السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

زيدان: الثقافة العربية خندق الحماية الأخير

زيدان: الثقافة العربية خندق الحماية الأخير
12 نوفمبر 2014 21:57
محمد عبدالسميع (الشارقة) عن أخطر وأهم مصدر لحماية مستقبل المنطقة العربية، عن الثقافة ودورها وتأثيراتها، التقى رواد معرض الكتاب بالشارقة، يوم أمس الأول في صالون بحر الثقافة، مع الدكتور يوسف زيدان، وقدمته الدكتورة حصة لوتاه. تحدث زيدان قائلاً: بين الثقافة العربية وخندق الحماية الأخير نقطتان أو خطان هما خط الاختراق الأول وخندق الحماية الأخير. لكي نضبط الدلالات دعونا نتفق على أن لكلمة الثقافة معنيين لغوي واصطلاحي. اللغوي بعيد عنا الآن، كما هو معروف الثقافة تعني التهذيب، وتقويم المعوج من الأشياء، يقال: ثَقُفَ الرجل ثَقفاً وثقافة أي صار حاذقاً فطناً، ويقال: ثَقَّف الصبي أي أدَّبه وهذَّبه، وثَقُفَ الرماح أي سوَّاها وقوَّم اعوجاجها. في القرن العشرين استعملت الثقافة بمعنى جديد بحيث تصبح هي المقابل لكلمة (Culture). وهناك تعريف لإميل دوركايم يقول إن الثقافة نمط من حياة جماعة بكل ما يشتمل عليه من معارف عامة، لغة، دين، عادات وتقاليد. هذه كلها تدخل في المعنى الاصطلاحي لكلمة ثقافة. الاختراق والحماية وقال زيدان نتحدث اليوم لنبين أن الثقافة كانت خط الاختراق الأول وخندق الحماية الأخير. دعونا نفرق ما بين القراءة والإطلاع وبين الثقافة. كثير من المتمدنين يسمون النشر ثقافة والقارئ مثقف، وهذه لها وجه من الوجوه وهي أن القراءة هي السبيل للوصول إلى كل هذا. أو هي الباب الأقرب للتعرف على الثقافات المحلية والعالمية. وتساءل زيدان: كيف كانت الثقافة العربية خط الاختراق الأول؟ وأجاب: في بداية التسعينيات وعقب حرب الخليج الأولى أصدرنا كتاب «مستقبل المنطقة العربية» 1991م، شارك فيه عدد كبير من كبار الكتّاب وطبعته هيئة قصور الثقافة في مصر. على أمل إقامة مؤتمر لمناقشة هذا الكتاب، وفور صدور الكتاب وقبل خروجه من المطبعة، قدم لي أحد الأصدقاء نسخة، كانت ولاتزال هي النسخة الوحيدة الموجودة من هذا الكتاب، لأن بلدا عربيا مارس ضغوطا واشترى كل النسخ المطبوعة وأعدمها. لماذا؟ لأن الكتاب مكون من مجموعة محاور: المحور الاقتصادي أكد من خلال الدراسات أن حربا ستنشأ في المنطقة بسبب المياه، والمحور العسكري قدم إحصاءات دقيقة دلت على التفوق الإسرائيلي العسكري في نوعية الأسلحة عن مجموع الجيوش العربية مجتمعة. وكان المحور الثقافي من الدراسة بعنوان «إمكانية إقامة مشروع ثقافي عربي/ رؤى وآراء متراكمة»، وأن هناك استحالة في إقامة مشروع ثقافي حالي في فترة التسعينيات. تم إعدام الكتاب والصمت عن هذا الطرح المؤرق مع أنه طرح استباقي. وكان الكتاب يقدم الدور الذي يجب على المثقف القيام به في المجتمع. (دائماً قوم زرقاء اليمامة هم الذين يدفعون الثمن كل مرة لأنهم لم يتوقفوا على رؤيتها للمستقبل البعيد). الحروب والثورات وتابع زيدان: ودخلنا في حرب الخليج الثانية التي كسرت شوكة العرب، وبعد عقد آخر اندلعت الثورات العربية في وقت واحد وفي بلاد ومناطق كان آخر همّ الحكام فيها هو الثقافة. بل كان هناك حرص من هؤلاء الحكام على أن تكون بلادهم مناطق طرد للمثقفين. فاندلعت الثورة في ليبيا وليس فيها مثقفون وكتّاب يؤثرون في الرأي العام وكذلك في سوريا. وسوريا وليبيا كانتا من أكثر المناطق التي ألحقت بها الثورات ضرراً بالغاً لن يفيقوا منه قبل عشرين عاماً على أقل تقدير. بينما مصر استطاعت تدارك هذا. وأوضح زيدان أن العمل المؤثر في ذلك كان وجود المثقفين والكتاب والمفكرين. فالضرر الذي لحق بالمثقفين والكتاب ومنتجي الفن كان أقل نسبياً في مصر. لماذا؟ لأن الثقافة هي خط الاختراق الأول ولأن العقل الإنساني به تدبر للأمور وقدرة على مواجهة المشكلات والعمل على حلها. ولكن تظل المساحة الأكبر من العقل الفردي والجماعي مملؤة بالأفكار التي تعكس رؤى العالم يعني مملؤة بالثقافة. وأضاف زيدان: لما تم إخلاء وتفريغ العقول الفردية والعقل الجمعي بنسب متفاوتة جاء الخراب بنفس النسب، لأن التجريف الثقافي الذي قام به القذافي والأسد الأب أدى إلى سهولة اجتياح الجماعات المتعصبة للبلاد. وهؤلاء المخربون استطاعوا التأثير بالدين على فئة عن طريق أخذ سورة أو آية ليبنوا عليها أسبابهم وتبرير للتخريب والإرهاب والذبح. وقد تعرضت مصر لهذا لكن كان فيها من يستطيع أن يواجه بمخزونه الثقافي العام، لذا كانت هذه الجماعة سرعان ما وصلت للحكم وسرعان ما أزيحت عنه. إذن الشواهد المعاشة التي نراها تدل على هذا الارتباط الحيوي ما بين الواقع الثقافي في بلد والمصير الذي ينتظر هذا البلد. وقال زيدان: للأمر تفصيل أحب أن أخوض فيه وأتحدث عن المكونات الثقافية (اللغة والدين). أين اللغة، اللغة أخطر من الدين لأن الدين محمول على أجنحة اللغة. ويجب إعادة النظر في التصورات العليا وإلا دخلنا في معارك النصوص. لن يغني الدين منفرداً فهناك اللغة، وهناك التفاهم والمثاقفة مع الآخر إنما الرفض المطلق يؤدي إلى إلغاء الذات، إذا رفضت الفكر الآخر أيضاً الفكر الآخر لن يقبلك. اللغة والعادات والمعارف العامة ينبغي تناولها برؤية جديدة تعصم المجتمعات العربية من الانزلاق العادي والمزيد من الانزلاق الآتي. يجب إعادة بناء التصورات العامة تجاه الذات والعالم ويدخل ضمنها النص الديني. وأضاف: نحن نحتاج ثورة ثقافية وفي أشد الاحتياج لذلك بمعنى إعادة التصورات الثقافية تجاه العالم، وأن نكف عن هذا التجاهل لمفردات الشخصية العربية. نحتاج لثورة ثقافية فيها مواجهة مع التراث وجرأة على الطرح بشكل أكثر عقلانية واستشراف للمستقبل. وهناك جانب مهم في تشكيل الوعي والثقافة هو الإعلام، نحن مطالبون أن نسرع في الإصلاح. الإعلام العربي كارثة كبرى بكل المقاييس، هو العدو الأكبر للعرب وأشد نكاية عليهم من داعش واسرائيل. واعتبر زيدان أن الحالة المتدهورة للتعليم الحكومي هي أحد الدواعي إلى إحداث ثورة ثقافية تعوض القصور التعليمي. أيضاً من ضمن الأوهام السارية في بلدنا أن المثقف لابد ومن المحتم عليه أن يختلف مع الحاكم، كما لو كان الطرح شرط من شروط الثقافة هذا الأمر مضحك. قد يقع الخلاف ومن ثم الصراع بين المثقف والحاكم لكن هذا ليس شرطاً لا من شروط الحكم ولا من شروط الثقافة. من الوهم العربي المعاصر صراع المثقف والسلطة، مع إن دائرة اهتمام المثقف معروفة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©