الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آمنة الربيع: أعمالي شيفرة مسكونة بالدلالة تنتصر دوماً للإنسان

آمنة الربيع: أعمالي شيفرة مسكونة بالدلالة تنتصر دوماً للإنسان
17 مارس 2009 02:18
قدمت نفسها ككاتبة مسرحية وجهت الأنظار إليها كونها أول كاتبة عمانية تقدم النص المسرحي بتلك الجرأة والتوهج، ومضت بدراستها الأكاديمية صوب النقد، نالت الماجستير مشتغلة على القصة العمانية، وتعمل حاليا على رسالة الدكتوراه، قبل أسابيع نالت جائزتين في مسابقة جمعية الكتاب والأدباء في السلطنة لأفضل إصدار أدبي·· آمنة الربيع·· اسم معروف في الساحة الثقافية العمانية، لكن لتعريف قارئ ''دنيا الاتحاد'' كان هذا الحوار معها·· ؟ مهتمة بالمسرح لكنك اشتغلت في رسالة الماجستير على نوع أدبي آخر·· ألم يغرك المسرح العماني في البحث فيه كما أغرتك القصة القصيرة؟ قبل أن أقرأ في المسرح العماني على وجه الخصوص كانت القصة القصيرة العمانية بعوالمها، قد شدتني كثيرا، وأذكر بالتحديد المجاميع القصصية الأولى لأحمد البلال وسعود المظفر ومحمد اليحيائي· بالرغم من أن الاشتغال الفني فيها كان بسيطا وتقليديا، لكن تماسها مع البيئة العمانية وعادات وتقاليد المجتمع كانت محفزا معقولا في ذلك الوقت· اليوم القصة العمانية أصبحت أكثر إغراءً ودهشة وجمالا، وتشدني أكثر من السابق، على اعتبار أن الكتابة للمسرح العماني متواضعة جدا، على مستوى الكم والكيف معا· لكن هذا لا يعني أن اشتغالي في رسالة الماجستير قد كان بسبب القصة القصيرة، إنّما لأسباب أخرى، أكثرها وضوحا أنني كنت أرغب أن أكمل دراستي العليا في الفلسفة، لكن التفرّغ للدراسة حسب قانون الوظيفة ألزمني التوجه نحو اللغة العربية، فوجدت نفسي مجبرة على هذا الاختيار، ولست نادمة عليه في كل الأحوال· ؟ لكن، وعبر متابعاتك ما هي أسباب إخفاقات المسرح العماني؟ أسبابه كثيرة ومتشابكة· وإذا ما حاولنا إجابة هذا السؤال، سنصطدم بالكثير من العوائق· هناك بالمناسبة من يرى أن المسرح العماني بخير، وهذا يعني أن الكلام عن الإخفاقات هو من باب الخطأ· شخصيا من خلال كتابتي للمسرح بشكل عام وليس للمسرح العماني على وجه الخصوص، سأختصر الإخفاقات في أمرين: الأول لدى المسرحيين أنفسهم، والثاني في الرقابة غير المبررة، وغير المستساغة· ؟ هل هو النص أم الإمكانات الأخرى ؟ ليس النص· فأنا لست من أنصار هذا الرأي الذي يذهب إلى أن مسرحنا العماني يعاني من أزمة الكتابة المسرحية· فإذا كان هذا صحيحا فماذا نقول عن الإعداد المسرحي من نصوص مسرحية وأنواع سردية أخرى كالقصة والرواية والشعر، للمسرح؟ هناك بعض المخرجين الذين يقومون بهذا الإعداد، وكذلك بعض الكتّاب، حيث يسعون إلى ردف المسرح بأعمال غير مسرحية وقد ينجحون وقد يخفقون، معنى ذلك أن النص المسرحي والإعداد للمسرح لا يشكلان عقبة كأداء أمام تطور المسرح العماني· العلّة في مكان آخر؛ كالرقابة وغياب المنصة وعدم أهلية الممثل بشكل كامل للعمل المسرحي، وعدم توفر التقدير المادي الممتاز· ؟ أم البنية التحتية المفقودة في عمان؟ هذه إحدى الأسباب المهمة، بل والمركزية· يضاف إلى عدم وجود بنية أساسية للمسرح المجهز، حقيقة غياب عنصر الجمهور المغيب عن تقييم الظاهرة المسرحية، ليس في عمان فحسب، بل في كل دول الخليج· أتذكر بهذا الصدد مقولة الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم أحد الباحثين الخليجيين المهتمين بالمسرح إن الجمهور أكثر العناصر تضليلا وإظلاما· وهذه المقولة صحيحة· فنحن حتى اليوم نعاني من عدم وجود دراسة علمية لهذا العنصر الأساسي في نجاح المسرح كظاهرة اجتماعية· لاحظ أننا عندما نريد التحدث عن اخفاق المسرح نقصر الحديث عن ضعف النص أو الممثل، ونتجاهل الجمهور، لا نستطيع أن نتكلم عن المسرح إلا في توفر أهم ركيزتين هما الممثل والجمهور· ؟ هل هناك من أمل في خروج أبي الفنون من شرنقته الحالية؟·· لا أدعّي أنني أملك الإجابة على هذا السؤال، ومهما بحثت في الأمل الذي نربيه ونصعّده في الأجيال العاشقة للمسرح تظل المعيقات كثيرة وتتزايد بصورة كبيرة، لاسيما، ومسرحنا الخليجي بات يعاني من طفيليات لا علاقة لها لا بالثقافة ولا بالفن المسرحي· ؟ قدمت مجموعة من النصوص للمسرح العماني·· هل أنت راضية عن طريقة تقديمها؟ لا شك أن أول ما يُسعد الكاتب المسرحي بعد أن ينتهي من كتابة النص، هو رؤيته مجسدا ومنتجا على فضاء المنصة· إذا سمحت لي بالاستطراد قليلا سأبدأ بأول عرض مسرحي قدم لي على منصة مسرح الشباب وكان العرض بعنوان ''الرحى'' لا أخفي أن العرض كان ناجحا ومعقولا في ذلك الوقت، وكنت سعيدة بالتجربة· بعدها عرضنا ''الرهينة'' وكان العرض بشهادة الجمهور والنقاد ناجحا والتجربة جيدة· في مهرجان المسرح العماني الأول قدمنا ''منتهى الحب منتهى القسوة'' وكان العرض متميزا جدا، لعله بالنسبة لي كان من أفضل العروض التي قدمت لنصوصي· بعدها في المهرجان المسرحي العماني الثاني قدم عرض ''الحلم'' أو ''المرايا'' وهو اسم اشتق للنص نفسه ولكن في عرض مسرح الكليات الجامعية· في هذين العرضين أصبت بالإحباط، ولم أكن راضية عن الاشتغال المسرحي· أدرك مدى صعوبة هذا النص على مستوى التنفيذ، والإقدام عليه يعني مغامرة أشد جنونا من مغامرة رأس المملوك جابر· هناك عرض آخر ''الجسر'' وقدم العرض العام الفائت في عمان، ولم أشاهده، لكن ما وصلني من آراء كلها كانت سلبية، وحظي العرض بتقديمه في المغرب مع فرقة أبعاد المسرحية، وقدمه المخرج عبد المجيد شكير الذي خرج بالعرض إلى إيطاليا· هل قدمت النصوص على الخشبة كما تتمنين؟ عمليا الكاتب لا يطلب من المخرج أن يلتزم بإخراج نصه كما هو، وإلاّ بات العرض فقيرا وممسوخا ولا معنى له· في نصوصي أود دائما أن يتجاوز المخرج النص المكتوب لما بعد النص ولما بعد الشخصيات وحتى مع سينوغرافيا المنصة التي أحرص على تشخيصها في أثناء الكتابة· في النص ''منتهى الحب منتهى القسوة'' شاهدت إخراجا متميزا، وقدمنا هذا العرض في دمشق وشاركنا به في مهرجان المسرح الخليجي التاسع في مملكة البحرين، وحصدت جائزة أفضل نص، وبشهادة الجمهور والنقاد كان العرض متفوقا· وبالنسبة لي ما شاهدته لهذا النص قد أرضى غروري· ؟ ماذا سعيت لتضمينها من رسائل؟ من المفروغ منه أن يكون النص الإبداعي محمولا بالرسائل المختلفة، المباشرة على السطح أو العميقة· في نصوصي التي تُتهم عادة بالصعوبة عندنا في عمان، هناك رسائل عديدة أهمها الانتصار لحرية الإنسان وآدميته· لذلك لا أجد أية صعوبة في التعامل مع النص لأن الرسائل فيه تعمل كشيفرة مسكونة بالدلالة، لتخاطب الإنسان في كل مكان في العالم· ؟ ألم تشعري بأن الجمهور لم يعتد بعد هذه الرمزية؟ هناك نصوص موغلة تماما في الرمزية، وأنا لا أتجه في هذا الاتجاه على الإطلاق· من واقع التجارب التي كتبتها والعروض التي قُدمت، سواء أكنت راضية عن بعضها، أم لست راضية، لا أجدني أغرق في الرمزية، بدليل أن بعض العروض نالت استحسان الكثيرين· أخشى أن يكون المتفرج قد تم تدريبه على استهلاك شكل واحد من أشكال العرض المسرحية، وهذا أمر لا يسر أبدا، ولا يعمل على تطوير الدراما المسرحية، وكأن المتفرج الكسول لا يريد أن يشغّل من طاقاته الذهنية لقراءة العرض· ؟ دخلت في أول جمعية للكتاب تم انتخابها·· كيف ترين العمل التطوعي في هذا الجانب؟ أراه عملا مسؤولا ومفروغا منه· في البداية كنا ننادي ونطالب بوجود جمعيات مجتمع مدني تستوعب المتغيرات الاجتماعية والثقافية وكذلك السياسية في عمان، وحين تحقق هذا الأمر، صدمتني شخصيا بعض الآراء السلبية تجاه فكرة تأسيس الجمعية، وأفهم أن المجتمع في ظل فلسفة التدريج التي تنتهجها الحكومة قد لا يستوعب أهمية هذه الجمعيات إلاّ على المدى البعيد، وذلك بعد بذل التوعية الثقافية لهذا الجانب، لكن أن يكون المثقف السلبي حاملا لترسانة الرفض ومتمترسا خلف أغطية ممزقة وأفكار سلبية، وتصورات سلفية عقيمة، فأمر لا أفهمه، ولا أحترمه· مجتمعنا العماني والحمدلله بدأ يستوعب مسألة التغيير، هناك بعض السلبيات كما أن هناك الإيجابيات، والجمعية العمانية للكتّاب والأدباء تعمل من أجل المبدع العماني أولا، في ظل منظومة من المتغيرات الاجتماعية والسياسية، وهذا موقف إيجابي، علينا أن ندفع به لنقدم ما نستطيع، لا أن ننغلق على أنفسنا وننسحب· ؟ هل حجبت الجغرافيا المرأة الظفارية عن الدخول في نسيج المجتمع العماني المتغير بصورة أكبر؟ بالتأكيد لا! قد تحجبها في بعض مناطق السلطنة، لكن في ظفار الأمر مختلف تماما· المرأة في ظفار تتمتع بسلطة لا يستهان بها، سلطة منحتها السيطرة المطلقة على مقدرات المجتمع· هذا لا يعني أن المرأة في ظفار سلبية بإطلاق، أو أنها متوحشة كنساء الأساطير والحكايات الشعبية؛ الأمر يحتمل الوجهين، فللمرأة مكانتها وتقديرها الذي استطاعت أن تنميه وتحافظ عليه بوسائط كثيرة منها اللباس والزينة ومنها فعاليات الزواج والموت والميلاد والختان· دخلت المرأة في نسيج المجتمع، فمكنت وتمكنت، لكن كل هذا التمكين للأسف الشديد، لم يجعلها تغادر هودجها أو خيمتها أو خباءها الذهني التقليدي· مع كل ما أتيح لها من تعليم وجامعات ووظائف وجمعيات، تظل المرأة مسكونة بتقاليد البنية القبلية· ؟ ما هي مشاريع المستقبل الأدبية؟ أوجه نظري بقوة شديدة للدراما الخليجية والعربية· على مستوى المسرح، ثمة نصان أعمل فيهما على مهل شديد، خاصان بظفار تحديدا· وهناك أيضا عمل أحضر له مع آخرين، سيكون بالنسبة لي تجربة جديدة تماما على صعيد التنفيذ· وعدا هذا فأنا من أنصار مقولة العمل بهدوء وصمت وترك الحديث لصوت العمل· ؟ هل بقي ذات الطموح مع مشروعك في إصدار مجلة متخصصة في الفنون؟ لا، لم يعد عندي هذا الطموح على الإطلاق·
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©