الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ناقدان يقرآن نجاحات المهرجان ومستقبل فعالياته

ناقدان يقرآن نجاحات المهرجان ومستقبل فعالياته
17 أكتوبر 2012
سلمان كاصد (الاتحاد) - للأفكار بريقها، وللمقترحات جديدها، وللتوصيف محاولاته للكشف. في مهرجان أبوظبي السينمائي بدورته السادسة، تنفتح أذهان ومشاريع النقاد والمثقفين والسينمائيين على أفكار لا تحصى، وعلى مقترحات تحمل أمنيات تريد أن تتحقق، وهم مدفوعون بحب حقيقي لهذا المهرجان الذي صار يتألق عاماً بعد عام. ومن فضائل مهرجان أبوظبي السينمائي أنه مفتوح على كل ما يقدم جديداً، لينعش روح أيامه العشرة، إذ نجد عند هؤلاء النقاد والسينمائيين تصورات، تريد أن تأخذ مكانها في دوراته المقبلة، فكان لابد أن نلتقي بسعد القرش وكاظم مرشد السلوم كونهما يحلمان بأن تتجذر مشاريع جديدة ورؤى حية في فعالية هذا المنجز الإبداعي. التطور التصاعدي وفي حديث مرشد السلوم مع “الاتحاد” عن رأيه في توجهات المهرجان وما تحقق وما يحمل من طموحات مستقبلية يقول: “ان اقامة مهرجان سينمائي مثل مهرجان أبوظبي مع وجود العديد من المهرجانات السينمائية العربية والعالمية ذات التاريخ الطويل والخبرة العالية المستوى، يشكل تحديا كبيرا للقائمين عليه، كون المنافسة التي لابد منها مع باقي المهرجانات هي منافسة ليست بالهينة، واذا اردنا دخول المنافسة فيجب التحضير المتواصل والذي لا ينقطع بمعنى أن نحضر من الآن للمهرجان القادم، لذا أجد ان جذب انتباه وكذلك أنظار المهتمين بالشأن السينمائي إنما يتم من خلق الدهشة، كما في الفيلم السينمائي، ففيلم بدون دهشة لايمكن ان يحقق أي نجاح، كذلك مهرجان بلا دهشة ومفاجآت لايحقق هو الآخر شيئا يذكر، ولايمكنه بعد ذلك منافسة غيره من المهرجانات”. أفكار جديدة ويضيف السلوم “ويتوفر مهرجان أبوظبي في دورته السادسة هذه، على أفكار جديدة يمكن ان تسهم في التطور التصاعدي له، فوجود رئيس عربي للمهرجان لأول مرة في تاريخه، يشكل نقطة تحول هامة، في الاعتماد على الكادر الوطني المؤهل للتصدي لهذه المهمة، بعد ان اكتسب الخبرة اللازمة من خلال الدورات الخمس الماضية، وكذلك المشاركة في عديد المهرجانات العالمية والعربية التي تقام في مختلف أرجاء العالم، لذا أجد ان فكرة تولي كادر وطني متخصص لإدارة المهرجان لابد لها ان تأتي بطروحات جديدة، انسجاما مع وعي وتاريخ وأفكار هذا الكادر، يمكن لها ان ترتقي بمستوى المهرجان في دوراته القادمة، وبالتأكيد فان طموح القائمين عليه يجب ان يتعدى المتخيل وان ينفذ على ارض الواقع”. الدهشة والمفاجأة ويقول السلوم: “إن ماتحقق خلال سني عمر المهرجان الخمس الماضية ليس بالقليل، ولكن لايمكن التوقف عند حد معين، فالمهرجانات تبحث عن كل ماهو جديد ليس على مستوى الصنعة السينمائية فقط ، بل على مستوى التكنولوجيا ومواكبة تطورها الذي لايتوقف، للاستفادة منه في تنظيم الشكل النهائي للمهرجان في كل دورة من دوراته، وكما قلت فالدهشة والمفاجأة هما السمتان التي تبرهنان للملتقى سواء المشارك في المهرجان او الذي يتابعه عبر القنوات الفضائية العديدة صحة التوجه”. ويضيف: “ليس هذه فحسب، فالمهرجان يقع في دائرة المنافسة مع غيره من المهرجانات التي تقام في المنطقة، وبالتالي لا بد من من استمرار طرح الأفكار الجديدة المتمثلة باختيار افضل الأفلام العالمية واستضافة اشهر نجوم السينما، والتوفر على خطة عمل محكمة طيلة أيام المهرجان، فالأنظارعادة ماتتجه للمهرجان الذي يوفر للمتلقي فرصة مشاهدة احدث ما انتجته السينما، وكذلك الالتقاء بنجومها، الشخصيات الأكثر شهرة عالميا”. صناعة وفن ويواصل السلوم: “طموح آخر هو جزء من مهمات وأهداف مهرجان أبوظبي السينمائي هو النهوض بواقع السينما المحلية، والارتقاء بمستوى النتاج السينمائي الإماراتي في كافة مفاصله، ودعم جيل السينمائيين الشباب الذين يسعون لصنع افلام تضاهي الافلام السينمائية العالمية، ويأتي تخصيص مسابقة خاصة بالسينما الإماراتية في إطار هذا الدعم، ولكن كل هذا غير كاف لخلق سينما إماراتية خالصة، فالسينما صناعة وفن، تخضع لحسابات السوق ودلالة شباك التذاكر، وقيام السينما يرتكز على هذه القاعدة، وبالتالي فلا يكفي ان ننتج افلاما بهدف مشاركتها في المهرجانات فقط، بل الهدف هو دخول عالم السينما من بوابات الصناعة المربحة التي تدر الأموال الكافية للاستمرار بإنتاج افلام سينمائية جديدة، واعتقد ان السينمائيين في الإمارات وكذلك القائمين على مهرجان أبوظبي، يعون تماما اشتراطات قيام صناعة سينمائية حقيقية، وبالتالي فإن طموحهم بقيم سينما إماراتية فاعلة هو طموح مشروع، وتحقيقه يعتمد عل تكاتف الجميع ومن مختلف المستويات، وبالتالي ليس ببعيد ان نشاهد افلاما سينمائية محلية ، تنافس على أعلى الجوائز العالمية”. ويختتم حديثه: “ست سنوات ليس بالعمر الطويل لمهرجان أبوظبي السينمائي، ولكن المهرجان استطاع ان يكون محل استقطاب مهم ضمن خريطة المهرجانات السينمائية العالمية، والطموح هو الاستمرار والاصرارعلى تواصل النجاحات وديمومتها، وهي مهمة ليست بالسهلة ولكنها كذلك ليست بالعسيرة المستعصية، واعتقد ان القائمين على المهرجان قادرون على النهوض بمهمة ان يكون مهرجانهم هذا منافسا فاعلا لأكبر وأشهر المهرجانات العالمية”. الفيلم والرواية من جانب آخر يقدم الناقد السينمائي والروائي المصري سعد القرش دائماً أفكاراً مختلفة ويجترح رؤى ويفرش حلولاً ومشاريع إبداعية مهمة. يحاول القرش وبشغف كبير أن يرسخ الترابط الموضوعي الكبير بين الفيلم والرواية، إذ هو مهووس بهذين الحقلين الأدبيين اللذين تجاورا بل تعاشقا بحميمية عالية، وهو في ذلك يتمنى أن تلتقط السينما الجديدة مثلما كانت إبان الخمسينات والستينات كل ما يطرح من روايات في ساحة الثقافة والمنجز العربي، كي يعاد مجد تألق الرواية بتألق الفيلم. يقترح أن تنشأ صلة بين الفيلم والرواية معززة بفكرة تنبثق في مهرجان أبوظبي السينمائي كون هذا المهرجان ساحة حقيقية للأفكار الجديدة لأنه أقيم على دفع السينما الإماراتية والعربية باتجاه المستقبل، يقترح سعد القرش في انحياز حقيقي للرواية أن تنقل مفاصل الخطاب الروائي إلى الناس وفق معالجات ذكية تكرس للوعي الممكن من أجل وعي متحقق، وهو في ذلك إنما ينقل طبيعة أفكار المستقبل والتوجه إلى قراءة روائية مختلفة لبنى المجتمعات العربية التي تتنازعها المؤثرات سلباً أو إيجاباً. الخريطة السينمائية يقول القرش: “من المهم أن نمنح الروح لشخصيات يخنقها الورق ولا تتأتى انطلاقة هذه الروح إلا عبر السينما”، وبهذه اللغة الشعرية يتناول سعد القرش موضوعه سؤالنا كي يحول هذا السؤال إلى اقتراح عملي يقدم إلى المهرجانات المقبلة من دورات أبوظبي السينمائي، حيث يقول: “تشابهت المهرجانات، والفيلم واحد، فما الجديد الذي يمكن أن يضاف إلى مهرجان لا يقتصر على مجرد اجتذاب الأفلام الجيدة مثل مهرجان أبوظبي السينمائي؟ ورشة للسيناريو المأخوذ عن روايات عربية. جملة قصيرة يمكن تفكيكها في جهد كبير يحسب للمهرجان، أن تشكل لجنة من خمسة نقاد عرب، نقاد أدب ونقاد سينما، لترشيح روايات يرونها صالحة للتحويل لأفلام تعبر عن مجتمعاتها، على أن تمثل الدول العربية التي تنتج روايات، وهي خطوة مهمة ليكون لها وجود على الخريطة السينمائية أيضا”. ويضيف: “ولم يعد خافيا أن من كلاسيكيات السينما المصرية “الأرض” ليوسف شاهين، و”بداية ونهاية” لصلاح أبو سيف و”الحرام” و”دعاء الكروان” لبركات، و”اللص والكلاب” لكمال الشيخ، و”البوسطجي” لحسين كمال، و”الطوق والإسورة” لخيري بشارة. وكلها مقتبسة من روايات أدبية، ويبقى للنقاد وللتاريخ أن يقارنوا بين النص الأدبي والنص السينمائي أو لا يقارنوا، فلا يعيب الفيلم أن يخون الأدب لصالح السينما، وقد عرفت أن فيلم “تحت الأرض” لأمير كوستوريتسا مأخوذ من عمل أدبي لم أطلع عليه للأسف”. ويواصل القرش: “سأكون بالطبع منحازا للأدب، ودائما حين تعجبني رواية أتخيلها فيلما. حدث هذا كثيرا، مثلا مع “ليلة القدر” للطاهر بن جلون، و”موسم الهجرة إلى الشمال” للطيب صالح وكذلك “عرس الزين؛ ولم أشاهد الفيلم الذي اقتبس منها قبل نحو أربعين عاما، وخارج الدائرة العربية نجد عتيق رحيمي يخرج روايته “حجر الصبر” فيلما ينافس به هذا العام في (آفاق جديدة) بالمهرجان، ويمكن أيضا أن يتحمس أحد لخماسية الإسلام لطارق علي، والتي صدر الجزء الأول منها “ظلال شجرة الرمان” مترجما للعربية في القاهرة بحماسة من الناشرة كرم يوسف”. ويقول: “وفي القاهرة الآن يجري تحويل رواية أحمد زغلول الشيطي “ورود سالمة لصقر” إلى فيلم يخرجه فوزي صالح، والمتتالية المنزلية لإبراهيم أصلان “حجرتان وصالة” إلى فيلم يخرجه شريف البنداري، والطريف أن كلا المخرجين الشابين يخوض تجربة الأفلام الروائية للمرة الأولى انطلاقا من نص أدبي”. سحر السينما ويختتم كلامه بالقول: “الإنتاج السينما محصلة مجتمع يتفاعل أفراده، وتتقاطع مصالحهم، وتجمعهم هموم ومخاوف، ويتصارعون على سلطة أو نساء، أما الجنة الأرضية فلا وجود فيها للسينما. المجتمع البشري بمقاهيه وشوارعه وجرائمه وزحامه هو ما يخلق الصراع الذي يعبر عن عمق نفوس ألهمها الله “فجورها وتقواها”.. بلا تستر على ضعف بشري أو استعلاء عليه. وإذا كانت بعض الأماكن في العالم العربي دون فكرة أو مفهوم “المجتمع” القادر على إبداع سينما حقيقية، فإن هذه الأماكن نفسها لن تخلو من روائيين ينتظرون أن يمتد سحر السينما إلى صفحات أعمالهم، لمنح الروح لشخوص يخنقها الورق، وتحتاج إلى تجسيد حي على الشاشة، ولهذا يمكن للمهرجان أن ينظم مسابقة في السيناريو المأخوذ من أصل أدبي، على أن يتم بحث صيغة ترجمة هذه المسابقة إلى ورشة لمشاريع السيناريو الفائزة تمهيدا لدعم إنتاجها”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©