حلمت صوتك البعيد أيها العام الجديد أنك همست بالأمان، وأيقظت غفوتي وكفك التي توعد بالحنان تمسح ظل حيرتي، يقول كل ما تمنيت وحلمت أن أقول عن كل السنين التي سوف تأتي بها إلينا محملة بالآمال والسعادة والسلام، كما ترقبت رؤاي مدارج الفصول التي تتوالى في مدارها وتعاقبها الذي تكور به الزمان كالسحب التي تبشر بالخير والعطاء حين تتساقط على الغصون فتينع الأشجار اخضراراً وخصباً وربيعاً دائماً ينبأنا بثمار تخبئ في رحيقها لذائذ المحبة وطعمها الطمأنينة.
وإن زماننا الذي سوف تجيء به والذي نرقبه كنفحة العطاء سيغزل لنا من منابع الضياء وحكمة الأوصياء خيمة الأمان، تهدأ في رحابها نفوسنا التي فاض بها القلق عبر الليالي المعتمات من السنين التي مرت مثقلة برعبنا من شراسة وسطوة الوباء. 
نحن الذين نقشت السنون الماضيات في وجوهنا ملامح الخوف من انتشار سلالة هذه الجائحة التي ما زالت تفتك بأرواح البشر في كل بقاع الأرض، حتى بدوا كالفقراء يشحذون في أرصفة الزمان كسرة من البقاء وحفنة من الشفاء، كأنهم يموتون في جلودهم ويأكل اللسان خوفهم، حتى بدت لهم الحياة كجثة ومقبرة تسير في جنازة الفصول. 
إن تسقط الغيوم صوتك العميق أيها العام الذي سوف تأتي كشعلة من ضياء الأمل تندس في نخاعنا فرحاً وسلامة كالمخاض في الرحم، فينحسر الوباء ويذهب إلى مهاوي العدم، ونصير في عروق هذه الأرض كالشعلة، التي تمد ضوءها جسوراً من الرقي والحضارة، نصير كالكواكب والشموس نرصع الزمان المقبل بالحلم والضياء، وتنطق الشفاه واللسان بالشعر والإبداع، فحين تبدع الحياة بكل تجلياتها في إماراتنا الحبيبة، تخط ريشة الطهارة: الحب والأمان للطبيعة والكائنات والإنسان!.
فهل ستبدأ الآن أيها العام الجديد وتبشرنا بوعد اجتثاثك لهذا الوباء الذي غزا البشر كالحروب التي اجتثت حضارات وهدمت ماضيها وحاضرها، وهل ستجتث جذوره وسلالته الشرسة من منبتها وتحيلها ذكرى آسنة خذلى، وتمسح نوم الرعب من أجفاننا التي أتعبها الأرق وأيقظها شبح الوباء الذي ينثال كالسوط الذي يجلد أجساد الصغار والشباب والرجال والنساء مرضاً ووجعاً وموتاً، يحتز ألوان المحبة والطمأنينة والسلامة من أحداقهم، كما يحتز سطوة الخريف لون الربيع.
فهل تلهمنا أيها العام الجديد بزمن سوف تأتي به كانفجار الرعد حين يسقط السحاب بمطر الخير والخصب، وبأن هذا البلاء سينتهي ويبدأ الوقت المحمل بالأمان والرجاء؟!.