الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«موائد الرحمن» باب خير يطرقه اللبنانيون كل رمضان

«موائد الرحمن» باب خير يطرقه اللبنانيون كل رمضان
30 أغسطس 2011 01:39
موائد الرحمن، خيام البركة والعطاء، سمة من سمات الشهر الفضيل، وصفة إنسانية تجسّد الطقوس الرمضانية التي يقوم بها أهل الخير تجاه الفقراء والمحتاجين، وهذه التقديمات الأخوية ساعدت العديد من العائلات والأسر اللبنانية المحرومة على التخفيف من رمق الجوع وقلّة الحيلة. بركة الشهر قبل قدوم شهر رمضان المبارك بأيام عديدة، بل بأسابيع، يتحضر المحسنون من أجل إقامة موائد الرحمن وخيم الخير لإطعام المحتاجين والأيتام، فتمد موائد الإفطار وأيضاً السحور، فتشهد العاصمة بيروت ومعظم المناطق اللبنانية حركة غير اعتيادية على هذا الصعيد، باستطاعة المرء أن يشاهدها ويتلمس معالمها ومعانيها، ليستدل على بركة الشهر الكريم. يقول أحد المحسنين، فضل عدم ذكر اسمه، “نفعل ذلك لكي نتمكن من تحقيق التنوع المطلوب على موائد الرحمن، فهناك أطباق أساسية ومقبلات وحلويات تلقى قبول كل المدعوين، فشهر الصوم ينفرد في لبنان بنصب خيام المحبة في الأحياء الشعبية، لاستخدامها في الجلسات الرمضانية، وهي تبدأ لدى إعلان آذان المغرب ومدفع الإفطار، فيبدأ الحضور إفطارهم الجماعي إلى جانب مشاركة وجهاء المناطق والحارات وأئمة المساجد”. محسنون ومتبرعون وأهل خير وجمعيات وهيئات اجتماعية وإنسانية تقوم في شهر رمضان المبارك بأعمال خيرية، تبدأ في إقامة موائد الرحمن، وتنتهي بالتبرعات لدور الأيتام والعجزة، وتوزيع المساعدات المادية على المرضى والمحتاجين، والثياب والهدايا على الأطفال اليتامى، اضافة إلى جمع الزكاة وتوزيعها، وتوزيع صناديق المؤن والمواد والسلع الغذائية على الفقراء. فكرة تحولت إلى حقيقة تقول المسؤولة في جمعية “سيدرز” للعناية سهيلة إدريس عن كيفية إنشاء جمعية “سيدرز”، إن الفكرة بدأت بين سيدتين يردن عمل الخير ومساعدة المحتاجين في البلد في سنة 1992 حيث كان الوضع حساساً ومتفاقماً بالأزمات المعيشية والاقتصادية نتيجة للظروف التي عصفت بلبنان في تلك المرحلة، التي أسفرت عن حالات عوز وتشرد أصيبت بها معظم العائلات، فكان الحل بين بعض السيدات في زيادة كميات الطعام لتوزيع الفائض منها على الفقراء والمساكين. وتضيف إدريس “بعد ذلك توسعت دائرة المعارف، فقمنا بالتنسيق مع بعض الفنادق والمطاعم في العاصمة لتزويدنا بكميات من الطعام للأسر المحتاجة، وكان التجاوب كبيراً ومشكوراً. ومنذ سنة 1998 وحتى اليوم أصبحنا نعتمد على أنفسنا في هذا المجال، ففي كل حلول لشهر رمضان المبارك يجتمع المتطوعون ومحبي الخير في مطبخ الجمعية، حيث تبدأ عمليات تحضير الطعام والمأكولات وتوزيعها على الفقراء مع نصب خيمة تمد فيها موائد الرحمن، وهي تتسع لأكثر من 800 شخص، والخيمة المذكورة تقع في منطقة فردان والأرض عائدة لأوقاف دار الفتوى”. وحول الدعم الذي تتلقاه الجمعية للاستمرار في مساعدة المحتاجين، تجيب أن هناك تبرعات شخصية وحملات تبرعات بين سيدات جمعية “سيدرز” للعناية التي ترأسها عفت شاتيلا، يعاونها عضوات في العمل الخيري والإنساني، إضافة إلى مساعدات خارجية كانت تأتينا من الخارج، إلا أن التبدلات الاقتصادية والأزمات المالية الحادة في المنطقة، أوفقت موارد الدعم، فأصبح كل اتكالنا على جهودنا الشخصية، ومن تبرعات المحسنين وأهل الخير والعطاء”. خير دائم حول الأنشطة الأخرى للجمعية خارج نطاق شهر الخير والعطاء، تقول إدريس “نشاطنا يزداد تألقاً وبهجة في رمضان المبارك، الاّ أن هناك مناسبات عديدة مثل أعياد الميلاد ورأس السنة، وعيد الأم والفطر والأضحى المباركين، وفيها نقدم الحلويات على أنواعها والألعاب والهدايا لدور الأيتام والثياب للمحتاجين والأسر المعدمة، وفي أعياد الميلاد الخاصة لنزلاء دار العجزة والشيخوخة نقدم قوالب الحلوى، كذلك نوزع لحوم الأضاحي، ويستفيد من هذه التبرعات أكثر من 2500 عائلة”. وعن المشاريع المستقبلية للجمعية، وهل هناك افتتاح لفروع أخرى غير العاصمة بيروت، تقول إدريس “المركز الرئيسي يستفيد منه معظم المناطق اللبنانية من عائلات عكار والشمال والجنوب، ففي شهر الخير نوصل الأمانة إلى موائد الرحمن، أي طعامي لي ولجاري، ونتعاون في هذا المجال مع جمعيات أخرى ومع المسؤولين في دار الفتوى، وحالياً نحن بصدد إقامة خيام أخرى، وندرس بجدية إقامة مطبخ لا يتوقف عمله في شهر رمضان المبارك بل يعمل طوال السنة، فيقدم الطعام مجاناً للمحتاجين، وسيكون لدينا أطقم متخصصة تعمل في اختصاص “الطبخ” الصحي، وتهيئة فرص العمل للقادرات من الأخوات المحتاجات لإعالة أسرهن”. تراجع الأعداد شهر رمضان، شهر الخير والتآخي والتسامح، شهر الشعور بالمحتاج ليضاعف الله فيه الأجور، وهذا ما تهدف إليه جمعية المواساة والخدمات الاجتماعية في صيدا، فهي منذ تأسيسها تهدف إلى خدمة أهالي المدينة والجوار، بكل الوسائل المتاحة، فتقدم الجمعية في الشهر المبارك تقديمات اجتماعية وإنسانية منها، مشروع موائد الرحمن الذي يستفيد منه أكثر من 500 عائلة، بمعدل 20000 وجبة خلال الشهر الفضيل، حيث يهدف المشروع إلى تقديم وجبات رمضانية لذوي الأوضاع المعيشية الصعبة، بالإضافة إلى عائلات الأرامل والأيتام، وذلك لأربعة أيام في الأسبوع على مدار الشهر الكريم، فتشمل الوجبة: طبقا رئيسياً ومقبلات وفواكه وحلويات، عدا ذلك تقوم الجمعية بتوزيع الحصص الغذائية على العائلات المحتاجة في مركزها الرئيسي في منطقة القياعة، وفي صيدا القديمة خصصت لكل مركز يومين في الأسبوع. ولا شك أن موائد وخيام الرحمن التي تقام في رمضان المبارك، تتقلص وتنخفض نسبتها سنة بعد سنة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية. فموائد المحسنين تتطلب موازنات مادية ضخمة، بينما ترتفع جميع أسعار الخضراوات والسلع والمواد الغذائية لاسيما في الشهر الفضيل نتيجة للإقبال الشديد، ولحالة الفقر السائدة لدى شريحة كبيرة من المواطنين. وأكثر عمليات توزيع الطعام وإقامة موائد الرحمن تقوم بها جمعيات ومساجد وبعض أهل الخير يستخدمون طريقة توصيل الطعام إلى الصائمين في منازلهم، وأيضاً إلى المساجد والجمعيات الخيرية. تسابق لعمل الخير يقول عبدالله مسعود إمام أحد المساجد في بيروت إن “شهر رمضان هو شهر التسابق في عمل الخير، وإطعام الصائمين من أسمى أبواب الخير، وله عظيم الأجر والثواب. فمن فطر صائماً فله مثل أجره دون أن ينقص من أجر الصائم شيئا، خاصة إذا قام صاحب المائدة بخدمة الصائمين وتقديم الطعام لهم”. ويضيف أن “شهر رمضان هو شهر الرحمة وبه ليلة هي خير من ألف شهر، وهو شهر التودد والتعاون بين المسلمين، وإقامة موائد الرحمن هي باب من أبواب الخير، خاصة إذا خلصت النيّة لله عز وجل فيها، ولا يحتاج منها رياء ولا سمعة ولا شهرة”.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©