أيامنا راجحة، وحدبنا أجنحة، ودأبنا صقل لدروب النجاح، وكدنا سفر في عيون الجياد الجامحة. ربما يشعر البعض بالقشعريرة، إذ تذهب عنهم صباحات النوم الطويلة سدى ولأنهم اعتادوا قضاء الوقت سباتاً حتى تتنمل الأطراف، وتترهل عضلات الجسد.
ولكن كل ذلك سيزول، مع صحوة الصبح، ومع غسل اليدين بالماء والصابون، وإزالة غبش الليل والانفتاح على نهار جمعة عمل، يفصح عن سر النملة التي أيقظت عزيمتها باكراً وتسربت بين الزوايا، والأركان، وصارت تبحث عن حبة رز، أو سكر، أو قمحة ذهبية تلمع في صحن الموائد الرخية.
هكذا ستبدو ونحن نقارع الشمس وضوحاً، ونساجل الموجة نشاطاً، وننافس الطير بهجة، ونحن ننظر إلى الأغصان العالية وهي تتدلى بثمار، وأزهار، وما تخبئه الصباحات من رزق ثري، ولقمة غنية.
العمل في يوم الجمعة، هو مسعى الأوفياء للطبيعة وسبر النبلاء في بحثهم عن شيمة الحياة الكريمة، وقيمة الحركة في تدوير الدماء في الجسد، وضخ الطاقة في أتون العقل.
نحن بحاجة إلى هذه الدينامية، في ثقافة العمل اليومي، وفي فكر الاندماج مع دورة العالم الاقتصادية، وفي حيازة مقود العربة باتجاه الأفق، وقد ملكنا ألباب الدنيا ونحن نسابق الريح للوصول إلى أعلى القمم، وأقوى الهمم نحن وصلنا، ولا بد أن نواصل الطريق، لتحقيق ما هو أعلى، لأن السماء ليس لها سقف، وسقفنا نحن ما بعد النجوم، وما فوق الغيوم.
هكذا علمتنا الأيام ونحن نطالع المشهد، ونحن نتابع الجياد التي تثب، ولا تكبو، وتسكب رحيق أنفاسها على شفة الواقع، مبتهلة إلى إرادة قوية، وعزيمة صلبة، وحلم لا ينثني، ولا تنكسر عصاه، لأنه حلم الذين يسطرون للتاريخ ملاحم فوز، والذين يكتبون اسم الإمارات، بحروف من لون الشمس، والذين يسبكون قلائد الوطن من بريق الإصرار، والتصميم على الوصول، وتحقيق أجمل الإنجازات، وأكمل المشاريع، وأعظم الطموحات.
فنحن كما أننا سبقنا دولاً لها من الحضارة مئات السنين، وآلافها، نحن وصلنا خلال الخمسين عاماً شغاف السحابة.
نحن بأربعة أيام ونصف اليوم، سوف نضيء الليالي بمصابح «الأنا» المتصالحة مع نفسها، ونستطيع أن نحقق ما لم يحققه الآخرون بأيام، وشهور، وسنوات.
الإمارات، كائن خيالي، له مع الإبداع سمات، وصفات، وسجايا، ولن تتوقف عجلة المهارات عن تقديم كل ماهو بديع، وأصيل، يخدم مصالح البلد، ويحقق الأماني، وينجز التطلعات.