رؤية - دودة السيارات

أصبحت للظواهر الاقتصادية الشاذة مواسمها وفصولها ومنها مواسم الركود وإفلاس الشركات والزلازل التي تتعرض لها البورصات في بعض الأحيان· ويبدو أننا نعيش الآن موسم الفساد المستشري في صناعة السيارات· فبعد أن شهدت فولكس فاجن قبل أيام فضيحة مالية شهيرة حكم بموجبها على المدير العام السابق للشركة بسنتين سجنا، قضت محكمة في العاصمة الكورية الجنوبية سيول بإدانة رئيس شركة هيونداي لصناعة السيارات شونج مونج كو باختلاس أموال في إطار فضيحة رشوة كبرى وحكمت عليه بالسجن لمدة ثلاثة أعوام· وتراوحت تفاصيل الجريمة بين رشوة سياسيين ومسؤولين كبار، ومنح علاوات ضخمة غير معلنة لبعض الموظفين· وكانت قضية فولكس فاجن جزءا من سلسلة فضائح فساد شهدتها بعض الشركات الألمانية ونشرت تفاصيلها ''فاينانشيال تايمز'' بعد أن اختارت لها صورة تعبّر بقوّة عن خطورة هذه الظاهرة بالرغم من بساطتها الشديدة، وتتمثل في تفاحة حمراء ناضجة وقد اخترقتها دودة نشطة· ويمكن القول بمعنى مطابق أن قضايا الفساد الأخيرة توحي بظهور دودة جديدة يمكن أن يطلق عليها (دودة السيارات) أسوة بالديدان الحاسوبية المعروفة في علم الكمبيوتر؛ وهي برمجيات خبيثة مخصصة لإتلاف البرمجيات الأخرى عن طريق البريد الإلكتروني· ومع استشراء الفساد في أي قطاع من القطاعات، تتوقف عجلة التطور وتنشلّ القدرة على الإبداع، وتبدأ الأمور في التراجع إلى الوراء، ويكون المستهلكون والبشر هم الضحايا الحقيقيين· وما لم يتم التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة بالسرعة اللازمة فإن بعض المؤشرات المرضيّة الاقتصادية تبدأ في الظهور كالعجز والإفلاس وتراجع النوعية وتزايد عناصر الخطر في المنتجات· وقد أثبتت الوقائع الاقتصادية أن الفساد هو الرديف الحقيقي للتخلف والجهل والحرمان الذي تعاني منه الدول الفقيرة في العالم؛ فهل تكون (دودة السيارات) سبباً في زيادة حوادث المرور وتلوث البيئة؟ عدنان عضيمة adnanod@maktoob.com