لا حل مع المخالفات المرورية، وخاصة تلك التي تأتيك على الريق، وبعد أن تفتح هاتفك مباشرة، إلا الابتسامة، ومحاولة تشتيت ذلك الرقم على مشتريات صغيرة في يومك عادة، وستتغاضى عنها ذاك النهار الذي تصبّحت فيه بمخالفة مرورية لم تكن على البال، هذه النصيحة الفعّالة كردة فعل لما استبشرت به صباحك، وإن كنت أعتقد أنه لا يوجد واحد منا، لا يتعكر مزاجه، ولا يتغير صباحه، حينما يفتح نقاله، ويتصبح بتلك الرسالة المبعوثة له، والتي بالتأكيد لا تبشره بالفوز بالجائزة الكبرى لمطار أبوظبي، ولا بالحصول على بيت شعبي، ولا حتى الفوز بالسحب على سيارة الجمعية؛ لذا تجد البعض يظل يؤجل فتح تلك الرسالة من حينها إلى أن يغرّ فنجان قهوته أو يلطم «ريوقه» على عجل أو يتنازع مع الحرمة لتشتيت الضغط، وتحويل طاقة المخالفة السلبية إلى شيء أخف وأهون وألطف، ومن باب «الرهَوَة على المربوطة»، لكن ردة فعل تلك الرسالة الصباحية التي تأتي على الريق، تختلف من شخص لآخر، رغم أن فحواها واحد؛ «تم تحرير مخالفة على لوحة المركبة، الفئة الخامسة، خصوصي أبوظبي، وذلك بتاريخ 15 يوليو، رصيدك من المخالفات 14 مخالفة، بمبلغ 7200 درهم، نرجو الالتزام بقواعد السير والمرور، ونتمنى لكم السلامة».
نحن الرجال صدورنا واعرة، ونتقبل المخالفات على مضض، ولا نناقش كثيراً، لكن عند النساء الأمر مختلف، حاول ولو من باب التجربة و«المغَيّة» مع أي حرمة، وقل لها: «تراك سويتي مخالفة مرورية أمس»، أول ردة فعلها: «لا أخوي أنت غلطان»! طيب الرجال ما يخصه حتى يكون غلطان، الغلطانة أنتِ، والمُخَالِفة أنتِ أو تسمعها تقول: «والله مب أنا»! طيب منو بنت جارتكم مثلاً؟ وإلا ذلك السائح الألماني المستأجر سيارة من مكتب تأجير السيارات، ومرات تسمعها تحتج، وتريد أن تغالط بتبريرات غير مقنعة: «مستحيل.. أصلاً أنا ما ظهرت من البيت اليوم»! يعني الرادار يتبلى عليك من بِدّة أمة محمد، ثم تحاول أن ترقق ردة فعلها، وتلطف من عنادها: «ليش؟ كيف؟ ما أعتقد أني تجاوزت هامش السرعة»، يعني الرادار ماكينة ديزل، وإلا جهاز حساس، ورقمي، ويمكن أن تُكبّر صوره حتى ترى بوضوح مجهري منابت شعر الجفون التركيبة، لذا أحسن لك أن تهدئي قليلاً، وفكري كثيراً قبل الاحتجاج على المخالفة المرورية، وبعدين إذا كان لديك أي اعتراض على المخالفة يحق لك أن تحتجي خلال شهر من تحرير المخالفة، وحين تذكّرها بقيمة المخالفات التي بالآلاف، وأنها كان بإمكانها أن تشتري بها حقيبة يد «ماركة»، بدلاً أن تروح هكذا ببلاش، تلقى اللوم في عينيها واضحاً، وتثقل عليها بذاك القول، حتى تشعرك كأنها مفلوعة في رأسها، ولا تعرف من فلعها، وتريد أن تحط غضبها على أحد، وحين لا تجد الأولاد، أحد راقد، وواحد بايت مع نقاله يلعب ألعاب لا تعرفها، والبنت لأنها تعبت في المدرسة هذه السنة تخليها تنام حتى الضحى «العود»، وبعد البحث، وحين لا تجد أحداً في البيت غيرها، تلزّ الصحون، وتفك غلها في الأكل.
أما الرجل فردة فعله الأولى: «لا حول.. تراهم لعوزونا بهالرادارات»، وربما تسمعه يتحرطم لوحده: «عجزنا من ضرب هالبريكات، ركبنا راحت، وسفايف سيارتنا دخنتها وصريرها من بعيد»، وقد يشارك العباد كلهم في تلك المصيبة: «يعني أنا أخّيَرّ من فلان وإلا علان»، الرجل لا يحتج بقدر ما يبحث عن تبرير، وحين يعجز طبعاً، يرق صوته بحثاً عن طمأنينة دينية تريحه: «عسى الله يهديهم، ويخفضون هالمخالفات قبل ما تنتهي الملكية»!