تفكرين بأن تستمرين في المجلس في المرحلة القادمة؟ ? لا أستطيع أن أفتي في هذا الموضوع. بالتأكيد أحب عملي وخدمة مجتمعي، وكنت ومازلت أخدم المجتمع عن طريق عملي في الإعلام، وأنا لدي الكثير من الطموحات، وأحب أن أنمي الكثير من المهارات في نفسي، كالمهارات الأكاديمية والتعليم لأني أحب المساهمة في قطاع التعليم، وعندي مشروعي الخاص، آخذ قراراتي على مبدأ عام، وأضع نفسي في المكان الذي يمكن أن أسهم فيه بفاعلية، سواء كان في المجلس الوطني أو في شركة خاصة، أو في قطاع الإعلام الحكومي. وأنا دائما أرى الأشياء من منطلق أن الحياة قصيرة، والإنسان يجب أن يكون في المكان المفيد ليسهم بتميز. المؤسسات الإعلامية لا شك أن دخول المرأة في مجال الإعلام شهد تطورا كبيرا، فأعداد المواطنات العاملات في الإعلام تضاعف خلال العشر سنوات الماضية. وهذا طبعا راجع للتعليم، فهناك برامج أكاديمية للعمل في القطاع الإعلامي في العديد من الجامعات. ووجود مسار أكاديمي في هذا الجانب، يساعد في إيجاد نوع من التقبل للعمل الإعلامي في المجتمع. والنظرة للإعلام اختلفت عن ذي قبل، خاصة فيما يتعلق بدوره وأهميته في تنمية المجتمع وتثقيفه. ونحن فعلا محتاجون لعقول تستوعب مدى أهمية الإعلام في تنمية المجتمعات العربية والإسلامية، وأقول بكل أمانة أنني ما كنت لأصل لهذا المنصب لولا دعم من القيادة العليا لتفعيل دور المرأة واندماجها بالمناصب القيادية. لأننا ما زلنا في مجتمعات متحفظة. والثقافة السائدة في المؤسسات الإعلامية، في ثقافة ذكورية. وأنا أرى أن المهم أن يكون الشخص كفؤا بغض النظر إن كان رجلا أو امرأة ليتولى منصبا ما. وللأسف مازالت هذه الأنظمة غير مفعلة داخل المؤسسات الإعلامية، بالنسبة لي حصلت على فرصتي بسبب عملي في فريق متميز، فاكتشفني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي وأعطاني الفرصة لإدارة إحدى المؤسسات الإعلامية المحلية الرائدة وهي مؤسسة دبي للإعلام. «الكوتا» النسائية أنا مع مبدأ “الكوتا” المبنية على الكفاءات، فلا يعني توظيف 30% من النساء في المؤسسة دون أن يكون لهن دور فعال، وأنا أؤمن بنظام الكوتا الفعال والقائم على الكفاءة، وأقول بكل أمانة إن تنمية المرأة بشكل فعال في القطاعات جميعها، مشروط بوجود سياسات واضحة تلزم هذه المؤسسات بدمج صاحبات الكفاءات، وليس شكليا فقط بل يجب أن تستند إلى سياسات صارمة وآليات واضحة تضمن وضع المرأة المناسبة في المكان المناسب.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©