الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المستقبل الغامض..هاجس ذوي التوحديين

المستقبل الغامض..هاجس ذوي التوحديين
22 أكتوبر 2015 18:00
خورشيد حرفوش (القاهرة) مخاوف كثيرة تنتاب أسر التوحديين لا سيما وهم يودعون مرحلة الطفولة وينتقلون إلى المراهقة مع كل ما تحمله المرحلة من مشاكل وتغيرات جوهرية، فضلاً عن كونها بوابة تنقل التوحدي إلى مرحلة عمرية جديدة لديها متطلبات مغايرة كالتعليم والعمل والزواج. ويشير ذوو توحديين إلى أن التعاون بينهم وبين المراكز التأهيلية، ووضع الأسس السليمة في الطفولة تؤمن عبوراً سهلاً لمرحلة البلوغ، وتسهل انتقال الطفل التوحدي إلى عالم الكبار. هم كبير تعبر آمال فائق الفار، والدة الطفل التوحدي حسام سعيد، عن هموم كل أمهات وأسر ذوي التوحد. وتقول: «انشغالنا بمستقبل طفلي البالغ من العمر سبع سنوات، يفوق معاناتنا، ورغم تحسن حالته بعد الانخراط في برنامج تأهيلي في مركز متخصص، حيث تحسن نطقه، وأصبح اجتماعياً بدرجة معقولة، ولكننا ما زلنا لا نعرف حتى كيف نختار له مسلكاً أكاديمياً، فهو يحب الموسيقى فقط». وتذهب إلى أن أكثر ما يقلقها مرحلة المراهقة، ومشاكلها، وكيفية التعامل معه خلالها، مشيرة إلى أنها تفكر أيضاً في زواجه، وهل سيكون قادراً على الاستغناء عن الدعم والاعتماد على نفسه. وتتفق الدكتورة كوثر الخولي، أخصائية التحاليل بمستشفى عين شمس التخصصي بالقاهرة، مع الفار في أن سن البلوغ والمراهقة، هي الأصعب في حياة التوحدي بالنسبة للأهل، متخوفة من وصول ابنتها دعاء (8 سنوات) إليها، فهي لا تعلم كيف تتعامل معها حينها. وتقول: «أطفال التوحد على قدر محدود من الفهم للقواعد الاجتماعية السائدة في المجتمع، وكيفية التقبل والتعامل مع الآخرين، ومن خلال خضوع دعاء للبرنامج العلاجي، اكتسبنا خبرة في التعامل معها، وعرفت أن جزءاً كبيراً من تطور مهارات الطفل التوحدي، ونجاح البرامج العلاجية تعتمد على التعاون بين المختصين والأسرة، وعلى مثابرة الوالدين، وهذا ما فعلناه، وساعد في تحقيق تحسن ملحوظ في حالتها، وطبقنا خطوات كبيرة في مجال تعديل سلوكها، وخبرات التواصل معنا»، مضيفة «ركزنا على تدريبها على كيفية الاهتمام الذاتي بنفسها، وإكسابها ثقافة الحفاظ على نفسها، وضرورة التقيد بمظهر الحشمة، واستطعت أن أعلمها حرمة الجسد، وأنه لا يحق لأحد غيرها أن ينظر إليه أو يلمسه لأنه شيء خاص بها، بتعويدها على إغلاق باب الحمام، وإغلاق باب غرفتها أثناء تغيير ملابسها أو عند النوم». وتلفت إلى أن همومهم لا تزال قائمة سواء بالنسبة لمستقبلها الدراسي والمهني، وإمكانية 7 تجاوز مرحلة البلوغ ومن ثم الزواج. تقبل المجتمع وتؤكد الدكتورة حنان العناني، أخصائية التأهيل وعلاج النطق والتخاطب وعضو جمعية أصدقاء التوحد بالقاهرة، أن لتقبل المجتمع لذوي القدرات الخاصة والتوحد أهمية كبيرة، وترى أن مسألة الاندماج في المجتمع، والتأهيل، والأعداد المهني للطفل التوحدي تتوقف أولاً على درجة الاضطراب، فليس كل طفل مصاب بالتوحد يبدو بشكل غير طبيعي، أو أن سلوكه غير سوي، موضحة أن جزءاً كبيراً من تطور مهارات التوحدي ونجاح البرامج العلاجية المقدمة تعتمد على التعاون بين الأسرة والمدرسة والمختصين، وعلى صبر ومثابرة الوالدين في العمل مع طفلهما. وحول المجالات التي يمكن أن يعمل بها الأطفال التوحديون عندما يكبرون، تقول إنها تعتمد على قدراتهم وإمكاناتهم وعلى ما يتوفر لهم من خدمات لتدريبهم على مهن معينة، مشيرة إلى أنهم يمكن أن يعملوا في مجالات مختلفة تعتمد على مهارات محددة يتميز بها الفرد وهذا يحتاج إلى مراكز متخصصة في التأهيل المهني الخاص بفئة التوحد، لأنهم لا يستطيعون العمل في مجال التفاعل مع الآخرين نظراً لقصور التفاعل الاجتماعي لديهم، لكنهم لن يستطيعوا العمل إلا بعد التدريب والتأهيل. وتضيف: «البلوغ يحدث قلقاً وإرباكاً لأسر التوحديين لأنهم يعانون من عجز في كثير من المهارات الاجتماعية التي تمكنهم من التكيف مع الوضع الجديد، ومن ثم يلزمنا أن نهيئ أنفسنا لمرحلة البلوغ كأسرة بكل إيجابياتها وسلبياتها من خلال ملاحظة سلوك الطفل والبالغ، وتوعيته عن طريق تصحيح السلوك، وتدريبه على كيفية الاهتمام بنفسه، ونظافته، وكيف يتعامل مع الناس من حوله، وهي مسألة ليست سهلة، وتحتاج جهداً وصبراً، لأن تعديل السلوك أحد الجوانب المهمة التي لا بد من التركيز عليها في وقت مبكر من عمر الطفل، حتى يكتسب القواعد والقيم الاجتماعية المناسبة التي سيُقبل عليها من بعد البلوغ». وتوضح «خطة العلاج السلوكي تعتمد على الدعم والجهد الفردي للوالدين أو المعالج المسؤول، ويكون التركيز على تطوير اللغة وطرق التواصل الاجتماعي، فالأفضل أن تطبق قبل سن دخول المدرسة لأن الدماغ في مراحله الأولى يكون أكثر قابلية على التشكل واكتساب الخبرات وتغيير العادات». مستوى القدرات تقول الدكتورة جليلة بدران، استشارية الصحة النفسية بالمركز المصري الكندي لتنمية القدرات الذهنية، إن التأهيل الاجتماعي لذوي التوحد يتوقف على مستوى قدرات الفرد المعرفية والإدراكية والقدرة على تحمل المسؤولية، ما يتطلب تنمية مهارات التواصل، وإذا توافرت لديه بعد ذلك متطلبات تحمل مسؤولية الزواج، والقدرة على القيام بالواجبات الأسرية، وما يترتب عليها، فمن حيث المبدأ ليس هناك ما يمنع زواج أبناء هذه الفئة، رغم أن الواقع يقول، إن الأغلبية العظمى من التوحديين في العالم لم يتزوجوا، لكن هناك حالات نجحت في ذلك، مضيفة «على الوالدين ألا ييأسوا، ففرص النجاح تتوقف على الجهد المبذول، إلى جانب اعتبارات أخرى، فهناك بالغون مصابون بالتوحد، ويعيشون بطريقة طبيعية، وقادرون على العمل والعيش باستقلالية، وقد يعتمدون على الآخرين بنسب متفاوتة». مؤشرات إحصائية أظهرت دراسات حديثة، أن 20 إلى 30% من حالات التوحد الخفيفة ذات الذكاء العادي تتحسن مع التدريب، وأن أكثر من 70% من حالات التوحد يبقون بحاجة إلى رعاية تامة لعدم تمكنهم من تحقيق الاستقلالية التامة في المعيشة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©