الإثنين 13 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فضاءات الوعي

فضاءات الوعي
7 فبراير 2019 02:01

هناك مؤسسات كثيرة لعبت دوراً كبيراً بتنظيم وإقامة معارض الكتب، فمع بدايات قيام الدولة لم تكن صناعة معارض الكتب كما هي عليه اليوم من التطور والضخامة والمهارة، لكنها كانت وحسب المرحلة الزمنية والمكان المستضيف تهدف إلى خلق الوعي، ونشر الكتاب، وترسيخ عادة القراءة، لهذا نشطت المدارس في تنظيم المعارض حسب المواسم والاحتفالات وتوافر المكتبات أو دور التوزيع والنشر الراغبة في عرض كتبها، كذلك البلديات حسب اختصاصاتها.

أتذكر أن بلدية دبي نظمت معرضاً للكتاب في حديقة (هور العنز)، وكان من المتوقع أن يستمر ويكبر ويكون ظاهرة سنوية، ولكنه توقف بعد دورة أو اثنتين. كذلك المراكز التجارية تشجعت لتجذب جمهورها بتنظيم معرض للكتب في ردهاتها، وأذكر أن مركز (الغرير) التجاري، والذي كان الأكبر والأشهر في الدولة والمنطقة عندما تم افتتاحه في عام 1981 نظّم معرضاً للكتب، وزارته العديد من المدارس، بالإضافة إلى جمهور المركز والمهتمين بالقراءة.
وإن كان معرضا أبوظبي والشارقة الدوليان للكتاب هما الأشهر، وهناك معارض لها حضور محلّي، وخدمت منطقة واسعة، مثلما هو (معرض رأس الخيمة للكتاب) الذي تأسس في عام 2007، وتنظمه غرفة رأس الخيمة، أو معرض مثل: (بيج باد وولف) الذي انطلق عام 2018، ويخدم شريحة كبيرة من القراء الأجانب تحديداً، ويقدم حسومات ضخمة على بيع الكتب.
وفي الحديث عن معارض الكتب الذي سأتناوله بتفصيل أكثر، تناولت الأرقام كمؤشّر على تطوّر هذه المعارض وسرعة نموّها، مع عدم التركيز على ذكر عدد الحضور وحجم المبيعات فيها، لسبب: وهو أن هذه الأرقام في جميع المعارض المحلية أو حتى العربية بشكل عام هي مجرد أرقام تقديرية طوال السنوات الماضية، وقد بدأت إدارات هذه المعارض تتنبه إلى أهمية حضور الرقم الحقيقي للمبيعات والزوار لضرورته في عمليات التخطيط الإستراتيجي للسنوات المقبلة، وتأثير هذه الأرقام على مؤشرات الإمكانات وتوفير الموارد واحتياجات التطور في عمل الحكومات ونمو المدن. فأول عملية دقيقة ونظامية لمعرفة حجم جمهور معارض الكتب بدأت من خلال التسجيل الإلكتروني للزوار بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب سنة 2018، كذلك أول استخدام لنظام البيع الإلكتروني، لمعرفة حجم مبيعات الكتب تم العمل به من خلال معرض العين للكتاب 2018، وكذلك في معرض بيج باد وولف، والذي أوجد حسب خبرة الشركة العالمية التي تدير هذا المعرض من خلال فتح نافذة محاسبة واحدة ومركزية لجميع المشاركين في المعرض.

معرضان دوليان
الناشرون الدوليون يحرصون على أن يكون كل من: معرض أبوظبي الدولي للكتاب ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، على أجندة حضورهم ومشاركتهم في كل عام، وأن يواظب الناشر الدولي على الحضور إلى دولة واحدة في موسمين ومعرضين، يعني أهمية المكانة التي وصل إليها كلا المعرضين، وأهمية هذه الدولة في صناعة النشر والكتاب.
ولا يوجد اليوم ناشر عربي أو إقليمي أو محلي متميز ومهم في هذا المجال إلا وله وجود ومشاركة في كلاهما ما يعني قوة وأهمية هذين المعرضين.
ولكن، منذ متى بدأ هذا الاهتمام، وكيف وصلا إلى هذه المكانة الدولية المرموقة؟ في الواقع هي نتاج تخطيط ودعم وعمل تواصل لأكثر من 30 عاماً، وقبل ذلك كانت هناك رؤية واضحة للهدف الذي تطمح إليه الدولة في مشروعها الثقافي، وفي عالم صناعة الكتاب.
ومن خلال قراءة تاريخ وتطور هذين المعرضين، والذي سنحاول أن نسرد أهم محطاته في الفقرات التالية، أقول من خلال هذه المطالعة لاحظت أوجه تشابه جمعت هذين المعرضين، قد تكون المصادفة أو الأحداث هما اللذان صنعاها:
• انطلقا في الفترة الزمنية نفسها تقريباً، وهي السنوات الأولى من مرحلة الثمانينيات: أبوظبي 1981، والشارقة 1982.
• الدورات الأولى أقيمت في أهم مؤسستين ثقافيتين بأبوظبي والشارقة (المجمع الثقافي أقيمت به الدورتين الأولى والثانية ثم انتقل إلى أرض المعرض، وعاد له من الدورة السادسة ولدورات أخرى عدة. أما قاعة أفريقيا بالشارقة فأقيم بها أول دورة للمعرض).
• المصادفة أيضاً أن كلاً من: قاعة أفريقيا بالشارقة والمجمع الثقافي بأبوظبي يعودان في عام 2018 نفسه بعد عمليات التطوير، ليمارسا أدوارهما الثقافية بحلة جديدة، بعد غياب استمر لسنوات عدة.
• المعرضان تنقلا في أكثر من موقع، حتى استقرا في قاعات أرض المعارض بكلتا المدينتين: أبوظبي (أدنيك) والشارقة (إكسبو).
• كلا المعرضين توقفا لدورة واحدة بسبب الأوضاع السياسية في المنطقة (الشارقة: ألغيت الدورة التاسعة عام 1990 بسبب الاضطرابات التي اكتنفت المنطقة خلال حرب الخليج الثانية ـ تحرير الكويت. أبوظبي: ألغيت الدورة الـ13 عام 2003، والتي وقعت فيها حرب الخليج الثالثة ـ غزو العراق).
• تعاقبت مؤسسات مختلفة على تولي مهمة إدارة كل من المعرضين، ففي البداية كانت الجهة المنظمة لمعرض الشارقة للكتاب هي دائرة الثقافة والإعلام، ومنذ عام 2014 تولت هيئة الشارقة للكتاب تنظيم المعرض. أما معرض أبوظبي للكتاب فكان المجمع الثقافي هو من يدير المعرض، حتى عام 2005، حيث تولت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث مهام المجمع الثقافي، ومن ضمنها إدارة المعرض، وفي عام 2012 تحولت إلى هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وفي عام 2018 تغير مسماها إلى دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي.

معرض الشارقة.. كرونولوجيا
• انطلقت الدورة الأولى في 18 يناير 1982، وافتتحها صاحب السمو حاكم الشارقة، وأقيمت بمبنى قاعة أفريقيا. صاحب المعرض نشاطات ثقافية، والتقى الجمهور الشاعر الفلسطيني محمود درويش، ومفكرين وكُتّابٍ آخرين.
• الدورة الثانية: 13 أكتوبر 1983 نُظم بمعرض إكسبو بالقرب من جامع الملك فيصل حالياً، وأقيم على هامشه فعاليات معرض الوسائل التعليمية والمعدات المكتبية، وقد اشتمل المعرض الذي امتد على مدى أسبوعين نحو 12 ألف عنوان، واشتركت فيه دور نشر عربية ودولية. وضم المعرض آنذاك أكثر من 20 قسماً.
• الدورة الثالثة: 8 أكتوبر 1984، ضم المعرض 30 ألف عنوان كتاب، واشترك في عرضها 254 دار نشر، منها 149 دار نشر عربية، و105 دور نشر أجنبية، وقد أكد صاحب السمو حاكم الشارقة في هذه الدورة أهمية نقل الثقافة إلى كل بيت من خلال تنظيم أنشطة ثقافية متنوعة، لجذب أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع والأسرة الواحدة للمشاركة بفاعلية فيها.
• الدورة السادسة: 4 نوفمبر 1987، استمرت 11 يوماً بمشاركة 300 دار نشر من 22 دولة عربية وأجنبية، وتضمنت قائمة الكتب المعروضة في ذلك الوقت نحو 44 ألف كتاب، وهو العدد الأضخم من الكتب المعروضة منذ الدورة الأولى.
• الدورة الثامنة: 1 نوفمبر 1989، بلغت عناوينها نحو 77 ألف عنوان، منها 61 ألفاً من المطبوعات والكتب العربية، و16 ألفاً من المطبوعات والكتب الأجنبية، إضافة إلى 64 دورية نادرة باللغات المختلفة التي تناولت مختلف العلوم والفنون والآداب، وبمشاركة 384 دار نشر من 26 دولة، منها 17 دولة عربية، وقد رافق المعرض افتتاح «مركز ثقافة الطفل» في عدد من مناطق الشارقة، إضافة إلى افتتاح مركز آخر للأطفال تحت شعار «نحن نقرأ ونرسم أيضاً».
• الدورة التاسعة: 1990، ألغيت بسبب الاضطرابات التي اكتنفت المنطقة خلال حرب الخليج الأولى.
• الدورة 10: 13 نوفمبر 1991، استمرت حتى 22 من الشهر نفسه، بمشاركة واسعة بنحو يزيد على 476 دار نشر من 30 دولة عربية وأجنبية، عرضت جميعها نحو 80 ألف عنوان، باللغة العربية واللغات المختلفة الأخرى، إضافة إلى نحو 400 عنوان لدور النشر المحلية.
• الدورة 15: 5 نوفمبر 1996، أطلقت دائرة الثقافة والإعلام خلال المعرض جائزة الشارقة للإبداع العربي.
• الدورة 16: ضمت 620 دار نشر، من 37 دولة عربية وأجنبية، عرضت نحو 100 ألف عنوان، وقد افتتحت في اليوم ذاته «ساحة الآداب»، التي ضمت بيت الشعر، وبيت الموسيقى، ودار الندوة، ودار الآداب للناشئين، ومقهى الآداب، وبيت الموروث الشعبي، ومقر اتحاد كتاب وأدباء الإمارات
• في الدورة الـ27: كشف صاحب السمو حاكم الشارقة عن مبادرة رائدة، وهي «مشروع ثقافة بلا حدود»، لتتوالى المبادرات، وتبنّي دعم دور النشر المتميّزة.
• الدورة 28 عام 2010، وقع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي على النسخ الأولى من كتابه «حديث الذاكرة»، وأعلن في هذه الدورة عن الفائز بجائزة اتصالات لكتاب الطفل لعام 2010، وشاركت في المعرض 789 دار نشر، منها 117 محلية، و387 عربية، و285 أجنبية، وأقيمت فعاليات أخرى في المقهى الثقافي، وتم توقيع العديد من الكتب، وإقامة عروض مسرحية للأطفال.
ـ الدورة 34: 4 نوفمبر 2015، شاركت في المعرض 1547 دار نشر من 64 دولة عربية وأجنبية، عرضت مجتمعة أكثر من 1.5 مليون عنوان، وهو العدد الأكبر من عناوين الكتب المعروضة أمام الجمهور على مدى تاريخ المعرض. وقدم صاحب السمو حاكم الشارقة، مكرمة بقيمة أربعة ملايين درهم لدعم شراء كتب من دور النشر. وشهد المعرض إقامة أكثر من 1000 فعالية متنوعة، وللمرة الأولى خصص المعرض جناحاً على مساحة 150 متراً مربعاً للقصص المصورة «الكوميكس» بمشاركة 26 عارضاً.
ـ الدورة 35: 2 نوفمبر 2016، احتفائية المعرض بمرور 35 عاماً على تأسيسه.
ـ رفع المعرض شعارات كثيرة في دوراته المختلفة، مثل: «القراءة للجميع»، و«اقرأ أنت في الشارقة»، و«في حب الكلمة المقروءة».

معرض أبوظبي.. كرونولوجيا
في العام الثاني من افتتاح المجمع الثقافي، تم افتتاح معرض مصغّر للكتاب الإسلامي، وكان ذلك في عام 1981، وقد افتتحه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأمر في نهاية المعرض بشراء جميع ما تبقّى من كتب وتوزيعها على الجمهور.
ـ استمر المعرض يقام حتى عام 1985.
ـ وفي عام 1986 تم تغيير مسمّى المعرض ليصبح معرض أبوظبي الأول للكتاب، وتغير شكل المعرض وكذلك نوعية الدور المشاركة، وشارك فيه حوالي 70 دار نشر عربية، وقد استمر في المكان نفسه بمبنى المجمع في خيمة خارجية تنصب خصّيصاً له. وصاحب هذه الدورة برنامج ثقافي من أمسيات ومحاضرات ومرسم حر وعروض مسرحية.
ـ الدورة الثانية أقيمت في عام 1988.
ـ أما الدورة الثالثة التي أقيمت في عام 1993، فقد تغيّر مكان المعرض ليقام في أرض المعارض بأدنيك. وأخذ مسمّى معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
ـ في الدورة الرابعة عام 1994، بلغ عدد الدور المشاركة 400 دار من 26 دولة.
ـ الدورة الخامسة 1995، افتتحها السيد جمعة الماجد (يلاحظ لا يوجد شخصية محددة تفتتح المعرض كل عام)، وشهدت مشاركات من دول أجنبية مثل بريطانيا وأميركا. كما بدأ استخدام الحاسب الآلي في عمليات الاستعلام والبحث عن الكتب.
ـ عاد المعرض في الدورات التالية إلى مبنى المجمع الثقافي.
ـ الدورة 12، والتي أقيمت في عام 2002، وهو عام الانتفاضة الفلسطينية ،أضاف المعرض شعاراً للدورة هو (فلسطين في القلب)، وفي هذه الدورة أطلق المجمع الدورة الأولى لمسابقة (أفلام من الإمارات).
ـ في الدورة التالية عام 2003، والتي وقع فيها غزو العراق، تم إلغاء دورة هذا العام، وقدمت مشاريع بديلة مثل (الكتاب بدرهم) في اليوم العالمي للكتاب.
ـ في الدورة التالية 2004، بدأ تطوير تجربة النشر الإلكتروني من خلال (موسوعة الشعر العربي) والكتاب الصوتي.
ـ الدورة 16 في عام 2006 وبتولي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئاسة مجلس إدارة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ومحمد خلف المزروعي رحمه الله مديراً عاماً، بدأت مرحلة جديدة انتقل فيها المعرض إلى أرض المعارض في المبنى الجديد الحالي- أدنيك، وشارك أكثر من 500 ناشر من 25 دولة.
ـ في الدورة 17 التي افتتحها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد 2007 تم الإعلان عن الشراكة مع معرض فرانكفورت الدولي للكتاب. وشهد المعرض الدورة الأولى لجائزة الشيخ زايد للكتاب، وإطلاق مشروع كلمة للترجمة.
ـ في الدورة 18، أعلن عن تأسيس شركة (كتاب) التي ستعمل على تنظيم المعرض بالشراكة مع معرض فرانكفورت، ووصل عدد الناشرين الدوليين إلى 150 ناشراً. وأطلق في هذه الدورة مشروع (قلم) للكتاب الإماراتيين، وعقد المؤتمر الدولي للناشرين، وشهد المعرض الدورة الأولى للجائزة العالمية للرواية العربية- البوكر التي تدعمها الهيئة.
ـ الدورة العاشرة 2010، استضاف المعرض أكثر من 1200 شخصية معنية بالثقافة والتراث والإعلام، واحتوى على 150 فعالية.
ـ الدورة 2012، تم الإعلان عن مبادرة حقوق الملكية الفكرية، وتنظيم مؤتمر أبوظبي الدولي للترجمة.
ـ من الدورة 24 عام 2014، بدأ إطلاق الشخصية المحورية للمعرض، وكانت أول شخصية تم اختيارها هي (المتنبي).
ـ في الدورة 2015 والمعرض يحتفل باليوبيل الفضي له، تم اختيار الشيخ زايد الشخصية المحورية له.
ـ سنوياً يتم اختيار دولة عريقة كضيف شرف للمعرض، وتكون هناك فعاليات ثابتة ورئيسة للمعرض، مثل: البرنامج الثقافي المصاحب، وفعاليات الأطفال، وفنون الطهي.
......................................................
سعيد حمدان

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©