سقف الطموحات ينطلق بطائرة نفاثة، تحلّق في وجدان الذين يعشقون الأعالي، والذين كل محطات التألق مفتوحة لأحدهم، لأنهم هم الذين يزيلون الصدأ عن العزائم، وهم الذين يكحتون الغبار عن إراداتهم، ولأنهم هم الذين أصبحت الوظيفة في عرفهم رياضة أخلاقية، تستمد لياقتها من قناعات شخصية بأن العمل واجب مقدّس، والإخلاص فيه، سمة المؤمنين بأن النجاح لا يتوافر إلا للذين يتخلون عن الأنا، ويندمجون مع الآخر، في لعبة الحياة، والمبنية على العطاء أولاً، ثم توخي الأخذ. الحياة سفينة، والسفينة لا تجري على اليبس، لابد من قناة مائية صافية لا تعكرها خبات موج، حتى تمضي سفينة العطاء نحو غايات أوسع من حدقات المحيط، وأعظم من صهوات الجبال.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، «رعاه الله»: إن الإمارات أصبحت اليوم استثنائياً متميزاً في تطوير العمل الحكومي، مما جعلها مثالاً تحتذي به الدول. ليس كلاماً إنشائياً ما نسمعه وما نقرأه، إنما هو بصمة الواقع التي ارتسمت في الضمير الوطني، واقع العلاقة بين الإنسان ومكان العمل الذي صار موئله الذي يعتني به كما يعتني بحديقة من له، كما يهتم بشؤون عائلته، كما يواظب على ترتيب مشاعر أبنائه، هذه السمات تعلو هامة كل مسؤول، وموظف يعمل في دوائر، ووزارات، ومؤسسات البلد، الأمر الذي جعل الإمارات واحة للطيور المهاجرة، والتي ما إن تهبط بأجنحة طموحاتها على هذه الأرض، حتى ترتفع حدة رغباتها بالبقاء وعدم المغادرة، لأن التربة هنا، خصيبة، والشارع مضاء بمصابيح المودة، والشاهقات تخضّب المشاعر بحناء الفرح، والبنى التحتية، مؤسسة على رفاهية الناس وقماشة بملمس المخمل. كل ذلك يجعل الوطن يشمخ، ويرسخ، ويجعل الطموحات تذهب إلى ما لا نهاية، والنتائج تحمل في طياتها علامات الفخر، والعز، لوطن سخّر كل ما يريده الإنسان، ووفّر معطيات الراحة، وصار في الأنام بستاناً، ترتع فيه فراشات الجمال، وغزلان البذخ تذهب إلى جداول العطاء، جذلة، تشع بأناقة التعاطي في سبل الحياة، من دون رعشة خوف على غد، أو قشعريرة جزع من قادم صادم، فكل المسارات تبدو رخية، وكل القطارات تؤدي إلى حفل زفاف بين النظرية والتطبيق. وما الخيال إلا مسحة من بهجة الخاطر، والإنسان يشهد كل هذا العزف على سيمفونية النجاحات المتتالية.