الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ناصر المهيري: معلوماتي ضعيفة وظننت نيوزيلندا في أوروبا

ناصر المهيري: معلوماتي ضعيفة وظننت نيوزيلندا في أوروبا
29 أكتوبر 2011 22:08
كان السفر إلى الخارج بغرض الدراسة هو رحلة إلى المجهول بالنسبة إلى المبتعث الإماراتي ناصر سيف المهيري، حيث كانت الرحلة الأول في حياته خارج الدولة والاطول على الإطلاق، فقد استغرقت 22 ساعة أحس بها المهيري وكأنها أيام طوال قد لا تنتهي. وكانت الصدمة الأكبر عند الوصول إلى أرض لا يعرف لها في الخريطة مكانا، فقد كان إحساسه، كما يقول، عبارة عن كثير من الحماس ممزوج بقليل من الخوف، فقد أحس أنه في كوكب أخر فهو لا يجيد “الانجليزية” بالشكل الذي يتيح له التخاطب والتواصل مع الآخرين، وعندها راودته هواجس العودة إلى أحضان الأهل والوطن. يدرس ناصر سيف المهيري الذي يبلغ من العمر 23 عاماً، في جامعة أوكلاند النيوزيلنديةUniversity of Auckland، واختار المهيري دراسة الطب البشري، وهو في السنة الثانية حالياً، ويشير إلى أن هذا التخصص كان حلمه منذ كان في المرحلة الابتدائية، علماً بأنه كان متردداً في البداية لأنه يهوى هندسة الديكور أيضاً، إلا أن الطب الذي طالما حلم به كان قراره الأخير. فكرة مستحيلة بعد النجاح في الثانوية العامة، لم يتخيل ناصر أن يتوجه خارج الدولة للدراسة، فقد كانت العائلة تعارض ذلك ولا تؤيد الاغتراب، ولكن بتشجيع من أخيه الأكبر للسفر والدراسة خارجاً كان له بعض التأثير في قراره، موضحا أن قراراه أُتخذ بعد جدالات ويضيف: “كانت فكرة السفر مستحيلة بكل المقاييس، عائلتي لم توافق على اغترابي ولكن للقدر الكلمة الأخيرة، وقدر الله وما شاء فعل”. وقام المهيري باختيار التخصص الذي أراد دراسته وترك بقية الإجراءات لجهة الابتعاث، التي كان عليها اعتماد الجامعة بناءً على المقومات والمعايير المتبعة، وذلك حسب الخطة التي وضعتها الوزارة في هذا الخصوص. صدمة وطرفة في المراحل الأولى لإجراءات الدراسة، واختيار الدولة التي سيبتعث إليها، يشير المهيري إلى أن جهة الابتعاث “وزارة التعليم العالي” عرضت عليه دراسة الطب في أستراليا، وفي حادثة طريفة عن رفضه لهذا العرض يوضح المهيري أن الرفض كان قاطعاً بسبب علمه من الآخرين ببعد هذه الدولة عن الإمارات، ووقوعها في أقصى بقاع الأرض، قائلاً لنفسه “شو يوديني آخر العالم”، وكانت من بين الخيارات المتاحة هي دولة نيوزيلندا، وعن هذه الحادثة التي لا يزال يتندر بها الأهل والأصدقاء يقول: “معلوماتي الجغرافية ضعيفة جداً، لقد رفضت عرض الوزارة في أن أدرس الطب في أستراليا لابتعادها، وقمت باختيار نيوزيلندا ظناً مني أنها دولة أوروبية، ولكن دهشتي كانت كبيرة وخيبة أملي كانت أكبر عندما اكتشفت موقع نيوزيلندا قبل السفر بأيام قليلة، وكانت الصدمة أكبر عندما علمت أن نيوزيلندا في آسيا وأكثر بعداً من أستراليا، أحسست عندها بتوقف قلبي وبتعرق شديد، ولكن الأمور تيسرت بعدها ورضيت بالأمر الواقع”. صعوبات ولكن قد تكون صعوبات إجراءات السفر او العوائق التي تتقاطع حين التجهيز للسفر هي التي تشغل بال الطالب المبتعث، ولكن للمهيري رأيا آخر في ذلك، حيث يشير إلى أن تلك الصعوبات حالة اعتيادية والعوائق تعتبر وجبة يومية على مائدة الإنسان فكيف بالطلاب المبتعثين، ولكن يعتبر المهيري أن أحاسيس التخوف من المستقبل والمجهول الذي ينتظر المبتعثين في بلاد الغربة هو من أهم الصعوبات، وتعد أحياناً من العوائق التي تؤثر على الطلبة، وتكون السبب في تغير رأيهم في الابتعاث بعد وصولهم والعودة إلى البلاد، ويؤكد المهيري أن الحلم بمستقبل مشرق سيساهم بشكل كبير في التغلب على هذه الأحاسيس، ويشير إلى أنه وعند وصوله إلى مطار الانطلاق في أبوظبي وشعوره بأن الوقت حان لمغادرة الإمارات أصابته غصة واختناق ويضيف: “تراءى لي أن تنفسي توقف لبعض الوقت، لم استطع النطق وكنت أرغب في العودة إلى البيت، والمكوث في غرفتي بجانب أهلي”. وأما عن بعض الصعوبات التي قد تواجه المبتعث بعد وصوله، فإن المهيري يعتبر ضعف اللغة من أهم العوائق لأنها تحجم المبتعث عن التواصل مع الناس في المكان الجديد، كما يضيف أن قلة الخبرة في التعامل مع الثقافات الأخرى والتأقلم مع المجتمع الجديد المختلف تماما عن طبيعة مجتمعاتنا والعادات والتقاليد ستكون عوائق ولكن التغلب عليها يعد في منتهى السهولة بعد عقد العزم على النجاح. وينصح المهيري بتكوني صداقات من جميع الثقافات لما لها من أثار إيجابية في تعميق الخبرات التي ستساهم في التغلب على الغربة وصعوباتها، مشيراً إلى أنه كون علاقات جيدة مع أصدقاء مغتربين من جنسيات مختلفة من دول الخليج ومن ماليزيا والعراق والصومال ونيوزيلندا. ويقول: “للأمانة هنا في نيوزيلندا لا يوجد أي نوع من أنواع العنصرية ولم ألمس ذلك بل الكل يمارس أمور دينه بكل حرية، وهنا يتعامل معك الناس بكل ود وطيبة”. رمضان الخير على عكس التوقعات بيوم طويل من دون طعام أوشراب، يؤكد المهيري أن يومه الرمضاني في الشهر الكريم ينتهي أسرع من الأيام العادية المليئة بالروتين، ويعتبر أن الصيام يزيد من التركيز، كما يشير إلى المبادرات الجميلة في التواصل في الشهر الكريم التي يقيمها الطلبة في التجمعات في رمضان المبارك، ويقول: “بالإضافة إلى قيام الطلبة بالتجمع في رمضان، فإن سفارة الإمارات في أستراليا وتحت رعاية (الهلال الاحمر) أقامت مشروع إفطار الصائم في اوكلاند، هذه اللفتة الطيبة التي تساهم في خلق روح التواصل بين طلبة الإمارات والجاليات المسلمة الأخرى كان لها أثر رائع في نفوسنا ونفوس المسلمين جميعا”.ويعمد المهيري في رمضان المبارك إلى طبخ الأكلات الشعبية الإماراتية لأن ذلك يشعره بأجواء البلاد كما يقول، موضحا: “أكيد ما يحلى الافطار إلا بصحبة الاصدقاء”. وعن ممارسة الروحانيات في الشهر الكريم مثل صلاة التروايح، يشير المهيري إلى أن الجامعة توفر مكانا للصلاة تقام فيه الصلوات الخمس، وفي الأعياد، يؤكد المهيري أنه يجتمع مع الطلبة الاماراتيين ويحاولون بقدر المستطاع إحياء العادات والتقاليد الإماراتية في الاعياد من الاحتفال بالزي الوطني وتقديم الأطباق الشعبية المحلية، كما يقومون بدعوة الأصدقاء من بقية الدول والاجتماع معهم وتعريفهم بتراث الدولة. الإمارات غير يجد المهيري فرقاً شاسعاً بين الإمارات والدولة التي يعيش ويدرس فيها، ومن جميع النواحي ويقول: “الإمارات غير، هواها غير، ناسها غير، فالامارات تجمع بين الأصالة والتراث مع الرفاهية والتحضر، ويذكر أنه تقابل مع كثيرين يرغبون في زيارة الإمارات لكثرة ما سمعوا عنها من التقدم والرفاهية التي يعيش فيها الشعب الإماراتي وحتى المقيم على أرضها الطيبة مما يزيدني ذلك فخراً أني أنتمي لهذه الدولة الرائعة”، ويضيف: “أكثر شي نفتقده خارج حدود الوطن هو دفء الوطن، ولا يعرف ما أعنيه إلا من غاب و اغترب عن الإمارات”. حادثة لا تنسى تمر العديد من الحوادث على المرء في حياته بين أهله وخلانه والتي ستبقى عالقة في ذهنه ما بقي على قيد الحياة، وعندما تمر هذه الحوادث في الغربة قد يكون لها طعم خاص، وذكر المهيري عدة حوادث أهمها عند انتهائه من دراسة السنة التأسيسية “foundation” في الطب، فقد طلبت منه إدارة الجامعة تقديم كلمة شكر في حفل التخرج، ويقول المهيري عن هذه الحادثة: “في البداية ترددت، ورفضت لأني لا أجيد التحدث أمام الجمهور وخاصة باللغة الانجليزية، لكن في تلك اللحظة تحديت نفسي وقمت بكتابة كلمة الشكر، وحاولت ان لاتكون هذه الكلمة اعتيادية، بل كانت على طريقة شعر ساخر وكانت المرة الأولى التي أكتب فيها شعراً بالانجليزية”، وعن الموقف الذي لن ينساه في هذه الحادثة بعد إلقاء كلمة الشكر يضيف المهيري: “لم أتوقع ردة الفعل الإيجابية التي وجدتها من الجميع، والتي جعلتني مشدوها للحظات من خلال التصفيق الحار، لقد أثنت الإدارة وكذلك المدرسين على الكلمة، وكنت ارتدي حينها الزي الإماراتي في الحفل مع شال علم الامارات كرسالة فخر واعتزاز لانتمائي لهذه الدولة”. ويذكر المهيري بعض المواقف التي لا تنسى أيضاً عند دخوله المشرحة للمرة الأولى في حياته، ويقول: “رؤيتي الجثث لأول مرة في قاعه التشريح، كان موقفا لا ينسى، شعرت بالرهبة الشديدة، وكانت المرة الأولى في حياتي، ولن أنساها ما حييت”. يهوى المهيري المطالعة كثيراً، كما يكتب الشعر أحياناً، كما يهوى الطبخ الذي تعلمه وهو في الغربة، ويعتبر من أشهر الطباخين الطلبة في أوكلاند بشهادة أصدقائه، وأنه بحكم دراسته فهو لا يجد الوقت للمشاركة في أنشطة أخرى، ويشعر أحياناً المهيري بالأسف بسبب عدم التواصل بينه وبين الطلبة الإماراتيين في أوكلاند، خاصة أنهم قلة، وذلك بسبب انشغالاتهم، وبعد المسافات، ويعزو المهيري قلة عدد الإماراتيين ترجع لعزوفهم عن القدوم لنيوزيلندا لبعدها. وظيفة مناسبة وزوجة صالحة يزور المهيري الوطن والأهل مرتين في السنة، رغم أن المسافة البعيدة ترهقه في السفر، وكثيراً ما يحن إلى غرفته التي تركها خلفه في وطنه، ويفتقد كثيراً والدته، كما يشتاق إلى تجمعات الأهل والأصدقاء. ويحلم المهيري بتحقيق طموحه بعد سنين من الاغتراب، وذلك في المساهمة في مسيرة الإمارات نحو التميز، خصوصا في المجال الصحي. ويشير إلى أن كل النجاحات التي لاقاها في حياته وأن كل ما وصل إليه لغاية الآن إنما يعود إلى فضل الله أولاً، ثم بفضل امي الغاليه، الله يحفظها ويقدرني أبرها طول العمر”. ويخطط المهيري منذ الآن لإيجاد وظيفة مناسبة وزوجة صالحة، ويعتبر التخطيط العلمي من أسس النجاح للطالب المبتعث الذي يعاني الضغط النفسي المستمر لتحقيق ما يطمح إليه.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©