الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

كرة الإمارات.. «البحث عن الذات» !

كرة الإمارات.. «البحث عن الذات» !
1 أكتوبر 2019 00:03

معتز الشامي (دبي)

مع انطلاقة الموسم الثاني عشر، تعود الاستقلالية التامة لإدارة منظومة الكرة الإماراتية، تحت مسمى رابطة دوري المحترفين، التي كانت حاضرة عند انطلاق مشروع الاحتراف موسم 2008-2009، ثم تم حلها بقرار الهيئة مع عام 2011، لتتحول بعدها إلى لجنة داخلية ضمن لجان الاتحاد، مع التمتع بـ«استقلال جزئي» في إدارة شؤون مسابقات المحترفين، قبل أن تعود تلك الاستقلالية الكاملة والتامة، بإشهار جديد لرابطة سيكون لها صلاحيات أوسع لم تكن ممنوحة للنسخة الأولى منها عند تطبيق الاحتراف.
وقبل بداية الموسم الـ12 في الاحتراف، ومع تطور العمل في إدارة منظومة الاحتراف، حصل دورينا على لقب أفضل دوري محترف في القارة من الاتحاد الآسيوي، بعد تفوق لجنة دوري المحترفين «المسمى القديم للرابطة» في الإدارة الاحترافية، لتحل في صدارة القارة ضمن جوائز الاتحاد الآسيوي الممنوحة للدوريات المحترفة، وذلك قبل عام مضى.
لكن رغم التفوق الإداري في منظومة الاحتراف، إلا أن واقع الحال بالأندية، يشير إلى أن السلبيات لا تزال موجودة، وتحتاج لمزيد من الخطط للتطوير وتحقيق النهوض الحقيقي، الذي يمكن أنديتنا من المنافسة القارية سنوياً، ما دفعنا لفتح ملف مناقشة أهم الجوانب المطلوب العمل عليها بمزيد من التركيز، لا سيما أن كرة الإمارات تحتاج بالفعل إليها، إذا ما أرادت التطور والنهوض، وتحقيق نقلات في الاحتراف، تضعها في مصاف الدول المتطورة على مستوى آسيا، والتي باتت دورياتها قوية للغاية فنياً وإدارياً ومالياً.

لا خلاف على أن دورينا حقق تطوراً ملحوظاً مقارنة بالمستويات التنظيمية والإدارية والفنية قبل 4 سنوات مضت، غير أن التطور في الاحتراف يتطلب أيضاً عملاً أكثر احترافية، في العديد من جوانب التطبيق العملي المتبع في الدوريات التي سبقتنا بسنوات كثيرة.
ويعد الجانب المالي، أحد أهم ملامح التطور الإداري في منظومة الاحتراف، مع وجود رابطة مستقلة تدير مسابقات الأندية المحترفة، وتسعى لتحقيق دخل استثماري، تقوم بإعادة توزيعه على الأندية، لأنه يمكن اعتبار الجانب المالي، عصب الاحتراف بشكل عام، وهو ما سنلقي عليه الضوء في الحلقة الأولى من ملف الإجابة عن سؤال: «ماذا تريد الكرة الإماراتية» لتحقق التطور المطلوب بعد استقلالها عن اتحاد الكرة في رابطة تدير شؤونها.
ويعتبر هذا الملف تحديداً من الملفات الغامضة في دورينا، إلى حد يصعب معه التوصل لرقم رسمي واحد، حول صفقة من الصفقات التي يتم إبرامها، سواء في أسعار اللاعبين الأجانب أو المواطنين.
وما زاد من سلبية المشهد، تضارب الأرقام بين حجم الإنفاق في الأوراق الرسمية المقدمة للاتحاد الآسيوي، وبين تلك المتعارف عليها في موقع عالمي بحجم «ترانسفير ماركت» وبين الدراسة العلمية، التي سبق وأعدتها لجنة دوري المحترفين للتوصل للقيمة السوقية لدورينا.
ويعكس هذا التضارب، وهو ما شدد عليه خبراء في إدارة المنظومة الاحترافية، وقد سعينا لاستطلاع رأيهم، حيث شددوا على ضرورة تطبيق سياسة الشفافية المالية، وتحديد آليات يتم من خلالها تقييم أسعار اللاعبين لا سيما المواطنين، بعدما وصلت أسعار بعض اللاعبين المواطنين، إلى ضعف ما يحصل عليه لاعب أجنبي يتعاقد معه أحد أندية المقدمة، وفي المتوسط بات سعر اللاعب المواطن يزيد عن الأجنبي بأكثر من مليون يورو، فمن إذا يقيم من؟ ومن المسؤول عن كل هذا الغموض المالي في التعامل بدورينا؟
وأوصت بعض الآراء، التي استطلعتها «الاتحاد» لخبراء في إدارة الدوريات المحترفة بالقارة الآسيوية وأوروبا، بضرورة أن يتكامل عمل رابطة المحترفين، مع عمل الأندية والاتحاد، مع ضرورة تحول الأندية لنظام الانتخاب بدلاً من التعيين، كون التعيين لا يفرز عادة كوادر مؤهلة قادرة على تحقيق تطلعات الاحتراف في الأندية بشكل كامل، حيث لا يمكن لهاوٍ أن يدير «محترفين»، وذلك من واقع نتائج أداء الأندية التي تأتي إداراتها بالانتخاب، حتى لو قامت لاحقاً بتعيين إدارة تنفيذية تقود العمل اليومي داخل النادي.
وتشير إدارة الاحتراف بالاتحاد الآسيوي، إلى أهمية وجود نوع من الرقابة المالية على نفقات الأندية المحترفة، وأن يكون الإعلان عن موازنات الأندية بشكل شفاف وصريح وعلني، هو من مبادئ الاحتراف، التي يجب الحفاظ عليها لأي دوري يسعى للنهوض والتطور.
وأوضحت إدارة الاحتراف الآسيوية، أن متوسط الإهدار السنوي لموازنات الأندية التي لا تعلن بشفافية عن ميزانياتها الحقيقية وكيف أنفقتها تصل إلى 20%، بحسب شركة «ديوليت» العالمية، والتي أجرت بحثاً دقيقاً على آلية عمل الجانب المالي في الدوريات الآسيوية المحترفة، فضلاً عن خبراتها في التعاطي مع الجوانب المالية بأوروبا.
وبدأت رابطة المحترفين، دراسة بعض الأفكار والمقترحات، المتعلقة بتهيئة الأندية لتطبيق الالتزام بـ«الميزانية الصفرية»، لمنع تدهور الإنفاق والتعرض لتراكم الأعباء المالية والديون، حيث يشير تقرير لإدارة الاحتراف الآسيوية، إلى أن الإعلان عن أسعار الصفقات الحقيقية هو أمر مطلوب لمزيد من الشفافية اللازمة، خاصةً وأن عدم الإعلان عن ذلك يعتبر ظاهرة معروفة في غرب آسيا عموماً، وبين دوريات الخليج على وجه التحديد، وهو ما شدد عليه موهاجان ناير، مدير إدارة الاحتراف في الاتحاد الآسيوي، والمسؤول عن إدارة نظام تراخيص الأندية الآسيوية المحترفة.
وأكد ناير، أن واقع الاحتراف بات يفرض ضرورة وجود شفافية مالية كاملة وتامة داخل الدوريات المحترفة، وقال: «المال هو عصب أي دوري محترف، وخاصة أن ضبط الإنفاق بشكل سليم، ومعرفة الدخل الحقيقي للأندية، والأرقام التي تنفقها على تعاقدات اللاعبين للفرق الأولى، وتلك التي تنفق على التطوير والأكاديميات وفريق الرديف وتعاقدات المدربين وباقي أوجه الإنفاق، يفيد كثيراً في تحديد مكان الخلل».
وتابع: «أرى أن أول طريق النجاح لأي دوري محترف، هو أن يتمتع بشفافية كاملة في الجانب المالي، فضلاً عن ضرورة وجود رقابة مالية حقيقية على الإنفاق، بحيث يتم منع النادي المديون من الإنفاق بشكل زائد بصورة تؤدي لإهدار أموال الكرة في صفقات بعضها يكون غير مفيد فنياً، كما لا يحقق عوائد مالية».
وشدد ناير، على أنه من بين التجارب الاحترافية في آسيا، تعتبر التجربة اليابانية هي قمة التجارب الناجحة، والتي يجب أن تستفيد منها باقي الدوريات، خاصة من حيث الإفصاح المالي عن الإنفاقات في الأندية، والتي يتولاها مسؤولون يأتون إليها بالانتخاب من بين أعضاء النادي، وقال: «هناك تجارب مثالية في الشفافية المالية بين دوريات آسيا، منها اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، ومؤخراً باتت الصين تسير على نفس الخطى، وأرقام الأندية الصينية خير دليل على ذلك».
كما أشاد ناير بتطور الاحتراف الإماراتي، لا سيما في الجانب التنظيمي والإداري للأندية المحترفة وقال: «رابطة المحترفين الإماراتية حصلت على لقب الأفضل في آسيا العام الماضي، متفوقة على روابط لها باع طويل، وأعتقد أن آسيا كلها تعرف مدى تطور نظام التراخيص الإماراتي للأندية المحترفة».

الشنطي: الإفصاح «المالي» بحاجة إلى قانون ملزم من الاتحاد
أكد شاهر الشنطي، المدقق المالي في جهات حكومية وخاصة، أن عدم فرض اتحاد الكرة لقانون ملزم على شركات كرة القدم للإفصاح عن الميزانيات والصرف المالي، جعل الأندية ليست ملزمة بالكشف عن قوائمها المالية، إلى جانب غياب مبدأ اللعب المالي النظيف من قبل الاتحادين الآسيوي والدولي لكرة القدم على غرار ما يفعله الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وهو ما فاقم من المشكلة وجعلهما شريك في عدم إلزام الأندية بالالتزام بالصرف وفق الميزانية وغياب الشفافية عن الأرقام المالية الحقيقية.
وأوضح الشنطي، أن الشركات المساهمة العامة ملزمة بالكشف عن قوائمها المالية بحكم إدراجها في الأسواق المالية المعتمدة داخل الدولة بالمقام الأول، وأحياناً في أسواق أخرى عالمية، لكن هذا البند لا ينطبق على شركات كرة القدم بحكم الهيكل الحالي لها، واعتبارها بمعظمها بمثابة شركات خاصة أو مملوكة للحكومة بأغلبها، وبالتالي فإن من حق الأندية التمسك بعدم الكشف عن قيمة الصفقات التي تقوم بها على سبيل المثال، أو حتى ميزانياتها المالية وقيمة الإنفاق أو الربح في بعض الأوقات، لكنها من ناحية أخرى تخضع للتدقيق المالي من الحكومة المحلية التابعة لها باعتبارها من المساهمين الأساسيين ممن لهم الحق للتعرف على هذه القوائم المالية.
وأوضح الشنطي أنه لا يدافع عن الأندية وآلية تعاملها مع هذا الجانب، بقدر ما يبين أن غياب القانون الذي يجعل الأندية مطالبة بتقديم ميزانياتها وصرفها المالي للجهة المشرعة التابعة ولها، وفي هذه الحالة هو اتحاد كرة القدم، يجعلها قادرة على ممارسة حقها بعدم الكشف، وبالتالي نجد أنفسنا في الشارع الرياضي أمام غياب الشفافية والإفصاح عن حجم الإنفاق الحقيقي، والذي من شأنه أن يساهم في اختراق سقف الرواتب خلف الكواليس.
واعتبر الشنطي أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم رائد على مستوى العالم بالتعامل مع هذا الجانب، فيما نجد الاتحاد الدولي لكرة القدم قد قام بممارسة سلطته من خلال إلزام الأندية على عدم التأخر بدفع رواتب اللاعبين والمدربين، لكنه من ناحية أخرى أهمل بقية الصرف في الجوانب الأخرى.

أرقام فلكية بالملايين محلياً.. والتسعيرة «صادمة»
مراد المصري (دبي)

هل اطلعتم على تقرير موقع «ترانسفر ماركت» بخصوص القيمة المالية التقديرية للاعبي دوري الخليج العربي لكرة القدم؟، في حال كان الجواب نعم، فما رأيكم أن نصطحبكم معنا في جولة على الأندية خلال سوق الانتقالات لنتعرف معاً على القيمة الحقيقية، التي تفرضها عوامل العرض والطلب، لتجعلنا ندرك أن القيمة التي نقرأها عبر المواقع ذات التصميم الأنيق والمكتوبة باللغة الإنجليزية ستشعر بالذهول، حينما تدرك أن القيمة التي تعرضها تعد «وهمية» !.
وتحدث وكيل الأعمال الإسباني ألبرتو كابون، موضحاً أن هذه المواقع المتخصصة في اللاعبين المحترفين حول العالم تعرض أسعاراً تبدو منطقية من واقع إنها «التسعيرة الحقيقية» في حال أراد لاعبونا التوجه للاحتراف في أوروبا.
وقال: «هذه الأرقام صادمة مقارنة بما يحصل على أرض الواقع هنا، وخلف الجدران المغلقة للأندية التي تدفع أرقاماً فلكية بالملايين، في ظل عدة عوامل تفرض نفسها بالنسبة لندرة المواهب، والأهم من ذلك تعنت الأندية من خلال التمسك بالنجوم من دون الالتفات لاعتبارات الربح والخسارة المادية، وهو عكس المنطق للاحتراف على اعتبار أن كل نادٍ يمتلك ميزانية من ضمنها كيفية تحقيق العائدات والربح من بيع اللاعبين، ومهما كانت قيمة اللاعب الفنية فإنه بالنهاية استثمار يجب الاستفادة منه».
وأضاف: «على سبيل المثال ورغم العواطف والمسيرة الحافلة للبرتغالي كريسيتانو رونالدو، فإن ريال مدريد قام ببيعه مقابل أكثر من 100 مليون يورو، وحتى تشيلسي أدرك أن البلجيكي إدين هازارد لن يقوم بتجديد عقده فقام ببيعه بقيمة مادية مناسبة تقارب 120 مليون يورو، فيما نتعجب أن الأندية هنا ورغم معرفتها أن اللاعب في طريقه للخروج وبانتظار أن يصبح حراً تقوم بشتى الطرق برفع السعر المطلوب فيه، وتبالغ في تقدير قيمته المادية وبالنهاية نرى لاعبين يعتبرون الأفضل على مستوى الدولة يغادرون تحت مسمى لاعب حر».
وأوضح كابون، أن الأندية الأوروبية لن تقوم بالمغامرة والمجازفة بلاعبين محليين في هذه المنطقة في ظل وجود وفرة من اللاعبين، سواء في أوروبا أو حول العالم، حيث يقدر عدد اللاعبين المحترفين عالمياً بنحو 113 ألف لاعب، وبالنسبة للأندية الإسبانية على سبيل المثال، فإن التعاقد مع لاعب لم يسبق له اللعب في أوروبا يعتبر مجازفة وهي غير مستعدة لدفع مبلغ انتقال يزيد على مليون يورو بأي حال من الأحوال، وباستثناء أندية المقدمة الكبرى في إسبانيا، يمكن النظر للقيمة المالية التي دفعتها بقية الأندية في سوق الانتقالات، والتي سنجد فيها ضم لاعبين مقابل 200 ألف أو 300 ألف يورو، وبمقارنة الإمكانيات والمهارات والقدرة على التأقلم في أوروبا، فإن أسعار اللاعبين المرتفعة هنا تعود لخصوصية معينة لا يمكن مقارنتها مع السوق العالمي، وبالتالي لا يمكن اعتبار القيمة التقديرية للاعبين إنها تنطبق محلياً بسبب الفوارق والأسعار الوهمية المبالغ فيها بالوقت الحالي في دوري الخليج العربي.
فيما أوضح عادل العامري، وكيل اللاعبين، أن هناك خطوات مشجعة من إدارات الأندية تجاه عملية الإنفاق وإدارة الميزانية بصورة أكثر عقلانية وإدراكاً للاحتياجات الفنية مقارنة بالسنوات السابقة، كما أن هناك نماذج لإدارات نجحت في تحقيق عائدات مجزية من خلال عملية بيع اللاعبين والاستثمار بالمواهب، لكن من ناحية أخرى تبقى عملية كيفية الاستثمار المثالي والحصول على القيمة الحقيقية للاعبين بحاجة للمزيد من التقييم.
وعبر العامري عن تعجبه من طلب بعض الأندية مبالغ فلكية بالنسبة للاعب ربما لا يكون حتى «دولي»، وفي نفس الوقت ترفض تعديل عقد اللاعب نفسه ومنحه زيادة ربما تبدو منطقية بالنسبة لتطور أدائه، وحينما يجلب هذا اللاعب عرضاً من نادٍ آخر من أجل تحسين وضعه المادي، فإن طلبات ناديه تصطدم ربما بالعاطفة أو نوع من الرغبة بالحفاظ على الكبرياء، وبالتالي تطلب مبلغا ماليا كبيرا للغاية للتخلي عن خدماته لا يوازي القيمة المالية الحقيقية للاعب، وهو الأمر الذي يفرض أحياناً تقديرا ماليا مبالغا فيه بالنسبة للاعبين المحليين، وإن كانت هناك بعض المواهب تستحق أن تتمسك بها الأندية وتطلب مبالغ كبيرة في حال أراد الرحيل، لكن الحديث عن اللاعبين الآخرين عموماً.

تشو: التقييم المستمر مطلب أساسي
أكد الكوري ميونج تشو، الأمين العام لاتحاد شرق آسيا، أن إخضاع الدوريات المحترفة للتقييم السنوي وبشكل مستمر، يسهم في الكشف عن السلبيات المرتبطة بتطبيق الاحتراف، ولفت إلى أن اتحادات شرق القارة دائماً ما تقوم بتقييم إداري ومالي وتنظيمي وفني بشكل سنوي، لا سيما في كوريا الجنوبية واليابان والصين، ما أسهم في تطور تلك الدوريات، وقال: «هناك خبراء فنيون وإداريون مسؤوليتهم التقييم بشكل مستمر لكل مناحي العمل الاحترافي، لذلك ترى التطور كبيراً في الشرق، بينما في الغرب لا يحدث إلا ببطء، والسبب في وجهة نظري أن التقييم غائب، كما أنه لا توجد استراتيجية واضحة للعمل يتم مراجعتها كل 5 سنوات».

الكشف عن النفقات والدخل «إلزامي» لحماية اللعبة من الفساد
محمد حامد (الشارقة)

قبل ما يقرب من 6 سنوات، أجرت صحيفة «التلجراف» اللندنية تحقيقاً موسعاً عن صفقات الانتقالات في «البريميرليج» تحت عنوان: «الصفقات السرية إهانة للجماهير والإعلام وتفتح أبواب الفساد»، في إشارة إلى أن الأمر الطبيعي أن تكشف الأندية عن قيمة صفقة الحصول على توقيع اللاعب، ومدة العقد، والمبالغ المالية التي حصل عليها وكيل أعماله، والرواتب التي سوف يحصل عليها اللاعب طوال فترة التعاقد، والمزايا المالية الإضافية، وحقوق الصورة والجوانب الإعلانية، وغيرها من التفاصيل الدقيقة.
الدافع الأساسي لهذا التحقيق، الذي قامت بها الصحيفة البريطانية، أن بعض الأندية كانت تتعمد الاكتفاء بكلمة «undisclosed»، أي «لم يتم الكشف عنها» في بعض الصفقات، حيث يتوجب عدم السماح للأندية باستخدام هذه الكلمة، ومنذ أن قام «الفيفا» باعتماد النظام الإلكتروني للانتقالات، وكذلك بدأ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في تطبيق قواعد اللعب المالي النظيف، أي نزاهة وشفافية الكشف عن مصادر الدخل، وكذلك نفقات الأندية، تغيرت الصورة إلى حد كبير، فقد أصبحت حسابات الأندية مفتوحة للتدقيق المالي، كما أن الأندية أصبحت مطالبة بتقديم تقرير مالي شفاف ومتكامل في كل عام، للكشف عن الدخل والنفقات، لكي تتجنب عقوبات مخالفة اللعب المالي النظيف.
ويمكن القول، إن عدم الكشف عن قيمة صفقات انتقالات اللاعبين بشفافية ووضوح يتسبب في ضرر كبير للأندية ذاتها على المدى البعيد، فهي حينما تقوم ببيع أو شراء لاعب لن تتمكن من معرفة توجهات سوق الانتقالات، والقيمة الحقيقية العادلة للصفقة التي تبرمها، وقد تصبح فريسة لمطامع الوكلاء والسماسرة، وأطراف ثالثة تتدخل في صفقات انتقالات اللاعبين، كما أن الكشف عن نفقات ودخل الأندية هدفه في الأساس حمايتها من شبح الديون وشبهات الفساد، وهي المشكلات التي تهدد استقرار الأندية، بل لها تأثيرها المدمر على صناعة كرة القدم بشكل عام.
وبالنظر إلى أن قواعد النزاهة والشفافية يتم تطبيقها عالمياً بصورة إلزامية، فإن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» يتمكن من الكشف في نهاية كل فترة انتقالات عن حجم الصفقات وكلفتها المالية، وعدد اللاعبين الذين ينتقلون بين مختلف الأندية على الساحة العالمية، وهي وفقاً لإحصاء عام 2018 بلغت 15 ألف صفقة انتقال على المستوى العالمي، بقيمة مالية إجمالية بلغت 7 مليارات دولار، وعلى الرغم من إصرار الفيفا والاتحاد الأوروبي لكرة القدم والاتحادات الكروية المحلية في القارة الأوروبية على التمسك بمبدأ الشفافية، في كل ما يتعلق بنفقات وإيرادات الأندية، وخاصة صفقات الانتفالات، إلا أن ذلك لم يمنع الفساد بصورة تامة، فهناك تلاعب في بعض الانتقالات، مما يؤشر إلى أن الشفافية التامة لن تتحقق بالسهولة التي يتوقعها البعض.
كما أن النظام الضريبي الصارم في أوروبا، يجبر النادي واللاعب ووكيل أعماله على الكشف بدقة عن قيمة الرواتب والمزايا المالية، التي يحصل عليها اللاعب، ولم يتمكن لاعب واحد من الإفلات من قبضة الضرائب، سواء في إسبانيا أو إنجلترا أو غيرهما من الدول التي يوجد بها دوريات كبرى ونجوم يحصلون على الملايين، ويمكن القول إن قضايا التهرب الضريبي أساسها ارتفاع قيمة الضريبة، فهي تبلغ في إسبانيا 52%، وفي ألمانيا 47 %، وفي إيطاليا 46 %، وفي إنجلترا 45 %، وقد خضع مشاهير اللعبة، وعلى رأسهم رونالدو وميسي ونيمار، لتحقيقات تتعلق بالتهرب الضريبي، وقد نجحت هيئة الضرائب في إنجلترا في استعادة 350 مليون جنيه إسترليني، بعد التحقيق مع 171 لاعباً، و44 نادياً، و31 وكيلاً للاعبين.

القاري يفرض نظامه ويراقب التراخيص
فرض الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، نظاماً جديداً، يضمن الشفافية المالية ومراقبة ميزانيات الدوريات المحترفة، وذلك لمنع مشاركة أي نادٍ يثبت تكبده لخسائر مالية، أو تأخر أي رواتب للاعبين أو المدربين، للموسم الذي يسبق مشاركته في دوري الأبطال.
وأنشأ الاتحاد الآسيوي لجنة «أهلية المشاركة في دوري الأبطال»، والتي تعمل على التدقيق الإداري والمالي على الأندية، حيث يعتبر المال هو عصب كرة القدم بشكل عام.
ومن جانبه أكد تشين مان جيل، مدير إدارة المسابقات بالاتحاد القاري، أن الشفافية المالية باتت مطلباً ضرورياً لإنجاح أي دوري محترف، سواء في آسيا أو خارجها، ولفت إلى أن تقديم المستندات الصحيحة لنظام التراخيص المحترفة بالنسبة للأندية، التي تطبق الاحتراف، هو أمر لن يتم التراجع عنه، وقال: «نظام التراخيص بات يعتمد على تقديم أوراق رسمية وسليمة، لأن هناك لجاناً بالاتحاد القاري مسؤوليتها مراجعة الأوراق، وفي حالة اكتشاف أي تلاعب من أي نوع في الأوراق المقدمة من الأندية والدوريات المحترفة، يتم اتخاذ عقوبات رادعة بحق المتلاعبين فوراً».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©