الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قرارك بيدك

قرارك بيدك
17 مارس 2009 02:10
يروق للبعض من الناس الجلوس على هامش مجريات الحياة يتلقون التوجيهات والتعليمات ''افعل ولا تفعل''، ممن يُسيِّرُ أمور حياتهم ليس كما يريدون هم، بل كما يريد غيرهم كالأبوين أو الأصدقاء أو الزملاء أو غيرهم، مشاهد كثيرة تمر في حياتنا نراها ونسمع عنها ونعيشها، تدل على أن الأمور تسير بشكل غير صحيح، فمنها أن إحدى السيدات تنصح صديقتها بالطلاق من زوجها؛ لأنه لا يستحقها، وأخرى تستجيب لدعوة صديقتها بالمبيت عندها لعدة أيام ومن فترة لأخرى تاركة زوجها وبيتها، وشاب جامعي أمه تتكفل باختيار وشراء أثاث بيته وأغراض المطبخ والمواد الغذائية وغيرها، وما عليه سوى الدفع، وزوجته تراقب الأحداث فقط، فهل هذا صحيح أو مقبول، أو يرضي أصحاب الألباب؟ هناك فرق كبير بين أن تستشير الآخرين من أهل الاختصاص والخبرة (كالأبوين) في بعض الأمور لعدم معرفتك بها أو عدم قدرتك على البت فيها، وبين تسليم زمام أمور حياتك لهم ليصنعوا بها ما يريدون، ظناً منك ومنهم أنها لصالحك، فقد تكون كذلك وقد لا تكون، والمهم في الأمر هو تحملك مسؤولية ذاتك والاستقلالية بإدارة شؤون حياتك، فأنت من سيجني ثمار ذلك· فزمام أمور الإنسان بيده هو لا بيد غيره، فهو صاحب القرار أولاً وأخيراً، كما أن له مطلق الحرية في عمل أي شيء يرغب في فعله، وله أن يطلق عنان رغبته في عمل ما يحلو له، ولكن بمقتضى الشرع والقوانين والأعراف السائدة في المجتمع، لأنه إن عمل خيراً أثيب عليه خيراً من الله - سبحانه وتعالى- ومن ثم من المجتمع، وإن صنع شراً كان جنيه وحصاده عقاباً من الله ومن ثم عقوبة من المجتمع وقوانينه· قد هيأ الله للإنسان كل ما يحقق له عملية الاختيار، فخلق له السّمع والبصر والفؤاد، وميزه عن بقية المخلوقات كالحيوان -مثلا- بأن جعل له عقلاً يفكر به ويدبر به أمور حياته، ليعي ويتأمل وليميز بين ما يضره وما ينفعه· خلق له يدين ورجلين ليعول نفسه بنفسه، وشق له الفم وجعل فيه اللسان ليسهل عليه عملية التفاهم والتخاطب وفهم الآخرين، فهو يسمع ويرى ويمسك ويسير ويفكر فيما يشاء بإرادته ووعيه، يقول الله تبارك وتعالى في محكم تنزيله: (''إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً'') (الإنسان:2)، فهذه كلّها وغيرها من نعم الله علينا دليل على أن الإنسان هو صاحب الإرادة في جعل نفسه سعيداً أو شقياً، وهو المحفز الأول إذا أراد أن يكون عضواً فعالاً ناجحاً في المجتمع، فلقد أبان له الله طريق الخير والشر، حيث قال: (''أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن'' ) (البلد:8-10)· عزيزي القارئ إذا كان الطفل وهو في سن ستة أشهر يبدأ بالاستقلالية حيث لا يقبل من أمه أن تطعمه، ويبدأ يأخذ هو الملعقة بيده لإطعام نفسه، وبعد عدة محاولات إدخالها فمه ينجح في ذلك، فما بالك أنت وأنت العاقل البالغ الراشد؟! فكر وخطط واستشر أهل الخبرة وكن أنت من يقرر بعد ذلك· د· عبداللطيف العزعزي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©