الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دروس من تقرير «الصحة العالمية»

12 نوفمبر 2014 21:19
الأوبئة مثل الزلازل، مأساوية ولا يمكن تجنبها ولا توقعها وتبدأ بحدث عشوائي. مثل أن ينتقل فيروس من طائر أو خفاش أو أي حيوان آخر إلى «المريض صفر» الذي ينقله إلى إنسان آخر. ويرجح أننا على مدار هذا القرن سنواجه وباء أنفلونزا مشابها لذاك الذي حدث عام 1918 وقتل ما قدر بنحو 50 مليون شخص. وعشية الانهيار الاقتصادي العالمي، أشار رام إيمانويل كبير موظفي البيت الأبيض للرئيس باراك أوباما إلى أن وقوع أزمة خطيرة يعتبر فرص للتعلم. والتركيز حاليا على أزمة الإيبولا التي تنبها ليس فقط إلى نواحي القصور التي تهدد ليس فقط بمأساة على مستوى غير مسبوق لكنها تهدد الأمن الاساسي للولايات المتحدة والأمم الثرية الأخرى. ومع تغير المناخ لا يستطيع جزء من العالم أن ينعزل عن عواقب الأوبئة. وينبهنا تقرير «الصحة العالمية 2035» الصادر عن «لجنة الاستثمار في الصحة» التي شاركت في رئاستها إلى ثلاثة دروس مهمة. أولها: يتعين اتخاذ إجراءات جماعية لبناء أنظمة صحية قوية في كل مكان من الكرة الأرضية. وفي غرب أفريقيا وضع فيروس إيبولا الأنظمة الصحة العالمية في اختبار. ففي سيراليون وليبيريا وغينيا، لم تستطع الأنظمة الصحية الصمود، بسبب قلة عمال الصحة المدربين والمعدات والإمدادات وقلة القدرة على المراقبة والتحكم في الصحة العامة. ويعلمنا نجاح نيجيريا في احتواء الفيروس بعد تشخيص أول حالة هناك في يوليو الكثير، حيث أشادت منظمة الصحة العالمية بنجاح نيجيريا باعتباره أدت «عملاً من طراز عالمي في اكتشاف الأوبئة» انطوى على استجابة جريئة ومنسقة في المراقبة والتحكم. وبينما مازال جانب كبير من النظام الصحي النيجيري مثل خدمات الرعاية الأولية ضعيف جداً، لكن النظام الصحي أجدى نفعاً في مراقبة إيبولا والتحكم فيها. وكل بلد بحاجة إلى مثل هذا النوع من النظام. فالوقاية أقل كلفة من العلاج ونتائجها أفضل. وبناء هذه الأنظمة يحتاج إلى وقت ومال. والبحث الذي قمنا به بالاشتراك مع فريق دولي من الاقتصاديين وخبراء في الصحة ونشر العام الماضي في مجلة «لانست» الطبية يشير إلى أن كلفة «تعزيز الأنظمة» سيصل إلى 30 مليار دولار في العام في العقدين القادمين. والجيد في الأمر إننا نمتلك الأموال لتغطية هذه الكلفة من خلال الجمع بين المساعدات والإنفاق المحلي. والكلفة أقل من واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الإضافي الذي سيتسنى للدول صاحبة الدخل المنخفض بسبب الزيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدار السنوات العشرين المقبلة. وثاني الدروس هو أن ضعف الاستثمار في الصحة العامة، يمثل حالة طوارئ عالمية. وبطء استجابة منظمة الصحة العالمية على إيبولا لم يكن مفاجئا مع الأخذ في الاعتبار تقليص فريق عملها في الآونة الأخيرة ونتحمل جميعاً مسؤولية هذا. فمنذ عام 1994، انخفضت الميزانية الاعتيادية لمنظمة الصحة العالمية باطراد. وحتى قبل أزمة إيبولا، كانت المنظمة الدولية تناضل لتمويل وظائفها الأساسية. وميزانيتها الإجمالية لمواجهة الأنفلونزا بلغت 7.7 مليون دولار عام 2013 أي أقل من ثلث ما تخصصه مدينة نيويورك وحدها للإعداد لطوارئ الصحة العامة. ونقل العدوى إلى بلد ما لم يعد يحتاج إلا إلى راكب واحد. ونحن بحاجة إلى منظمة الصحة العالمية أكثر مما مضى. فإنها وحدها تتمتع بالتفويض والمشروعية لتعمل كوكالة حماية صحية لكل الدول الغنية والفقيرة على السواء. ومن التهور إفقارها من الموارد. والدرس الثالث يتعلق بالابتكار العلمي. فعندما يتعلق الأمر باكتشاف وتطوير الأدوية والأمصال واختبارات التشخيص نتجاهل إلى حد كبير الأمراض المعدية التي يكون القسط الأكبر من ضحاياها من الفقراء. ونتيجة لهذا فمازلنا نفتقر لأدوية أو أمصال للإيبولا ومازلنا نعتمد على الوسائل العتيقة في الوقاية مثل الحجر الصحي. وشرحت «مارجريت تشان» المدير العام لمنظمة الصحة العالمية سبب هذا الإهمال. وذكرت أن الأطباء «ليس في يدهم شيء» لأن الصناعات الهادفة للربح لا تستثمر في منتجات تقدمها لأسواق لا يمكنها الدفع. والإيبولا تتضرر منها الدول الأفريقية الفقيرة، وبالتالي لا تتوقع شركات الأدوية أرباحاً منها. لكن استثمار بضع مليارات في العام أي أقل من 0.01 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي يمكن أن يكون حاسماً في منع مأساة على مستوى العالم. فهناك قضايا أهم من الكساد الاقتصادي والانتخابات. لورانس سامرز * أستاذ في جامعة هارفارد ووزير الخزانة الأميركي السابق ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©