الأحد 19 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هجرة الأدمغة... الحركة العكسية

29 يوليو 2012
غادر بعض أفضل الرجال والنساء وأكثرهم ذكاءً من الشرق الأوسط أحياناً للعمل في أكبر الشركات متعددة الجنسيات في أوروبا والولايات المتحدة. وعلى المستوى الداخلي، أثبتت "هجرة الأدمغة" هذه صعوبتها بالنسبة لاقتصادات الدول العربية، التي بدأ العديد منها يعاني. إلا أن الوضع مختلف اليوم، حيث لم يعد العديد من الطلبة العرب والخريجين الجدد يحلمون بالعمل لدى شركات مثل جوجل وياهو في الولايات المتحدة أو أوروبا، وإنما أصبحوا يسعون ليصبحوا فاعلين ومبدعين في بلادهم. لقد أصبح المهنيون الشباب في الشرق الأوسط أكثر اهتماماً بإثبات قدراتهم الإبداعية ومهاراتهم في بلادهم. ومن ليبيا إلى لبنان، هناك تحوّل عكسي في هجرة الأدمغة بين العاملين الشباب، حيث أخذ الأفراد يعودون إلى بلادهم من الخارج. وآخرون قرروا عدم المغادرة من حيث المبدأ. ويُظهِر هذا الجيل الجديد من أصحاب الأعمال المبدعين للعالم أنهم قادرون على الخلق والإبداع في بلادهم. ومن بين هؤلاء الأفراد هند حبيقة، وهي شابة لبنانية فاز اختراعها الثوري بالجائزة الأولى في مسابقة خطة الأعمال عبر الدول العربية التي ينظمها منتدى مؤسسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وقد اخترعت حبيقة نظارات للسباحة أسمتها "بترفلاي"، تمكّن السابح من متابعة ضربات القلب أثناء التدريب. وفي عالم يزداد ترابطاً واقتصاد يزداد عولمة، لا يعرف طموح هؤلاء المبدعين حدوداً، ولم يعودوا بحاجة لترك أوطانهم للعمل على منتجات يمكن أن تصل إلى كافة أنحاء العالم. وفي خضمّ الركود الاقتصادي العالمي، وبدلاً من البحث عن فرص عمل، يعمل هؤلاء الشباب على إيجادها في أوطانهم، حيث يشكّل هذا الخليط من الإبداع وتنامي قطاع التكنولوجيا نعمة للاقتصادات المحلية. ويدعم العديد من المؤسسات، بما فيها محطات التلفزة، المبدعين الشباب في أنحاء العالم العربي. وكانت حبيقة قد بدأت مرشحة في برنامج تدعمه مؤسسة قطر عنوانه "نجوم العلم". ويهدف برنامج تلفزيون الواقع هذا، وهو الآن في موسمه الرابع، إلى إلقاء الضوء على الجيل الثاني من المبدعين الشباب العرب. ويستطيع المبدعون الجدد كذلك أن يحصلوا على الدعم المادي في مؤسسات مثل "سيكنس"، وهي محرّك للمؤسسات المبتدئة مركزها بيروت، نجحت في تقديم المشـورة وتطويـر ما يزيد على عشرين مؤسسة مبتدئـة خلال الشهـور الثمانية عشر الماضية، وإنشاء مجتمع يضـم ما يزيد على 3000 مبدع في مجال الأعمال في هذه الأثناء. وفي عمّان، تقدِّم "أواسيس 500" التمويل والرعاية إلى مؤسسات مبتدئة مختارة في مجال التكنولوجيا. وفي القاهرة تقدم "ميدان التحرير" التي انطلقت في إبريل 2011 أيضاً التمويل للمبدعين الشباب في مجال الأعمال. وتضم قصص النجاح كذلك شركة "مكتوب" الأردنية، أول خدمة للبريد الإلكتروني باللغة العربية والإنجليزية في العالم، التي أسسها عام 1998 سميح طوقان، وقد اشترتها "ياهو" (Yahoo) عام 2009. ومؤخراً، ظهرت "زاوية" وهي خدمة معلومات في مجال الأعمال بدأها رجل الأعمال المبدع إحسان جواد المولود في العراق، لتصل إلى عناوين الأخبار الرئيسية عندما اشترتها شركة تومسون رويترز. ومن الأمثلة الأخرى مؤسسة "سينيموز" في بيروت، التي أسستها مجموعة من المهنيين اللبنانيين من صناعة الأفلام السينمائية وعالم الإعلانات وشبكة الإنترنت وتكنولوجيا الاتصالات النقالة، والتي أصبحت واحدة من أوائل مؤسسات الفيديو عبر الإنترنت عند الطلب في العالم العربي. ويحتاج العالم العربي إلى نماذج اقتصادية جديدة متأصّلة في العلوم والتكنولوجيا، تستطيع المساعدة على التعامل مع البطالة التي تتسبب بالشلل في أوساط الشباب المثقف وتنويع الاقتصادات التي تعتمد بشدة على الاحتياطات النفطية والمعونة الأجنبية. وهناك جيل مبدع جديد بدأ يبرز، وله أحلام كبيرة، ويمتلك القدرة على تحقيقها. ولكن حتى يكون لهؤلاء المبدعين في مجال الأعمال أثر على هذه المجتمعات، ستحتاج الحكومات إلى أن توفر لهم البنية الأساسية التي تستطيع دعم طموحاتهم. وفي الوقت الذي تبدو فيه بعض الدول العربية تتحرك في ذلك الاتجاه بنجاح، ما زالت تحديات متنوعة موجودة في العديد من الدول أيضاً. وعلى سبيل المثال، ما زال أمام لبنان، مثل دول عربية أخرى عمل يتعين أن يقوم به عندما يتعلق الأمر بضمان إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت بشكل كاف، وهو أمر يتطلبه العديد من المبدعين في مجال الأعمال التكنولوجية. وقد عانت الدولة مؤخراً من انقطاع لخدمة الإنترنت استمر مدة يومين بعد فشل خط دولي. وقد أثار انقطاع خدمة الإنترنت في لبنان غضباً من جانب جماعات كانت تطالب بخدمة إنترنت أفضل. لقد أصبح الشباب في العالم العربي معتادين على أخذ زمام المبادرة، كما أن روحهم الابتكارية المبدعة أخذت تنمو بقوة. وهم لا يركزون فقط على الطموحات الفردية وإنما كذلك على تحسين عموم الأحوال الاقتصادية والاجتماعية في بلادهم. وتشكل ظواهر كهذه دواعي تفاؤل بصحوة جيل منظم ونشط بصورة متزايدة، عندما يتعلق الأمر بالإسهام في اجتراح تغيير إيجابي. والمبدعون من الشباب العرب مصممون على بناء دولهم بسياسات تعمل على تشجيع ومكافأة المبادرات الفردية وتوفير الهياكل الضرورية التي ستمكن هؤلاء الأفراد، والاقتصادات التي يشكلون جزءاً منها، من المساهمة في الاقتصاد العالمي. ندى عقل صحفية مستقلة - بيروت ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©