شهداؤنا الأبرار، أرواحنا التي ذهبت إلى السماء كي تمطرنا بوجود أزهى، وحياة أهنأ.
هؤلاء هم أبناء هذا الوطن، هم فلذات الأكباد التي وهبت الأرواح سخية من أجل عالم يهنأ بالحرية من أجل شعوب تسعد بأفكار لا تقيدها طائفية، ولا يحبس أنفاسها مسخ عقدي.
أبناؤنا هؤلاء أحبابنا، الذين جعلوا من دمائهم حبراً نقياً يسطر ملاحم تاريخ.. وطن، سمته الحب، وسجيته التسامح، وفطرته التضامن مع المظلوم، ورفع الضيم عن المعوز، وذي الحاجة.
شهداؤنا قدموا الأرواح رخيصة، سخية في سبيل كسر شوكة الظلم، وكبح جماح العجرفة، ومنع انهيار قانون احترام الآخر، واليوم وبلادنا تكمل عقودها الخمسة، وتمضي باتجاه المستقبل تضع الجيل الحاضر أمام مسؤولياته، وترفع صور الشهامة، أمام الأبصار لتكون العلامة، والشامة في ضمير عشاق الحياة، ومحبي الجمال في هذا العالم الذي لا مستقبل له من دون ذاكرة تحمل كرامات الذين ضحوا،  الذين وضعوا أرواحهم فداء للقيم الإنسانية العالية، وعبروا عن تاريخ وطن ترعرعت أغصان أشجاره على عذوبة الدماء الزكية، نقاء الأرواح الطاهرة، هذه هي العبرة، وهذه هي الرسالة التي تركها أولئك الأفذاذ، أبطال الإمارات، لمن سيأتون من بعدهم ومن سيحملون الراية، لأجل غدٍ مشرق بالتضحيات، ونبل العطاء، ونجابة البذل، هؤلاء الأبناء الشجعان الذين ضربوا مثالاً للرجولة، ونموذجاً للبطولة، ليكون هذا الدرس هو الدرس الأول الذي يتعلمه هذا الجيل، ويحفظه، ويرسخه، ويكرسه، ويحرسه، ولا يترك شاردة ولا واردة فيه إلا ويجعلها ترنيمة حياة، ونغمة موجة في سحيق المشاعر، وعميق الإحساس.
هذه التضحيات هي النبس لضمائر عرفت أن الطريق إلى الحياة الكريمة، يبدأ بالتضحية، وتقديم الدماء سخية من أجل أن يحيا الآخرون، وتمضي الحضارة من غير كبوات تعثر الخطوات، ومن دون عثرات تغشي عيون الحقيقة.
هذا الوطن هو الحقيقة بحذافيرها، وجذورها، وأصولها، وفصولها، وفواصلها، هذا الوطن هو حقل الزرع الذي برزت منه هذه السنابل الشريفة، وبزغت فيه شموس التطلع إلى وجود مشرق بالحب،  زاه بمشاعر الانسجام مع الوجود، من دون أحقاد ولا ضغائن.
الرحمة على شهدائنا الأبطال، والصبر والسلوان للأمهات، والآباء الذين أضاؤوا عيوننا بأقمار إخلاصهم لوطن الحب، والتفاني، ووطن الإيثار والعطاء.