الأحد 26 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وكالات العون الأميركية في باكستان

28 ابريل 2012
نجا "خليل أفريدي" بأعجوبة بعدما ألقى مسلحون قنبلة يدوية على موكبه في باكستان، والسبب كما يقول هو رغبتهم في وقف تعاونه مع منظمات أميركية تعمل في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، ولأنه في نظرهم أصبح مرتبطاً بالمناحين الغربيين المشكوك في أمرهم. ولأكثر من ثمانية أعوام، عمل خليل موظفاً للإغاثة في معسكر "خيبر"، المنطقة الحدودية مع أفغانستان والممر الاستراتيجي الذي يوصل المؤن إلى الجنود الأميركيين في أفغانستان. ومع أن خليل يعمل مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي المنظمة المعروفة على الصعيد الدولي بسجلها في مجال المساعدات الإنسانية، فإنه في ظل المشاعر المعادية للولايات المتحدة في المنطقة يضطر وزملاؤه ،كما يقول، إلى "إخفاء اسم الوكالة عن المشاريع التي تمولها في المنطقة". فأمام التوتر الحاصل في العلاقات الباكستانية الأميركية، بالإضافة إلى المشاعر المناوئة لأميركا، تجد المنظمات الأميركية صعوبة في إيصال مساعداتها إلى المناطق النائية، لاسيما في الشريط الحدودي القبلي، هذا بالإضافة إلى تهديد حياة عمال الإغاثة الذين يعملون مع المنظمات الأميركية. وعلى غرار خليل، يشير "شاهزاد" الذي يشرف على مشروع من تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أنه حريص على عدم ذكر اسم الوكالة لأن المسلحين كما يقول "يعتقدون أننا جواسيس لأميركا، لذا يهددون حياتنا باستمرار". وربما لهذا السبب قررت الوكالة الأميركية عدم فتح مكتب لها في المناطق القبلية والانتقال بدلاً من ذلك إلى مدينة بيشاور المجاورة. ولتفادي التهديدات الأمنية والصعوبات المرتبطة بتنفيذ المشروعات في المنطقة، تلجأ الوكالات الأميركية إلى التحايل، وهو ما يوضحه مهدي علي خان، مدير التواصل بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية في باكستان، قائلاً: "نلجأ إلى إخفاء شعار الوكالة عن مشروعاتنا، رغم أنها تنص على إبرازه، وذلك تفادياً للمشاكل". ويضيف المسؤول أن الولايات المتحدة وباقي المسؤولين الأميركيين يودون لو يبرزوا الجهود التي تبذلها أميركا في المناطق الحدودية لجلب التنمية وإقامة المشاريع، لكن ذلك غير ممكن في المناطق القبلية، لذا نكتفي بعرض الشعار في المدينة وحجبه في الريف، مخافة استهدافنا من المسلحين الرافضين للوجود الأميركي من أي نوع حتى لو كان في إطار تقديم المساعدات الإنسانية. لكن البعض الآخر ينتقد المقاربة التي تنتهجها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ومن بينهم "شاد بيجام" التي حصلت على الجائزة الدولية للنساء الشجاعات من قبل وزارة الخارجية الأميركية، وذلك بقولها: "تركز الوكالة الأميركية على إبراز اسمها وربطه بجهود التنمية في المنطقة"، مضيفةً أنه في الفترة الأخيرة قامت بتنظيم حملة لتوعية الناس وزعت خلالها منشورات تحث الأهالي على دعم المشاريع الإنسانية والوقوف إلى جانبها، إلا أن الوكالة الأميركية "أصرت على إبراز شعارها في المنشورات الموزعة، ما أدى إلى نفور الناس". وتقول "بيجام" إنه كان عليها الدخول في نقاش طويل مع الوكالة الأميركية حول حجم الشعار والحاجة إلى وضع العلم الأميركي، لأن "الأهالي هنا يكرهون الولايات المتحدة بسبب سياستها الخارجية، ومن شأن رفع العلم الأميركي على المدارس أو المشروعات التي تنجزها الوكالة أن يهددها تماماً ويفضي إلى مقاطعتها أو حتى استهدافها". وقد وصل الأمر بالمنظمات الدولية الأخرى العاملة في باكستان إلى مقاطعة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالنظر إلى العداء المستحكم في البلاد ضد الولايات المتحدة، وهو ما يؤكده محمد تحسين الذي يدير "شراكة جنوب آسيا"، وهي شبكة تضم أكثر من ألف منظمة إنسانية تعمل في باكستان، قائلاً إن العمل مع الوكالة الأميركية قد يأتي بنتائج عكسية ويهدد مشروعات التنمية التي ننجزها، بل الأكثر من ذلك يضيف تحسين أن عمال الإغاثة يشتكون من ارتباط المساعدات التي تقدمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بمتطلبات سياسية، وهو ما يعقد الوضع أكثر. ويرجع بعض القادة في باكستان الصورة السلبية للوكالات الأميركية العاملة في باكستان، ليس فقط إلى بعض الحوادث التي ترتكب وتسيء إلى الولايات المتحدة، بل أيضاً إلى ضعف القيادة السياسية نفسها. وفي هذا السياق تقول بشرى جوهر، البرلمانية الباكستانية، إن "المتشددين يعملون بكل حرية وتُعطى لهم الفرصة لانتقاد الولايات المتحدة والهجوم عليها من قبل بعض الدوائر المتنفذة في الدولة الباكستانية"، محيلة إلى الجيش الذي يُنظر إليه على أنه صاحب القرار الحقيقي في البلاد. وحسب وثائق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية فإن قانون الشراكة المتقدمة مع باكستان لعام 2009 يتيح للحكومة الأميركية تقديم مساعدات اقتصادية وتنموية وديمقراطية تصل قيمتها 1.5 مليار دولار سنوياً وذلك ابتداءً من 2010 وحتى 2014 لتصل في النهاية إلى 7.5 مليار دولار. وعلى مدار السنتين الماضيتين أنفقت الوكالة الأميركية 2.6 مليار دولار، أما في عام 2011 فقد أعادت الوكالة صياغة استراتيجيتها تجاه باكستان لتركز أكثر على النمو الاقتصادي وعلى قضايا دعم الطاقة والصحة والاستقرار. لكن رغم هذه الجهود، يرى المراقبون أن الحكومة الأميركية فشلت في تغيير التصورات السلبية السائدة لدى الجمهور الباكستاني تجاه أميركا، وهو ما يؤكده رضا رومي، المعلق السياسي، قائلاً: "كانت أمام أميركا فرصة كبيرة في باكستان، وكان بإمكانها الانخراط في برنامج لتقديم المساعدات، لكنها جعلته رهيناً بالصراعات حول السياسية الخارجية، وبالاستراتيجية العسكرية لباكستان في المناطق القبلية، الأمر الذي غذى الاعتقاد لدى الرأي العام بأن غرض أميركا من تقديم المساعدة تعزيز أجندتها في المنطقة على حساب المصالح الباكستانية". طه صديقي إسلام أباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©