الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطفل الموهوب ثروة استثمارها ضرورة

الطفل الموهوب ثروة استثمارها ضرورة
30 أكتوبر 2011 09:38
الطفل الموهوب ثروة بشرية وطنية حقيقية لأي مجتمع من المجتمعات، ومن يوصفون بالمتفوقين أو الموهوبين إنما هم فئة تمثل القلب النابض والعقل المفكر القادر على الإبداع والعطاء، وهم نخبة وثروة لا تنضب إن أحسن استثمارها بشكل فاعل وإيجابي في مواجهة التحديات في أي زمان ومكان. من هنا تتأتى أهمية الاهتمام بالطلاب الموهوبين في مختلف المجالات العلمية، وكيفية اكتشاف المتفوقين والموهوبين، ومن لديهم قدرة على التفكير الابتكاري من الطلاب لغرض رعايتهم والعناية بهم وحُسن توجيههم، وصقل مواهبهم وأفكارهم والعمل الجاد على تعرف جوانب التميز لديهم، ومن ثم العمل على تحديد أفضل الوسائل الممكنة لاستثمار تفوقهم، وتسخيره لما فيه المصلحة العامة. “ هناك عدة علامات يمكن للآباء والأمهات اعتبارها مفاتيح لاكتشاف الموهبة عند طفل ما قبل سن الدراسة، وهي: هل يقوم طفلك في مرحلة ما قبل الدراسة بالتعلم بسرعة والتذكر بسهولة؟ وهل يبدو ناضجاً بالنسبة إلى عمره الصغير؟ وهل يستخدم ذخيرة لغوية كبيرة، ويقرأ ويبدي رغبة غير عادية في التعبير بالكلمات أو يقرأ بشكل مستقل؟ وهل يجرب حل المشكلات؟ وهل يفضل اللعب مع الأطفال الكبار؟ هل يبدو حساساً؟ وهل يبدي ميلاً لحب الاستطلاع الفكري؟ ووهل يبدي عاطفة تجاه الناس والحيوانات؟ وهل يستمتع بالألغاز والمتاهات والأرقام؟ وهل يعترض؟ وهل يسأم بسرعة؟”. بدايات مهمة يؤكد الاستشاري النفسي، الدكتور محمود رشاد، أهمية الممارسات والمبادرات الأسرية منذ عمر الطفل المبكر، ويقول للآباء والأمهات:” اقرأوا مع الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة فالقراءة أحد العوامل الرئيسية إن لم يكن أهمها على الإطلاق في نمو ملكة القراءة، والاطلاع لدى الطفل وفي أدائه الأكاديمي فيما بعد. اقرأوا لهم القصص واشرحوا لهم الصور، فالأطفال عادة يدركون ما يريدون قراءته في سن مبكرة وأحياناً يطلبون الحصول على الكتب نفسها بعد قراءتها مرات ومرات، كما يساعد التلفزيون والألعاب والبرامج الحاسوبية الطفل على تعلم القراءة، لكن يجب ألا تكون كل هذه الوسائل بديلاً عن قضاء الوقت مع الطفل. ومن المهم أن يحكي الوالدان مع الطفل، وأن يستفيدا من تجاربهما الماضية، ومن رؤيتهما المستقبلية لمساعدته في تصور وتخيل ما يقال له، فذلك يساعده على التعلم. إن سرد القصص أمر مختلف عن الحديث أو الحوار العادي، كما أن سرد الحكايات يساعد الطفل على تعلم أشكال وأغراض القراءة والكتابة. ومن الممكن أن نتحدث معه عن العالم من حوله، ومن الممكن أن ننظر معه إلى الخرائط أو الكرة الأرضية قبل القيام برحلة ما أو عند الحديث عن قريب أو صديق خارج المدينة، ونحاول أن نشرح له مثلاً عن الظواهر الطبيعية، وعندما يشاهد بخار الماء المغلي في الإناء نفسر له ما يحدث، ونشرح له مثلاً كيف يتبخر الماء ويصبح سحاباً، وهكذا” تنمية المواهب الأخصائية النفسية سوسن حلاوي، توضح أهمية تنمية مواهب الطفل، وتقول:” إن دور الأسرة في تنمية الموهبة والإبداع يمثل تحدياً آخر يواجه أسر الموهوبين من أجل توفير البيئة الميسرة لتنمية الموهبة، فالأسرة تلعب الدور الأهم في تشكيل الموهبة لدى الطفل، وأن الأسرة إذا لم تقم بتشجيع الطفل وتقديره وتوفير المناخ الملائم له في البيت، فإن الموهبة قد تبقى كامنة. إن رعاية الطفل الموهوب في الأسرة تمثل تحدياً آخر صعباً للأسرة، وللتعرف إلى أهم أساليب رعاية الطفل الموهوب في الأسرة لابد من التعرف إلى نوعية المشكلات التي تواجهها الأسرة عند وجود طفل موهوب فيها. وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة قد بينت أنه من أهم خصائص البيئة الأسرية التي تنمي الموهبة والإبداع لدى الطفل هي البيئة الثرية ثقافياً والآمنة سيكولوجياً، إلا أن هناك العديد من الدراسات تؤكد أن أسرة الطفل الموهوب في الواقع تواجه العديد من المشكلات مع طفلها الموهوب. ويبدو أن هناك بعداً غائباً في تربية الطفل الموهوب. وهو عدم مراعاة احتياجاته العاطفية والنفسية. وأن العديد من الأفراد الموهوبين الذين يتمتعون بذكاء عال قد يفشلون في الحياة العملية إذا لم يمتلكوا الذكاء. العاطفي الذي يجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع مشاعر الفشل في الإحباط والغضب والانفعال، وأكثر قدرة على التعاطف مع الآخرين، وعلى استخدام المهارات الاجتماعية التي تجعلهم أكثر كفاية في حل المشكلات”. مناخ الحرية وتضيف حلاوي:” يبدو أن أسر هؤلاء الأطفال تستثمر قدراً هائلاً من الجهد والطاقة مع الطفل، خوفاً على موهبته من الضياع، وبأسلوب مبالغ فيه، والطفل المبدع لا يستطيع أن يتنفس إلا في جو مليء بالحرية ولا يمكن لموهبته أن تنمو وتزدهر إلا في مناخ يتيح له الاستقلالية والاعتماد على النفس، لذا فإن الصراع الأسري بين الطفل الموهوب وأسرته يحتدم عندما يعيش الطفل الموهوب في هذا النوع من الأسر. الدرس الثالث المستفاد هو أن الأطفال العباقرة يأتون من أسر يتمتع أحد الوالدين أو كلاهما بمستوى عال من التعليم، ويشعر بتقدير وحماس شديدين للعلم، إلا أنه يصر على دفع طفله منذ الصغر على التحصيل العلمي والتفوق الدراسي”. أساليب التعامل تشير الأخصائية النفسية منى اليافعي إلى أساليب الأسرة في رعاية الطفل الموهوب، وترى أنه يمكن استخلاصها فيما يلي: “أن يفهم الآباء أن الطفل الموهوب ليس بالضرورة موهوباً في كل المجالات وفي كل الأوقات، فقد يكون متفوقاً في الرياضيات، وعادياً في اللغة الأجنبية، أو قد يكون موهوباً في الموسيقى، ولكنه عادي في الرياضة. ومن الملاحظ أن آباء الطفل الموهوب يمتلكون صورة مثالية نمطية للطفل الموهوب، وكأنه كائن خارق، متفوق في كل شيء، فيضعون توقعات عالية لأدائه في جميع المجالات. وأن يدرك الآباء أن نمو الطفل الموهوب غير متناغم، على الآباء أن يدركوا أن هناك عدم تناغم في نمو الطفل الموهوب، وأن هناك فجوة بين نموه العقلي ونموه الاجتماعي والعاطفي. وتشجيع الطفل الموهوب على السعي للتميز لا للكمال، والمقصود بذلك هو مساعدة الطفل للوصول الى أقصى ما تسمح به قدراته دون ضغط أو وضع توقعات عالية جداً، وكأنه كائن خارق حتى لا يؤثر ذلك على تقديره لذاته، لأن مسألة تقدير الذات المتدني هي إحدى شؤون الطفل الموهوب وهمومه، لذا من المهم تعويده على التعامل مع الإحباط، والبعد عن الحرص الشديد على الكمال، وعلى تقبل أخطائه، وإدراك أن الخطأ هو جزء من الخبرة الإنسانية الواسعة في الحياة” الذكاء العاطفي يؤكد الأخصائي النفسي، بهجت أبوزامل، أهمية الاهتمام بتنمية الذكاء العاطفي للطفل الموهوب، ويوصي الآباء والأمهات بتوفير المناخ العاطفي الملائم في الأسرة الذي يساعد الطفل على التعامل مع مشاعر الإحباط والفشل، والقدرة على التعبير عن مشاعر الغضب، وتحسن مشكلات الآخرين، وبناء علاقات اجتماعية سليمة مع الآخرين. وأن يدرك الآباء أن الطفل الموهوب هو طفل طبيعي، وينبغي عدم حرمانه من الاستمتاع بطفولته، وإعطائه الفرصة كي يعيش مثل غيره من الأطفال، فهو بحاجة إلى تلبية بعض الاحتياجات كاللعب والمرح واللهو، لأن الطفل الموهوب له احتياجات جسمية وعاطفية واجتماعية مثل بقية الأطفال حتى لو كان مستوى تفكيره يسبقهم بأعوام. وعند توفير الجو المناسب في الأسرة لرعاية موهبته يجب أن يكون ذلك بعيداً عن ممارسة الضغوط الأسرية التي تفرض سياجاً من القيود حوله. وقبول الطفل الموهوب بأنه مختلف عن بقية الأطفال: من الضروري على الآباء أن يدركوا أن الطفل الموهوب يرى أبعد، ويشعر أعمق، ويعرف أكثر من أقرانه، وأن يقبلوا فكرة أنه من الطبيعي أن يكون مختلفاً عن بقية الأطفال وأن يتذمر من الروتين المدرسي الممل، وأن يعتبر الإذعان والقبول نوعاً من الإذلال النفسي، وأنه يميل إلى مصاحبة من هو أكبر منه سناً، فهو يبحث عن التعقيد والإثارة والتحدي. فلقد لعبت بيئة المنزل الثرية والمهيأة للتعلم في مرحلة الطفولة المبكرة دوراً في حياة الأفراد الموهوبين والأذكياء ذوي الإنجازات العظيمة، وعندما قام الباحثون بدراسة خلفيات أطفال المدارس الذين صنفوا على أنهم موهوبون أو متفوقون عقلياً عن طريق اختبارات الذكاء وجدوا أن البيئة الثرية والتخطيط الواعي من قبل الوالدين يساعدان الطفل على التعلم، وجدوا أن العوامل الثلاثة المؤثرة في تفوق الطفل عقلياً: بيئة المنزل، والمدرسة التي شجعتهم على التعلم والاستمتاع. والوالدين والأشخاص الذين حولهم، حيث كانوا نموذجاً للاهتمام والالتزام، فقلدهم الأطفال. والعامل الثالث يتمثل في تدريب الأسرة المبكر للطفل حتى تنمو لديه الرغبة في الإنجاز”. البرامج التعاونية بين الأسرة والمدرسة إن البرامج التعاونية بين المدرسة والبيت من شأنها أن تسرع من سلوكيات التلميذ الأكاديمية وتقلل من السلوكيات الاجتماعية غير المرغوبة، وهناك العديد من المبررات لضرورة التعاون بين الأسرة والمدرسة في مجال رعاية الطفل منها: ? التعاون ضرورة لتحقيق الرعاية المناسبة فيما توفره الأسرة من معلومات وخبرات علمية، تنعكس على عمل الطفل وتقدمه بالمدرسة، وفي نفس الوقت ما يتاح له من معلومات بالمدرسة ينعكس على عمله في البيت. ? التكامل يعد معياراً للعمل التربوي الناجح، فتعاون البيت مع المدرسة كفيل بأن يحقق نمواً متكاملاً في خبرات الطفل التعليمية (المعرفية، والمهارية، والوجدانية)، ما ينعكس على مستقبل الطفل بتنمية شخصية متوازية وحياة علمية مثمرة ومتوافقة. ? التعاون ضرورة لتحقيق الأهداف التعليمية، حيث إن الأهداف من مسؤولية المدرسة والأسرة، ولا يمكن أن تتحقق بشكلها المتكامل والشامل إلا بتضافر عمل المدرسة والأسرة. ? تكامل العمل التربوي بين الأسرة والمدرسة يزيد من فعالية العملية التعليمية بما يحقق ناتجاً أكبر، وفي الوقت نفسه يقلل الفاقد في العملية التعليمية، حيث يقل معدل التضارب بين المعلومات المقدمة للتلاميذ. ? إن أي تغيير تريد المدرسة إحداثه في سلوك التلميذ لابد أن يصحب فهم الأسرة لذلك التغيير، وأهدافه وتوجهاته، حتى تتعاون الأسرة على تدعيمه وتعزيزه، أو على الأقل تنسق عملها ليكون في نفس توجه ذلك التغيير.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©