الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجزائر تشرع في إزالة 765 سوقاً عشوائية وتعد التجار ببدائل تحمي مداخيل الأسر

الجزائر تشرع في إزالة 765 سوقاً عشوائية وتعد التجار ببدائل تحمي مداخيل الأسر
28 ديسمبر 2010 20:38
شرعت السلطات الجزائرية منذ أسابيع قليلة في إزالة الأسواق غير الشرعية على مستوى التراب الوطني، وينتظر أن تستغرق عملية الإزالة أشهراً عديدة، بالنظر إلى حذر السلطات في معالجتها حتى لا تثير توترات اجتماعية جديدة، وفي نفس الوقت تنتهي عملية تجهيز البدائل للتجار الفوضويين وهي أسواق وفضاءات تجارية جديدة ستبنى خصيصاً لهم. أرقام كبيرة تدرك السلطات أنها أمام معضلة اجتماعية حقيقية؛ فعدد الأسواق الفوضوية ليس هيِّنا ويبلغ تحديداً 765 سوقاً عشوائية على المستوى الوطني، بحسب تصريح وزير التجارة الجزائري مصطفى بن بادة أمام البرلمان مؤخراً، وكشف الوزيرُ أيضاً أن هذه الأسواق تستوعب نحو 70 ألف تاجر غير شرعي، بينما تشير تقديراتٌ مستقلة إلى أن العدد يتجاوز مئة ألف تاجر. ويشكِّل هؤلاء تحدياً كبيراً للسلطات لأنها مطالبة بإيجاد مناصب شغل لهم، ولكن في ظل ارتفاع معدلات البطالة بالبلد وقلة فرص العمل، فقد وجدوا الحل لأنفسهم من خلال الاشتغال بـ"التجارة الموازية"، حيث نصبوا طاولات متباينة الأحجام لبيع سلع مختلفة؛ ومنها السجائر وما تيسَّر من الخضراوات والفواكه والأدوات المنزلية والخردوات والستائر والملابس النسوية وعلب المكياج وملابس الأطفال والهواتف المحمولة القديمة وسلع شبابية كثيرة. وتتميز هذه السلع في أغلبها بأنها خفيفة الوزن والمحمل؛ فالتاجر يجلبها معه صباحاً وينصِّب طاولته طوال اليوم، ثم يحمل سلعته، أو ما تبقى منها ليعود بها إلى بيته كل مساء. كما أن خفة هذه السلع تمكِّن التاجر من حملها بسهولة إذا داهمت الشرطة المكان وطلبت من التجار الفوضويين إخلاءه، وهي الظاهرة التي تتكرر كثيراً في مختلف الأسواق الفوضوية. البداية من الثمانينيات يقول الخبير الاقتصادي فهد محمد إن ظاهرة "السوق الموازية" بدأت بالظهور في الثمانينيات مع بداية ظهور البطالة وندرة فرص العمل بالجزائر، ثم تفاقمت في التسعينيات والألفية الجديدة بتفاقم البطالة، وفضلت السلطات التعامل معها باللين بسبب عدم قدرتها على توفير البدائل لكل البطالين، وبمرور الوقت تحوَّل الأمر إلى "مكسب" للتجار الفوضويين، فزاد عددُهم حتى بلغ الـ70 ألف وأنشأوا الكثير من الأسواق الفوضوية لتصريف سلعهم والتي لم تكن موجودة من قبل، وهذا قرب الأسواق النظامية والتجمعات السكنية الكبرى وغيرها، حتى أن سوق "سينيسطال" للملابس النسوية والمكياج، والذي أنشأه التجار الفوضويون بالرغاية، 30 كلم شرق الجزائر، أصبح يحظى بشهرة واسعة وتزوره يومياً آلافُ النساء من المناطق المجاورة للبلدية. وإزاء تنامي ظاهرة الأسواق السوداء التي لا تستفيد منها الدولة تماماً من ناحيتي إيجار المساحات والمحال التجارية والضرائب، وكذا كثرة شكاوى التجار النظاميين من كساد سلعهم بسبب إقبال الزبائن على التجار الفوضويين لرخص أسعار سلعهم، يقول محمد، قررت السلطات الشروع في إزالتها بالتدريج وبتأن وحذر على امتداد أسابيع وحتى أشهر من الآن تفادياً لحدوث توترات اجتماعية هي في غنى عنها، أو انضمام الكثير من هؤلاء إلى اللصوص والمجرمين بذريعة أن السلطات سدت عليها كل المنافذ كسب الرزق. منافسة غير متكافئة ويقول رابح مسعودي وهو تاجر ملابس بالرغاية "نعرف أن هؤلاء يعانون البطالة وظروفهم الاجتماعية صعبة، ولكنهم استقطبوا معظم زبائننا لأن أسعارَهم أرخص، فهم لا يدفعون الضرائب ولا أسعار الكراء مثلنا، ولذلك لا نستطيع منافستهم، ونحن كتجار نظاميين لا نطالب بدفع هؤلاء إلى براثن البطالة ومن ثمة الإجرام واللصوصية، بل فقط بتسوية وضعيتهم حتى يصبح الجميع على قدم المساواة وتكون المنافسة التجارية متكافئة". ولم يُخف بعض التجار النظاميين في سوق "ساحة الشهداء" بالجزائر العاصمة ارتياحَهم لإزالة السوق الفوضوية التي كانت تحيط بهم من كل جانب، وتحجب الزبائن عنهم تماماً، يقول السعيد الونَّاس، تاجر أدوات منزلية "كان عشرات الشبان يحيطون بالمكان ويحوِّلون كل الزبائن إليهم دون أن يدفعوا دينارا واحدا لخزينة الدولة عكسنا نحن، الوضعية الآن أكثر هدوءاً ونظافة أيضاً، فلا تنسوا أن بقايا السلع والنفايات كانت تملأ المكان كل مساء". هذه السوق كانت تتسع لآلاف التجار الفوضويين، وكانت تعج بالحركة، حيث يزورها يومياً عشراتُ الآلاف من الزبائن معظمهم نساء، وتعرف فيها السلع رواجاً كبيراً وفي مقدمتها المقلدة التي تسمى محلياً "سلع تايوان"، وكان تجارُها الفوضويون يحققون أرباحاً كبيرة، إلا أن شدة الاكتظاظ أدى إلى اختناق الحركة وعدم مرور السيارات إلا بصعوبة بالغة، وفي الأخير تدخلت الشرطة وأزالت السوق بصعوبة كبيرة، وبرغم أن الأمر خلف ارتياحاً لدى التجار النظاميين وأصحاب السيارات، إلا أنها خلفت استياءً واسعاً لدى التجار الفوضويين وكذا الزبائن الذين تعوّدوا على التسوق فيها لرخص أسعارها، ونفس الاستياء وجدناه في الرغاية إثر إزالة سوقين فوضويتين إحداهما قرب السوق الرسمية والأخرى المسماة "سينيسطال". وأبدت النساء سخطهن لإزالة هذه الأسواق التي اعتدن على اقتناء حاجياتهن منها. تقول نصيرة عزُّوق "تعودت على اقتناء مختلف حاجياتي وأطفالي من سوق "سينيسطال" لرخص أسعارها، لكن إزالتها الآن سيدفعنا دفعاً إلى السوق النظامية وهو ما سيكلفنا مصاريف إضافية سترهقنا باعتبارنا عائلة محدودة الدخل". البدائل غير جاهزة المشكلة أن السلطات قررت إزالة هذه الأسواق وأسواق أخرى دون أن تجهز البديل بعد، وهو ما خلف تذمراً واحتقاناً واسعاً لدى التجار العشوائيين الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها بين أنياب البطالة، يقول أحمد مخلوفي، عضو بمجلس بلدية الرغاية «احتج التجار الفوضويون بعد إزالة سوقين لهم مؤخراً، لكننا وعدناهم بأن نوفر لهم البديل بعد الإعلان عن مناقصة لانجاز سوقين قريباً»، ويعتبر مخلوفي أن التجارة الفوضوية «شوهت وجه المدينة والطرق والأرصفة التي احتلها أكثر من 750 تاجراً فوضوياً بسلعهم، ولذلك كان لابد من إزالة السوقين الفوضويتين والتحضير لإنجاز سوقين نظاميتين في الأشهر القادمة لاستيعاب كل هؤلاء التجار». من جهته، وعد وزير التجارة مصطفى بن بادة بإيجاد البدائل لكل التجار الفوضويين من خلال بناء أسواق جديدة نظامية، وهذا لـ«حماية مداخيل الأسر التي تعتاش من التجارة الموازية».
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©