الحب والحرية عمودان لسقف واحد، هو الزواج، فلا تجعلوا السقف يميل لعمود، وينأى عن العمود الآخر.
إن حدث ذلك، ينهار السقف، ويصبح الزواج مجرد كذبة، وقعت أنت والطرف الآخر ضحيتها.
الكثيرون يعتبرون الحب تملك للآخر، واستحواذ على حياته، وجعله ملكية خاصة.
يحدث الطلاق العاطفي عندما تميل العاطفة تجاه كفه الحب، أو الحرية، دون الكفة الأخرى، فيصبح الزواج مجرد عربة تسير على عجلة واحدة، مما يجعلها سريعة العطف، ثم التوقف، ليضطر راكب هذه العربة تركها في الطريق، والسير على قدميه، وبالتالي لن يصل، وإن وصل وسوف يصل متأخراً، ويكون الهدف الذي ذهب من أجله قد انقضى أجله.
هكذا نحن الرجل يريد أن يستعبد المرأة، والمرأة تريد أن تنتقم من الرجل، سواء جسدياً، أو عاطفياً، الأمر سيان.
فالمرأة في ذاكرتها الجمعية هناك صورة الرجل الذي اختزل حياتها في صور الطير المسجون في قفص، فقد يكون القفص من معدن الذهب، ولكن الطير لا يهمه إن كان القفص من ذهب أو فضة، أو حتى من خشب، أنه يصبو إلى رؤية جناحيه يرفرفان في الفضاء الرحب، بحرية، وبقرار منه، لا من غيره.
المرأة تريد أن تخرج من هذا القفص، ولكن المجتمع يقف حيال ذلك، والثقافة العامة تفرض على المرأة أن تكون مطيعة إلى درجة العبودية، فماذا بدورها أن تفعل، أنها تقوم بتصرفات تجعل من الرجل يشعر أنه في سجن، وأنه مغلوب على أمره، ولدى المرأة حيل عدة، لا يستطيع الرجل بكل جبروته مقاومتها، ومن هنا تبدأ الرحلة التاريخية في توضيح مدى الخلل الاجتماعي الذي يشوب العلاقة بين الرجل والمرأة، في حالة الخلل في اتزان الكفتين، الحب، والحرية.
فنحن كما أننا بحاجة إلى الحب، فنحن أيضاً بحاجة إلى الحرية، فالحب عمود يتكئ عليه سقف الزواج، وكذلك الحرية، عمود يعدل من كفة الميزان، ميزان الزواج.
اجعل من الزوجة صديقة، كما اجعلي من الزوج صديقاً، فلن تحتاجا إلى أصدقاء، أو صديقات يسمعون، أو يسمعن أسرار القلوب، أن تحتاجا إلى الذهاب إلى إنسان آخر، تفشون له الأسرار، وبعض الآلام إن وحدثت خلال العلاقة بينكما، فأنتما جديران بسماع ما يشعر به الطرف الآخر، وأنتما تستطيعان فك عقد الضيق الذي يطرأ في حالات معينة ويمكنكما حل هذه المعضلات من دون الاستعانة بصديق، أو صديقة، لأنكما الأقرب إلى بعضكما، من أي طرف آخر، وقد لا يتفهم الأبعاد العميقة لأي مشكلة بين الزوجين.
نسمع عن الكثير من المشاكل بين الأزواج، سببها غياب الحرية في فض الاشتباك في سوء التفاهم، مما يضطر أحد الطريفين إلى اللجوء لقوة عظمى، لها مصالحها وتدخلها لا يحل مشكلة، بقدر ما إنه يفاقمها، ويجعل من «الحبة قبة».
إذن اجعلوا من الحب قوامه للحرية، واغتنموا في الحرية مساحتها في لعبة الحب المقدسة.