الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لافتة «وقف العلاج بالأشعة» تثير الفزع بين مرضى السرطان في الجزائر

لافتة «وقف العلاج بالأشعة» تثير الفزع بين مرضى السرطان في الجزائر
31 أكتوبر 2011 00:09
يعيش مرضى السرطان بالجزائر هذه الأيام قلقاً غير مسبوق، بعد تسرب أنباء من المركز الطبي «بيار وماري كوري»، وهو أكبر مركز لمكافحة السرطان بالبلد، وقف تقديم حصص العلاج بالأشعة للمرضى. وأدى الخبر إلى حدوث حالة توجس واسعة بين المرضى على الرغم من محاولات الأطباء ووزير الصحة طمأنتهم إلى أن العلاج لن يتوقف بدأت المشكلة منذ أيام، حيث تحدثت مصادر إعلامية محلية عن تعليق لافتة بمدخل مركز مكافحة السرطان بالجزائر العاصمة، الذي بُني سنة 1959، تعلن بوضوح «إيقاف العلاج بالأشعة»، ما أحدث هرجاً ومرجاً داخل المركز الطبي الذي يستقبل سنوياً عشرات الآلاف من المرضى انتقل وزير الصحة جمال ولد عباس إلى المركز المذكور لمعرفة خلفيات المسألة، وبعد عقد اجتماع مطوّل مع مسؤوليه وأطبائه، خرج الوزيرُ لينفي خبر إيقاف العلاج بالأشعة. لبس وغموض قال ولد عباس إن المسألة تتعلق فقط باستبدال جهازين قديمين للعلاج يتجاوز عمرُهما 24 سنة، بجهازين جديدين جُلبا حديثاً من الخارج. وأضاف الوزير أن التوقف عن العلاج بالأشعة «اقتصر فقط على الحالات الجديدة»، بينما يتلقى المرضى السابقون العلاج وفقاً للمواعيد التي مُنحت لهم من قبل، وأكد أن الدولة تواصل التكفل بكل مرضى السرطان بالبلد وعلاجَهم مجاناً. ورغم هذا التطمين، إلا أن إعلان محمد عفيان، رئيس مصلحة العلاج بالأشعة، أن «كل المرضى سيستفيدون من العلاج بالأشعة وفق مواعيد محددة، ولكنها قد تمتد إلى ستة أشهر» بسبب كثرة المرضى، أثار تخوفات هؤلاء من المجهول، علماً أن 28 ألف مريض من مجموع 44 ألف مصابٍ بالسرطان يتلقى هذا النوع من العلاج بعد الخضوع للعلاج الكيميائي، والباقي يعالجون بالأدوية. في السياق ذاته، قالت حميدة قطاب، رئيسة جمعية «الأمل» لمساعدة مرضى السرطان «هذه مواعيدٌ متباعدة جداً، وتهدد حياة المرضى الذين يجب أن يتلقوا العلاج بالأشعة في أوقات مناسبة بعد العلاج الكيميائي، وإلا فإن المرض يعود بسرعة وينتشر في باقي مناطق الجسم ويتعذر بعدها إيقافه، ما يعني رفع عدد الوفيات». اكتظاظٌ واختناق يرى أطباء يعملون بمركز «بيار وماري كوري» أن إيقاف العلاج بالأشعة في المصلحة المختصة بذلك، هو نتيجة حتمية لشدة «الاكتظاظ والاختناق» داخلها بفعل تزايد عدد المرضى من عام إلى آخر في الوقت الذي لم يتمّ فيه فتحُ أي مركز جديد في ولاية جزائرية أخرى، يخفف الإقبال على مركز «بيار وماري كوري» في الجزائر العاصمة، عدا 6 مراكز أخرى قديمة وتعاني نقصاً واضحاً في الأجهزة والأدوية، ما جعل أغلب المرضى يزهدون فيها ويفضلون مركز الجزائر العاصمة، والنتيجة حدوث اكتظاظ كبير انعكس سلباً عليهم، إذ إن المريض الذي من المفروض أن يتلقى العلاج بالأشعة بعد أيام من إكمال علاجه الكيميائي، لا يحصل على موعد للعلاج بهذه الطريقة إلا بعد ستة أشهر أو أكثر، ما يعرِّض حياته للخطر الأكيد. في هذا الصدد، قالت قطاب إن نحو 8 آلاف مريض فقط من مجموع 28 ألفاً، يمكنهم تلقي العلاج بالأشعة في الوقت المناسب، بينما يبقى 20 ألفاً آخرون أمام مصير مجهول، موضحة أن المصابة بسرطان الثدي مثلاً، يجب أن تتلقى العلاج بالأشعة بعد 21 يوماً فقط من تلقيها العلاج الكيميائي، لكيلا تنتكس وتتدهور حالتها الصحية ويستشري الورمُ في مناطق أخرى من جسمها، ويتعذر بعدها إنقاذها، ما يعني أن عامل الوقت له دور حاسم في إنقاذ المريض بالسرطان أو وفاته، وأشارت إلى أن المصابات بسرطان الثدي تجاوز عددُهن 10 آلاف سيدة في 2011، أي في خلال 9 أشهر فقط، وأن 3500 سيدة تتوفى بهذا المرض كل سنة، وأعدادهن في تزايد. مرحلة العجز مع أن العمل جار لاستبدال جهازين قديمين للأشعة بآخرين جديدين، إلا أن الأطباء وجمعية «الأمل» يرون أن المشكلة لا تكمن في قِدم الأجهزة فقط، أو حتى زيادة عددها، بل في وصول مصلحة العلاج بالأشعة خاصة، ومركز بيار وماري كوري عامة، إلى «مرحلة التشبع والعجز» عن استقبال المزيد من المرضى، يقول البروفيسور كمال بوزيد، رئيس مصلحة الأورام السرطانية بالمركز «لقد تجاوز مركز بيار طاقته الاستيعابية منذ أكثر من عشر سنوات بسبب التزايد المذهل لعدد مرضى السرطان بالجزائر، حالياً يستقبل المركز في مصالح علاجه الخمس نحو 800 مريض يومياً، وهذا عدد كبير جدا». ونتيجة لإقبال المرضى من مختلف الولايات الجزائرية الـ48 على هذا المركز لتلقي علاج أفضل مما يتلقونه في ستّة مراكز أخرى ثانوية لمكافحة المرض، فقد أصبح المركز يشتغل طوال 15 ساعة في اليوم، يقول البورفيسور محمد عفيان «مصلحة العلاج بالأشعة تقدم العلاج في حدود طاقتها، وهي تعمل دون توقف من السادسة صباحاً إلى التاسعة ليلاً، وبما أن الأجهزة تشتغل فوق طاقتها لتلبية احتياجات المرضى المتزايدين، فإنها تتعرض للعطب وتتوقف بين الفينة والأخرى، ما يزيد من حجم الضغط». وتقول حميدة قطاب إن «جمعية الأمل دقت ناقوس الخطر منذ سنوات عديدة بعد أن لاحظتْ أن عدد المرضى يتزايدون، بينما بقيت هياكل الاستقبال هي نفسها، وقد وافقنا الطاقمُ الطبي في ذلك، لكن صيحاتنا بقيت دون صدى، ما أدى في النهاية إلى الوصول إلى هذه الوضعية حيث لا يستفيد كل المصابين بالسرطان من العلاج بالأشعة». مراكز طبية جديدة تطالب جمعية مساعدة مرضى السرطان إلى جانب عدد من الأطباء بالعمل على فتح مراكز أخرى في أقرب وقت بمختلف مناطق البلد لـ»تقريب العلاج من المواطن»، وتجنيبه مشقة قطع مئات الكيلومترات بحثاً عن العلاج بالجزائر العاصمة، ويعِدُ وزير الصحة ولد عباس بتحقيق هذا الطلب بفتح 6 مراكز طبية جديدة لعلاج السرطان في 6 ولايات قبل نهاية السنة الجارية، أي في غضون شهرين فقط، وتجهيزها بأجهزة طبية متطورة لتخفيف الضغط عن مركز «بيار وماري كوري» والمراكز الستة الأخرى بعد تجهيزها بدورها بمعدّات طبية متطورة. ما يرفع عدد مراكز مكافحة السرطان في النهاية إلى 13 في نهاية عام 2011. ويعِد ولد عباس أيضاً بفتح 57 مركزاً قبل نهاية سنة 2014، ما يعني تغطية كل الولايات الجزائرية وضمان تكفل جيد بمرضى السرطان، ويأمل هؤلاء أن تتحقق وعودُ الوزير حتى يتم وضعُ حدٍّ لهذا الكابوس الذي يؤرقهم بسبب شدة الضغط والاكتظاظ في مركز الجزائر العاصمة، وبالتالي إنقاذ حياة آلاف المرضى كل سنة.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©