الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

3 حقائق تاريخية تدحض أحدث أكاذيب نتنياهو عن الفلسطينيين وهتلر

3 حقائق تاريخية تدحض أحدث أكاذيب نتنياهو عن الفلسطينيين وهتلر
24 أكتوبر 2015 18:41

اشتهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بكونه تجسيدًا للبراجماتية الفّجة داخل الطبقة السياسية الإسرائيلية، وبقدرته على التوظيف السياسي للقضايا لمواجهة معارضيه، إلا أن هذه المرة خانه ذكاءه بسبب القفزة الهائلة التي حاول بها مواجهة انتفاضة الأقصى، وحشد الرأي العام الداخلي والخارجي ضد الفلسطينيين، فبدأ صراعًا غير مبررً مع التاريخ الذي لا يرحم أحدًا، بعدما شكك في أحد المسلمات التي اعتمدت إسرائيل عليها في نشأته وبقائها "المحرقة اليهودية".

إذ أكد قبل لقائه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين، أن مفتي القدس الحاج أمين الحسيني أحد رموز الحركة الوطنية الفلسطينية والعربية بالنصف الأول من القرن الماضي، هو من بذر بذرة إبادة يهود أوروبا في مخيلة الزعيم النازي أدولف هتلر، الذي نفذ ما أوحي إليه الحسيني بقوله... "هتلر لم يكن في ذلك الوقت يرغب في إبادة اليهود، كان يريد طردهم فقط... لكن أمين الحسيني ذهب إلى هتلر وقال له: إذا طردتهم فجميعهم سيأتون إلى فلسطين. وبحسب رواية نتنياهو للتاريخ، فإنَّ هتلر سأل حينها: إذاً ماذا ينبغي أن أفعل بهم...؟ فرد عليه المفتي: أحرقهم".

وإذا كان الحاضرون في مؤتمر الكونجرس الصهيوني العالمي الذي عقد بالقدس قبل أربعة أيام، قد راق لهم تحول نتنياهو إلى مؤرخً، مرتديً عباءة والده المؤرخ، فإن عاصفة من الغضب اجتاحت الطبقة السياسية الإسرائيلية، ومن خلفها المجتمع الدولي، ولكلٍ أسباب غضبه على نتنياهو.

فالطبقة السياسية رأت في تصريحاته ليس هروبًا من واقع مأزوم بسبب هبة الأقصى التي أعادت طرح مسألة الاحتلال من جديد وبقوة، وتحديدًا داخل القدس وأنهت وهم وحدة المدينة المقدسة، بالإضافة إعادة إشكاليات العلاقة المعقدة مع الوسط العربي داخل الخط الأخضر كاشفة عن زيف الديمقراطية الإسرائيلية فحسب، وإنما أيضًا لكونه يبرء هتلر من المحرقة اليهودية "الهولوكوست". وبهذا يكون أول يهودي بهذا الثقل يقدم على ذلك.

فزعيم المعسكر الصهيوني إسحاق هرتسوج، الذي أيد إجراءات نتنياهو في مواجهة هبة الأقصى، انفجر غضبًا، معتبرًا أن ما سمعه أكبر تزوير للتاريخ، وطالبه بتصحيح هذا الكلام الخطير، وأضاف "حتى ابن المؤرخ يحتاج إلى تدقيق معلوماته عن التاريخ، لكونه يقزّم من المحرقة، والدور الفظيع الذي قام بها هتلر في أكبر كارثة تحدث للشعب اليهودي. واعتبر أن منكري المحرقة لم يكن ينقصهم سوى كلام نتنياهو لكي يتماسك موقفهم ويزاد صلابة وقوة.

فيما ذهب عضو المعسكر الصهيوني إيتسيك شمولي أبعد في انتقاده نتنياهو بقوله..."ما قاله عار كبير فهو يخدم منكري الحرقة، فهذا لم يحدث لنا من قبل، فتلك ليست المرة الأولى التي يزوّر فيها وقائع التاريخ، ولكن كذبة كبيرة بهذا الثقل لم تحدث من قبل، وينبغي عليه أن يطلب العفو من كل الناجين من المحرقة". فيما شعرت زعيمة حركة ميرتس اليسارية زهافا جالئون بالخجل من كلامه قائلة..."من ليس مؤهلا لتغيير المستقبل، لم يعد أمامه سوى كتابة التاريخ بشكل غير لائق".

أما العالم الغربي، فقد تعامل مع أقوال نتنياهو بوصفها محاولة سخيفة لتشوية تاريخ الحرب العالمية الثانية من أجل تبرير موقفه اللا أخلاقي تجاه الفلسطينيين وإظهار محمود عباس "أبو مازن"، كأنه يعيد إنتاج النظرية النازية للحاج أمين الحسيني، للتأكيد على أن الفلسطينيين لا يتغيرون أبدًا. فحسب هذه القراءة المغلوطة للتاريخ، فإن النازيين كانوا مجرد منفذ لرغبة مفتي القدس تجاه اليهود دون إرادة فاعلة لهم، قراءة للتاريخ رفضها الألمان أنفسهم حينما رد ستيفن سيبرات المتحدث باسم الحكومة الألمانية عقب لقاء نتنياهو ــ ميركل بأن مسؤولة المحرقة تقع على عاتق الألمان شعبًا ودولة، ولا حاجة لتغيير هذا الموقف المعروف للجميع.

بينهما فهم الفلسطينيون مغزى التحريض الذي يقوم به نتنياهو ضدهم بقصد إلصاق تهمة الإرهاب بهم لتبرير عجزه عن إنفاذه التسوية التي توافق عليها المجتمع الدولي وتمرير حل الدولتين، واتسم رد فعلهم بقدر عال من الواقعية التي تخاطب الآخر باللغة التي يفهما وتحديدًا الإسرائيلي.

إذ قابل أيمن عودة رئيس القائمة العربية الموحدة بالكنيست هذا التحريض بقوله..."يعيد نتنياهو كتابة التاريخ من أجل التحريض على الشعب الفلسطيني. وضحايا الوحش النازي، وبينهم ملايين اليهود، يتحولون إلى مادّة دعائيّة رخيصة في خدمة رفض التسوية والسلام. إنَّ نتنياهو يثبت كل يوم أنَّه يشكل خطراً على الشعبين، وإلى أيّ مدى بعيد مستعد لأن يذهب من أجل تحصين حكمه وتبرير سياسته الحبلى بالكوارث".

واتفق معه عضو الكنيست أحمد الطيبي، حيث اعتبر أن ما قاله نتنياهو كذب على التاريخ، لكونه سوّغ لهتلر ونظريّته العنصرية التي قادت إلى إبادة يهود. إنَّ كراهية نتنياهو للفلسطينيين ورغبته الشديدة في تسميم أفكار الإسرائيليين ضدهم تقوده إلى فقدان اتّزانه.

بعيدًا عن تلك الردود السياسية، فإن وقائع التاريخ تدحض مزاعم نتنياهو، صحيح أن لقاء الحسيني وهتلر معلوم بالضرورة في المصادر التاريخية لا يستطيع أحد إنكاره، إلا القفز عليه لإلصاق تهمة الإبادة بحق الفلسطينيين، ما يبر الإبادة الإسرائيلية التي تشن ضدهم الآن، تقف أمامها حقائق تاريخية يصعب إنكارها مهما حاول نتنياهو أبرزها ثلاث أساسية:

أولها: أن كتاب "كفاحي" الذي صاغ فيه هتلر أفكاره السياسية عن تفوق العرق الآري وتدني اليهود، كتب عام 1939 أي قبل ثلاث سنوات من اللقاء الذي جمعه مع الحاج أمين الحسيني الذي تم خلال زيارة الأخير لبرلين في نوفمبر 1941.

ثانيها: خطاب هتلر الشهير أمام الرايخستاج الذي عرض فيها تصوراته للحل النهائي للمسألة اليهودية في أوروبا سبق هذا اللقاء بشهرين على الأقل.

ثالثها: يدرك الكثير أن البدء في تنفيذ الحل النهائي الذي نفذه النازيين أتى بعد سنوات من الخطط العملية الهادفة لإنهاء المسألة اليهودية في أوروبا. إذ يظهر تسلسل الأحداث الخاصة بما يعرف بالمحرقة النازية، كتجسيد للحل النهائي، أنها بدأت فعليًا قبل هذا اللقاء، وكانت أولى مراحلها مع بداية الغزو الألماني للاتحاد السوفيتي في 22 يونيو 1942، حينما بدأت وحدات الفيرماخت بقتل الآلاف من اليهود الروس تطبيقًا لرؤية هتلر عن الحل النهائي، كما تمت إبادة يهود بيلا روسيا في أغسطس من نفس العام بقتل 24 ألف يهودي.  

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©