الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوتين والاتفاقية السوفييتية- النازية

12 نوفمبر 2014 21:18
تصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عناوين الصحافة في العالم الأسبوع الماضي عندما دافع عن اتفاقية نازية سوفييتية أبرمت عام 1939 اتفق بموجبها ستالين وهتلر سراً على تقاسم أوروبا الشرقية فيما بينهما. ودافع بوتين عن الاتفاقية قائلاً إنها تتماشى مع «وسائل السياسة الأجنبية» العادية في ذاك الوقت. واتسمت لهجة بوتين بشدة أكبر عن حديثه العلني السابق بشأن الموضوع عام 2009، في إحياء ذكرى قيام الحرب العالمية الثانية عندما انتقد «كل المعاهدات» مع النازية باعتبارها «غير مقبولة تلقائياً» و«لا معنى لها سياسيا». والسبب وراء تغير النبرة في الخطاب واضح. فقد انهارت تقريباً العلاقات بين موسكو والغرب على مدار العام الماضي، ولم يعد هناك سبب لمراعاة روسيا للحساسيات الغربية. لكن ما يثير القلق أكثر هو التوازي التاريخي الغريب مع حقبة الاتفاق السوفييتي النازي التي يبدو أنها ماثلة في التصرفات الروسية العام الماضي مثل استعراض القوة والحديث عن إنقاذ الأقليات الروسية والاستفزازات على الحدود وإسقاط طائرة ركاب في ظروف غامضة وغزو أوكرانيا المجاورة وضم جزء من أراضيها. فكتاب التعاليم الذي أرشد ستالين بين عامي 1939 و1940 وجد زعيماً جديداً فيما يبدو. حجة بوتين بشأن الاتفاقية السوفييتية النازية لم تتغير فالأسبوع الماضي كما هو الحال قبل خمس سنوات ردد بوتين تبريراً كان مألوفاً في الحقبة السوفييتية عن الاتفاق، ومفاده أن ستالين اضطر لإبرام الاتفاق بسبب غدر الغرب وقرار التوقيع كانت دوافعه «دفاعية». وهذه مخاتلة كبيرة. فلم يحدث شيء سابق على هجوم هتلر على روسيا عام 1941 يوحي بأن دوافع ستالين للتوقيع على الاتفاق كانت دفاعية. فعلى العكس، توحي الأدلة المتوافرة بأن هدفه كان تشجيع هتلر على مهاجمة وتقويض عدوه القديم وهو الغرب الاستعماري. وظن في هذه المرحلة أن بمقدوره السير غرباً دون معارضة وتحويل قارة أوروبا برمتها للشيوعية. من الصحيح قطعاً أن الأمن الجماعي انهار بحلول عام 1938 وكانت كل دولة تسعى لإقامة أفضل ترتيبات ثنائية. لكن مسعى البريطانيين والفرنسيين لاسترضاء هتلر عام 1938 لا يمكن وضعه فعليا في نفس فئة مسعى اتفاقية ستالين معه في العام التالي. فأحدهما كان محاولة فاشلة للحفاظ على السلام والثاني محاولة ناجحة لشن حرب. وأحدهما اتفاق سياسي يستبق أزمة والثاني فتح الباب لعلاقة اقتصادية واستراتيجية لمدة عامين. وإدراج المسعيين تحت مسمى «المعاهدات مع النازية» هو مغالطة مقصودة وخبيثة. وماذا عن حجة بوتين بأن الاتفاقية السوفييتية النازية لم تكن «سيئة»؟. الأمر يتوقف على موقعك. فلو كان المرء في الكرملين لربما بدا له الأمر هكذا لكن قلة من الناس في الغرب قد يوافقون على هذا. فالاتفاقية دشنت الحرب العالمية الثانية، وقسمت شرق أوروبا بين النازيين والسوفييت مما أدى إلى تضرر 50 مليون شخص على الأقل مباشرة. وغزا هتلر بولندا بعد عشرة أيام من التوقيع وحذا ستالين حذوه بعد ما يزيد بقليل على أسبوعين. وتم تقسيم بولندا واستعبادها من أكثر النظم الشمولية التي شهدها العالم دموية وبشاعة. وأضاء الاتفاق الضوء الأخضر لستالين لشن هجوم دون استفزاز على فنلندا بعد ستة أسابيع. وترك دول البلطيق تحت رحمته. وكان لتوجه ستالين غرباً بين عامي 1939 و1940 آثار إنسانية عميقة. وتم ترحيل مليوني شخص من بولندا ودول البلطيق وشرق أوروبا وتعرض آلاف الأشخاص للاضطهاد وصعوبة العيش والحرمان. ومقارنة سلسلة الرعب هذه بـ «اتفاقية ميونخ» المشرفة لكن العقيمة ليس فقط مخاتلة بل مثير للسخرية. الاتفاق السوفييتي النازي كان محاكاة للسياسة الشمولية الميكافيلية الخبيثة وهي نتاج طبيعي لنظامين بغيضين. لكن هذا لا يعني أن يقلل السياسيون المحدثون من شأنه ويخففوا وقعه أو يعيدوا الاعتبار له. واستعداد بوتين بوضوح لفعل هذا يجب أن يثير قلقنا جميعا. روجر مورهاوس * * مؤرخ ومؤلف عدة كتب عن الحرب العالمية الثانية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©