«آبل» تستخدم سلاح «حرق» الأسعار ضد منافسيها

طرأ أمر غير متوقع في شركة آبل التي اشتهرت بأسعار أجهزتها المرتفعة مقارنة بجميع الشركات الأخرى. فخلال السنوات القليلة الماضية لجأت الشركة إلى استخدام سلاح خفض الأسعار ضد منافسيها. إذ تمكن من أراد شراء أحدث هواتف آبل الذكية آي فون 4 إس من الحصول عليه يوم طرحه في السوق بالولايات المتحدة إن كان مستعداً للوقوف في صف طويل ودفع 199 دولاراً فقط والتوقيع على عقد خدمة لسنتين مع إحدى شركات الاتصالات. أو كان في إمكان المشتري تجنب الوقوف في صفوف وشراء أحد أحدث الأجهزة المنافسة لآي فون إن كان مستعداً لدفع سعر أعلى. وكان في إمكانه مقابل 300 دولار وعقد سنتين شراء درويد بايونيك (موتورولا) من شركة فيريزون وايرلس أو شراء سامسونج جالكسي اس تو مقابل 230 دولارا أو اميز4 جي (اتش تي سي) من شركة تي موبايل بنفس الشروط. وتعد استراتيجية أسعار آبل الجديدة تغيراً نوعياً عن نهجها في تسعينات القرن الماضي حين كان المستهلكون يعتبرون آبل منتجاً لصرعات التكنولوجيا عالية الثمن غير قادر على منافسة أجهزة كمبيوتر ويندوز الأرخص كثيراً. غير أن آبل بدأت مؤخراً استخدام تنامي حجم تصنيعها وقوتها اللوجستية في بيع منتجات آبل بأسعار تنافسية فعلاً، الأمر الذي منحها مزيداً من القوة للتأثير على تسعير الأجهزة المناظرة عموماً. ويعود الفضل إلى ابتكارات آبل التي تشمل آي فون وآي باد ونوتبوك ماكبوك اير الشديد النحافة في استعادة مجدها تحت قيادة ستيفن بي جوبز رئيسها التنفيذي وشريك تأسيسها الذي توفي في 5 أكتوبر. غير أن بعض المحللين والتنفيذيين في هذا المجال يقولون إن سياسة أسعار آبل الجديدة نجحت في جذب المزيد والمزيد من المستهلكين. يذكر أن آبل باعت أكثر من أربعة ملايين هاتف آي فون4 إس الذكي خلال الأسبوع الأول من طرحه. غير أن في مقدور المستهلكين بسهولة أن يجدوا بدائل أقل سعراً ذات تصاميم أقل جاذبية لمعظم منتجات آبل. أجهزة نوتبوك وتعد أسعار أجهزة نوتبوك بالغة النحافة دليلاً على استراتيجية آبل. فرغم توفر أجهزة لابتوب أرخص كثيراً للبيع فإن ماكبوك اير (آبل) شهد رواجاً مدوياً وسط مستخدمي الكمبيوتر الذين يبحثون عن أنحف وأخف نوتبوك ممكن. يبدأ سعر نوتبوك في الولايات المتحدة من 999 دولارا لموديل ذي الشاشة مقاس 11 بوصة أو 28 سنتيمترا. وفي 11 أكتوبر طرحت شركة أسوس التايوانية جهازا منافساً لماكبوك اير نحيفاً وخفيف الوزن يستخدم برامج ويندوز بسعر يبدأ من 999 دولارا أيضاً ولكنه لم يستطع التأثير على مبيعات آبل. كما أن نوتبوك سامسونج سيرز9 الذي يتمتع بخصائص مشابهة بلغ سعره 1049 دولارا. غير أن شركة إيسر مصنعة أجهزة الكمبيوتر بدأت تضرب سعر ماكبوك اير الأدنى مؤخراً بجهاز نوتبوك بالغ النحافة سعره 899 دولاراً يسمى أسباير إس مزود بشاشة أكبر. وكانت نسخة ماكبوك اير الأولى تلبي طلب فئة عليا من المستهلكين حين طرحت في مطلع عام 2008 بسعر كبير بلغ 1799 دولارا لموديل مزود بشاشة مقاس 13 بوصة. ومنذ سنة عدلت آبل نوتبوك لتجعله أنحف وأصغر وخفضت سعره الابتدائي إلى 999 دولاراً للموديل ذي شاشة 11 بوصة و1299 دولار للموديل ذي شاشة 13 بوصة. وقال جان لوي جاسيه التنفيذي السابق في آبل إن كافة الأوساط فوجئت بالسعر المنخفض الذي حددته آبل لجهاز ماكبوك اير. الطاقة التصنيعية وقال محللون إن سياسة ضرب الأسعار تعكس قدرة آبل على الاستفادة من طاقة تصنيعها المتنامية في خفض تكاليف أهم الأجزاء التي تتألف منها أجهزتها. كما أظهرت آبل استعدادها للاستفادة من أرصدتها الهائلة من النقد والأوراق المالية المتداولة البالغة 82 مليار دولار في الربع السنة السابق في تأمين توريد أجزائها لسنين مثلما فعلت عام 2005 حين عقدت اتفاقية مدتها خماس سنوات بقيمة 1,25 مليار دولار مع مصنعين لتأمين رقائق ذاكرة فلاش ميموري لجهاز آي بود وغيره من أجهزتها. وبشرائها كميات ضخمة مسبقاً تجبر آبل منافسيها على التدافع على الأجزاء المتبقية الأمر الذي يزيد تكاليف منتجاتهم. وقال جاسيه إن سياسة تسعير آبل ماكبوك اير وغيره من الأجهزة أثبتت أن أسلوب إدارة آبل لسلسلة توريد أجزائها أضحى سلاحاً استراتيجياً. وهناك مثال آخر على ذلك حين قررت آبل تحديد سعر آي باد المبدئي بمبلغ 499 دولارا عند طرحه مطلع العام الماضي وهو سعر أقل كثيراً مما توقعه العديد من المحللين آنذاك. وعجز أكبر منافسي آبل عن ضرب سعر آي باد. فحين أطلقت موتورولا موبيليتي جهازها اللوحي المسمى زوم Xoom المرتكز على نظام تشغيل اندرويد (جوجل) في شهر فبراير كان سعر أرخص موديل متوفر دون عقد خدمة 800 دولار. ثم أطلقت موتورولا لاحقاً موديلاً آخر مزوداً بذاكرة تتجاوز ذاكرة تخزين أقل أجهزة آي باد سعراً بسعر بلغ 599 دولاراً. وعقب وهن المبيعات يستطيع أخيراً كبار منافسي آبل حالياً من ضرب سعر آي باد رغم أنه من غير الواضح مدى قدرة هذه الظاهرة على الاستمرار. أعلنت موتورولا مؤخراً عزمها على إطلاق تابليت بسعر 379 دولاراً في متاجر بست باي بالولايات المتحدة لفترة زمنية محدودة. وبعد عجز هيوليت باكارد عن تحقيق هدف مبيعاتها أعلنت عزمها على إيقاف خط إنتاج تاتش باد واضطرت إلى خفض سعر أرخص موديلاته إلى 99 دولاراً فقط. كيندل فاير ويرجح أن يأتي التحدي الحقيقي لآي باد من تابليت شركة أمازون المسمى كيندل فاير بسعر 199 دولاراً المقرر طرحه للبيع في تخفيضات شهر نوفمبر. وقال محللون إنهم يعتقدون أن امازون ستخسر نقوداً في كل جهاز يباع إلا أن خطة امازون على الإنترنت تهدف إلى استخدام الجهاز في تشجيع شراء منتجات أمازون وخدماتها الأخرى مثل الكتب الإلكترونية e-books. وقال طوني ساكو ناجي المحلل في سانفورد سي بيرنستاين إن سعر آي باد يعكس تغيراً لمفاهيم آبل عقب طرح أول آي فون عام 2007، الذي بدأ بسعر 499 دولاراً. وكان ذلك سعراً مثيراً للعجب لهاتف في أسواق مثل الولايات المتحدة التي أصبح المستهلكون فيها معتادين على شراء هواتف مخفضة السعر مدعومة من المشغل مقابل الالتزام بعقود خدمة طويلة الأجل. وعقب أشهر قليلة من عرض الجهاز استقطعت آبل 200 دولار من سعر موديل آي فون الأغلى لتبيعه بسعر 399 دولاراً ثم قامت آبل مرة أخرى بخفض السعر عام 2008 بموديل جديد اسمه آي فون3 جي لتبيعه بسعر 199 دولاراً بعد أن بدأت آنذاك بقبول حزم دعم على الأجهزة من شركائها المشغلين وهو ما لم تكن تفعله حين أطلقت أول نسخة من الجهاز. وقال ساكوناجي إن تسعير آبل لآي فون الأول واتفاقية التوزيع الحصري الذي عقدتها مع ايه تي اند تي في الولايات المتحدة آنذاك فتحت المجال لجوجل وشركائها لإغراق السوق بهواتف مرتكزة على نظام تشغيلها اندرويد. ورغم رواج آي فون (آبل) إلا أن هواتف اندرويد شكلت 43,4% من سوق الهواتف الذكية العالمية خلال ربع السنة الثاني مقارنة بحصة آبل البالغة 18,2%، حسب تقديرات مؤسسة جارتنر البحثية. ويقدم العديد من شركات الاتصال حالياً موديلات أقدم من هواتف اندرويد مجاناً شريطة التوقيع على عقود مدتها سنتان. والآن تنتهج آبل نفس هذا النهج حين أعلنت عن أحدث موديل آي فون مؤخراً، وقالت إنها ستقدم مجاناً آي فون3 جي اس الذي مضى على إطلاقه الأول سنتان شريطة التوقيع على عقد مدته سنتان. نقلاً عن: «انترناشيونال هيرالد تريبيون» ترجمة: عماد الدين زكي