الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان.. رؤى تفاوضية تشمل الجميع

11 نوفمبر 2014 22:44
التطورات السياسية والعسكرية المتتابعة التي تجري في السودان هذه الأيام تصعُب ملاحقتها للمراقب المهتم بالشأن السوداني شماله وجنوبه. وربما يصعُب أيضاً إدراكها بموضوعية، فبينما يُعلن رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الحاكم في مؤتمر حزبه الأخير الأسبوع الماضي أن سفينة الحوار الوطني الذي دعا إليها في مطلع هذا العام ستمضي في طريقها المرسوم، ولن تنتظر المترددين والممانعين للاشتراك في الحوار، وإذا بآلية الحوار (7+7) تعلن فجأة على لسان وزير الإعلام، عقب اجتماع الآلية بالخرطوم « أن اتفاقاً جري داخل الاجتماع بمشاركة ثمانية ممثلين في اجتماعات أديس أبابا، بواقع أربعة من أحزاب الحكومة ومثلهم من قوى المعارضة للتفاوض مع الحركات المُسلحة في العاصمة الإثيوبية في الثاني عشر من هذا الشهر»، وأوضح وزير الإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة أن المشاورات المرتقبة ستركز على إجراءات بدء الحوار، وإكمال متطلباته وتهيئة المناخ لانطلاق مؤتمر الحوار «بعد التعرُف على رؤى الحركات المُسلحة»! ومن جانبه، أضاف الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي (حزب الترابي) أن الترتيبات جارية لعقد اجتماع جيد بين آلية الحوار وقوى الإجماع الوطني والأحزاب الرافضة للمشاركة فيه، مؤكداً أن القضايا التي تطالب بحلّها هذه القوى هي ذاتها المطروحة على مائدة الحوار، مُشيراً إلي أنها «حالة سوء فهم»، لقضية الحوار، ومشدداً على «أن المرحلة المقبلة لا تحتمل مزايدات، ولكنها أساسية لحل قضايا البلاد، وأنه لا يوجد حزب ملتزم وطنياً، ويتحــدث عن أي منهج غيــر الحوار، ونحـن متمســكون بمشاركة الجهات الرافضة لذلك، وسنعمل على إيصال فكرة الحوار لهم من جديد. ويبدو أن حزب «المؤتمر» الشعبي، هو أنشط الأحزاب المُعارضة التي وافقت على المشاركة في الحوار الوطني، وكان زعيم الحزب حسن الترابي قد برر مشاركته في الحوار بأنه سيعمل على تحقيق متطلباته، التي اتفقت عليها قوى الإجماع الوطني التي كان حزبه أحَد أركانها، وقال في مؤتمر صحفي، إن حزبه قد أكد لرئيس المفوضية القومية للانتخابات أن حزبه لن يشارك في الانتخابات، إلا بعد اتفاق سياسي شامل مع كل القوى السياسية، وطالب هو ونائب رئيس الحزب «الاتحادي الديمقراطي» الشريك في الحُكم محمد الحسن الميرغني المفوضية بتمديد فترة التسجيل لإتاحة الفرصة لمنسوبي الأحزاب لتسجيل أسمائهم في السِجل الانتخابي! وتبدو أجواء الخرطوم السياسية على درجة من التفاؤل جراء الحوار بين الحكومة والمعارضة المتمثّلة في تحالف قوى الإجماع، وقد اجتمع بهما رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى وتحادث مع كلٍ منهما بوضوح تام، مشدداً على أن الوقت لم يعد في مصلحة السودان، وأن الحل السلمي الشامل عبر الحوار الوطني هو السبيل لتجاوز الأزمة الراهنة، وما نتج عنها من مآسٍ إنسانية ومصاعب اقتصادية هي الآن محل نظر المجتمع الدولي (مجلس الأمن)، وما يعطل قرار مجلس الأمن بالحل المفروض، إلا انتظاره لمجهودات الاتحاد الأفريقي، مثل هذه النصيحة (الإنذار المُهذب) تلقاه الغريمان الجنوبيان اللذان يخوضــان حرباً مُدمــرة فـي دولة جنوب السودان. ففي الإجتماع الأخير لقمة مُنظمة (إيقاد) بدا واضحاً (أن المُنظمة أوشكت أن تنفض يدها من الوساطة لحل أزمة جنوب السودان، بعد أن فشلت في كل المساعي التي ظلت تبذلها منذ بدء النزاع المُسلح بين القوى الجنوبية المتصارعة منذ ديسمبر من العام المنصرم)، وحسب مصادر مطلعة، فإن (إيقاد) قد هددت بإحالة الأزمة لمجلس الأمن ليتخذ ما يراه حيالها من إجراءات، وفي اللحظات الأخيرة قبلت «إيقاد» بناءً على طلب كينيا، أن تمنح الطرفين مهلة أسبوعين لعلاج الأزمة بكل جوانبها، وكلفت الرئيس الكيني بمواصلة جهوده خلال هذه الفترة. ويبدو أن الموقف الحاسم قد أتى بمردود إيجابي، فقد نجح الرئيس الكيني في التوصل إلي اتفاق بين الطرفين السبت الماضي يقضي بوقف إطلاق للنار أمّن عليه الرئيس سلفاكير وغريمه رياك مشار، لكن هل سيصمد هذا الاتفاق أمام «انفلات» بعض قوات الجانبين؟ أمر السودان الآن أصبح بين يدي المجتمع الدولي والقوى العالمية التي تُسيِّره، لقد ظل السودانيون حكومة ومعارضة يتحدثون بنبرة عالية عن رفضهم للتدخل الخارجي في شأنهم الوطني، وأنهم قادرون على حل قضايا بلادهم. تُرى هل ستحقق جولة المشاورات بين الحكومة والمعارضة والحركات المسلحة في أديس أبابا المطلب الأول للشعب السوداني المغلوب على أمره لتحقيق السلام والاستقرار والديمقراطية والعدل بعد طول معاناة استمرت لأكثر من ربع قرن؟ عبدالله عبيد حسن * * كاتب سوداني مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©