الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونان: الشارع يرفض خطة التقشف!

29 أكتوبر 2011 09:15
تحدى البرلمان اليوناني الاحتجاجات العنيفة التي أسفرت عن قتيل واحد، مجيزاً مؤخراً الإجراءات التقشفية الإضافية لتأمين المساعدات المالية التي تحتاجها اليونان في هذه اللحظة العصيبة ولتفادي الإفلاس الوشيك. فقد حصلت الحكومة المتورطة في الأزمة المالية الخانقة على 154 من الأصوات في البرلمان، متجاوزة بثلاثة أصوات فقط النصاب الضروري لتأمين الأغلبية اللازمة لتمرير التشريع الذي يضم عدداً من الإجراءات القاسية مثل رفع الضرائب على شرائح واسعة من الشعب اليوناني وخفض معاشات التقاعد والرواتب في القطاع العام، فضلاً عن تسريح ما لا يقل عن 30 ألف موظف في الجهاز الحكومي الذي كلف الدولة مصاريف باهظة، وخلال جلسة التصويت تغيب مشرعان فيما صوت 144 عضواً، أغلبهم من النواب المحافظين، ضد الإجراءات التقشفية التي اقترحتها الحكومة، علماً بأنه التصويت الثاني الذي يجريه البرلمان على حزمة الإصلاحات الحكومية خلال يومين. وعلى رغم النتائج المتوقعة بإجازة البرلمان للقانون الذي يعد ضروريّاً لحصول البلاد على المساعدات الأوروبية، تنفس رئيس الوزراء، جورج باباندريو، الصعداء وهو يعبر عن شكره أمام أعضاء البرلمان المؤلف من 300 نائب على تمريرهم للتدابير غير الشعبية وتغليب مصلحة البلاد العليا على الصراعات السياسية. وقد خص بالشكر نواب الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه لوقوفهم إلى جانبه، على رغم الثمن السياسي الباهظ الذي سيدفعه الحزب على الساحة الداخلية. ثم بعد ذلك قام رئيس الوزراء بإقالة "لوكا كاتسيلي"، العضو البارز في حزبه بعدما وفت بتعهدها السابق وصوتت ضد أحد الإجراءات المتضمنة في الخطة الحكومية المتمثل في تحرير قانون العمل. وفي بيان أصدره رئيس الوزراء باباندريو جاءت قراءته للحدث: "لقد كان تمرير الإجراءات أمراً مرتبطاً بواجب الشعور بالمسؤولية الوطنية... لأن الهدف منها هو الحصول على المساعدات المالية التي ستلبي احتياجاتنا المالية وتمنع البلاد من السقوط في فخ الإفلاس، وتساهم في صيانة مستقبل العائلات اليونانية". ولكن الحشود التي تجمعت خارج البرلمان اليوناني عبرت عن استيائها من الإجراءات التقشفية، فقد تجمع لليوم الثاني على التوالي أكثر من 50 ألف يوناني من الموظفين والعمال في شوارع أثينا للتعبير عن رفضهم للتشريعات الحكومية الأخيرة والجهر بأصواتهم المنددة. وفيما حاول المئات من نشطاء الحزب الشيوعي حماية المتظاهرين وضمان الطبيعة السلمية للاحتجاجات، استغلت مجموعة من العناصر في لباس أسود التظاهرات للهجوم على رجال الأمن وبسرعة دخل الطرفان في اشتباكات تدهورت سريعاً إلى مشاهد عنف وصراع. وقد التزمت الشرطة بضبط النفس لساعة من الزمن قبل أن تتدخل ضد مثيري الشغب الذين كانوا يرشقون عناصرها بالحجارة، حيث استخدمت الغاز المسيل للدموع وتعالت سحب الدخان القاتمة على مبنى البرلمان فيما واصل المحتجون مظاهراتهم. وبسبب العنف أصيب ما لا يقل عن 40 محتجّاً بإصابات مختلفة وصفت حالة ثلاثة منهم بالخطيرة، بمن فيهم أحد العمال يبلغ من العمر 53 عاماً تعرض لإصابات بليغة بسبب الحجارة، ليلفظ أنفاسه بعد ذلك إثر نوبة قلبية بأحد المستشفيات القريبة في العاصمة أثينا. كما تعرض محتجان آخران في أواسط عمرهما لجروح بليغة عندما تعثرا فوق أدراج السلم وسقطا من علو مرتفع على الأرض. وليست هذه هي المرة الأولى التي يسقط فيها قتيل خلال الاحتجاجات اليونانية التي تطورت من مطالب سلمية ومسيرات منظمة إلى أعمال عنف وفوضى تجتاح الشوارع اليونانية، فقد سقط ثلاثة قتلى في مايو من بينهم امرأة حامل عندما وقعت الحكومة اليونانية على قرض تصل قيمته 150 مليار دولار منحته الدول الأوروبية وصندوق النقد الدولي، وهي الدفعة الأولى من المساعدات المالية بعدما تكشف حجم أزمة الديون التي ترزح تحت وطأتها اليونان وعجزها عن سداد مستحقاتها للدائنين. وقد اشترطت الدول الأوروبية الممولة على اليونان تمرير حزمة من الإصلاحات القاسية للحصول على الشطر السادس من الديون المتفق عليها. وبتصويت البرلمان اليوناني يوم الخميس الماضي على تلك الإصلاحات تكون قد أزيحت إحدى العقبات الأخيرة لتسلم ما تبقى من خطة الإنقاذ الأوروبية، والاستفادة من أموالها، وإلا كانت اليونان أمام خطر الإفلاس مع ما يعنيه ذلك من عجز عن السداد ودفع رواتب الموظفين. وفي أجواء الأزمة العامة التي تضرب أوروبا لم يكن ممكناً السماح بإفلاس اليونان، ولاسيما أن ذلك سيلحق أضراراً بالغة بالبنوك الأوروبية. ولكن على رغم تمرير البرلمان اليوناني للإجراءات التقشفية لا يبدو أن مشاكل الديون الأوروبية قريبة من الحل، حيث سيكون على القادة الأوروبيين طرح خطة نهائية لمواجهة الأزمة، فضلاً عن ضرورة التغلب على الخلافات التي ما زالت تفصل وجهتي نظر ألمانيا وفرنسا وتوصل رسائل سلبية إلى المستثمرين المتخوفين من عدم الاتفاق على رسملة البنوك الأوروبية وإنقاذ الاقتصادات المتعثرة. وقد كان لافتاً إصرار فرنسا وألمانيا دعوتهما إلى عقد قمة ثانية لوضع اللمسات الأخيرة على الخطة الأوروبية بما فيها مراجعة شاملة للديون اليونانية. وعلى رغم تراجع حدة المظاهرات في شوارع أثينا بعد تمرير خطة الإصلاحات وعودة كثير من المحتجين إلى بيوتهم، إلا أن المراقبين يحذرون من استمرار الاستياء لدى المواطنين واحتمال اندلاع مظاهرات أكبر خلال الأيام المقبلة مع بدء تطبيق ما جاء في الخطة من إجراءات تقشفية. أنثي كارسافا - أثينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©