الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

نصائح لضيوف الرحمن

نصائح لضيوف الرحمن
3 أغسطس 2018 00:45

الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد..
في مثل هذه الأيام المباركة من كل عام، تحنُّ قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى بيت الله العتيق؛ لتأدية فريضة الحج، ولمشاهدة الأرض المباركة وليطوفوا بالكعبة المشرفة، ولزيارة المدينة المنورة على ساكنها - أفضل الصلاة والسلام.
وما إن تأتي أشهر الحج وأيامه، حتى ترى المسلمين يتوافدون على بيت الله الحرام من كل فج عميق، يتكبَّدون وَعْثاء السفر وعنت الطريق ومشقَّة الغربة والبعد عن الأهل، ولكنّ كل ذلك يهون في نظرهم حُبّاً في الغاية التي يسعون إليها والمنافع التي يحصلون عليها.
وفي هذه الآونة وضيوف الرحمن يصلون إلى رحاب بيت الله الحرام في رحلة العمر التي أوجبها الله سبحانه وتعالى على المستطيع، فإنهم يرون المواطنَ الأولى التي انطلقت منها دعوة محمد –عليه الصلاة والسلام- فيتذكرون سيرة الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام – رضي الله عنهم أجمعين – وصبرهم وتضحياتهم الغالية في سبيل هذا الدين المجيد.

نَظِّفْ نفسك بالتـوبة
يجب على كل مسلم بصفة عامة ومن نوى الحج أو العمرة بصفة خاصة، أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من جميع المعاصي والآثام، لقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة النور، الآية (31)، فنحن بشرٌ نُخْطئ وَنُصيب، كما جاء في الحديث الشريف: (لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ‏? ?يُذْنِبُونَ، ?فَيَسْتَغْفِرُونَ ?اللّهَ، ?فَيَغْفِرُ? ?لَهُمْ) أخرجه مسلم?.
فعليك أخي الحاج أن تجعل حجَّك خالصاً لوجه الله الكريم امتثالاً لقوله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ} سورة الزمر، الآية (2)، وعليك قبل أن تبرحَ دارك وتذهب إلى ضيافة الله، ألاّ تحمل على ظهرك أثقالاً، فاقضِ دينك، وأعطِ كلّ ذي حَقٍّ حقَّه.
ومن فضل الله سبحانه وتعالى علينا أن فتح باب التوبة على مصراعيه لكل أوّاب، فهو يغفر الذنوب جميعاً، كما في قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} سورة الزمر، الآية (53).

تَعَلَّمْ أحكام المناسك
إن فريضة الحج من فرائض الإسلام الخمس التي افترضها الله سبحانه وتعالى على المستطيع، استجابة لنداء سيدنا إبراهيم – عليه الصلاة والسلام- الذي أمره الله تعالى أن يُؤَذِّن في الناس بالحج، كما أنها تجب مرة واحدة في العمر، لما رُوِى عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: (أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قَالَ : ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ) أخرجه مسلم.
حجاجنا الكرام: عليكم أن تحرصوا على تعلّم أحكام مناسك الحج والعمرة، فالحج فريضة كالصلاة والصيام والزكاة لا بُدَّ من معرفة أحكامه الشرعية بالتفصيل، فتعلموا من أحكام المناسك ما يُمَـكِّنُـكُم من فعلها على الوجه الصحيح، وقد يسَّر الله -سبحانه وتعالى- سُبل تحصيل ذلك، فالكتب والدروس والتسجيلات الصوتية والمرئية التي تعتني بذلك كثيرة مشهورة، فاحرصوا على مطالعتها ودراستها ومشاهدتها، وإذا أُشكل عليكم شيء فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، كي تتمكنوا من تأدية هذه الشعيرة كما أدَّاها رسولنا– صلى الله عليه وسلم- القائل:( لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ) أخرجه مسلم.

تَـزَوَّدْ بالمال الحلال
يجب عليك أخي الحاج التزود في رحلتك المباركة بالمال الحلال الطيب؛ حتى يقبل الله حجك أو عمرتك؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} سورة البقرة، الآية (267)، ولما ورد في الحديث الشريف: (... ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَب.. يا رَب، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ) أخرجه مسلم، ولقوله – صلى الله عليه وسلم- أيضاً: (إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ حَاجّاً بِنَفَقَةٍ طَيِّبَةٍ، فَنَادَى: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، زَادُكَ حَلالٌ، وَرَاحِلَتُكَ حَلالٌ، وَحَجُّكُ مَبْرُورٌ غَيْرُ مَأْزُورٍ، وَإِذَا خَرَجَ بِالنَّفَقَةِ الْخَبِيثَةِ، فَنَادَى: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، نَادَاهُ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: لا لَبَّيْكَ وَلا سَعْدَيْكَ، زَادُكَ حَرَامٌ وَنَفَقَتُكَ حَرَامٌ، وَحَجُّكَ مَأْزُور غَيْرُ ?مَأجُور) أخرجه الطبراني?. فالله ?طيّبٌ ?لا ?يقبل ?إلا ?طيّباً، ?كما ?قال ?الشاعر:
إذا حَجَجْتَ بمالٍ أصلهُ دَنَسٌ.... فما ?حَجَجْتَ ?ولكنْ ?حَجَّتِ ?العِيرُ
لا يقبــلُ اللهُ إلاّ كـــلَّ طَيِّبَـــــــةٍ.... مَا ?كُـــلُّ ?حَـــــجٍّ ?لبيتِ ?الله ?مَبْـــرُورُ
نسأل الله للجميع حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة
خطيب المسجد الأقصى المبارك
www.yousefsalama.com

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©