الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نزع التطرف من «عين الحلوة»

3 يناير 2011 20:04
ربما يكون مقتل قيادي بارز من "القاعدة"، واضطرار الكثير من المتطرفين للفرار من مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين بجنوبي لبنان، خطوة نحو استقراره وخلوه من التطرف. فقد ظل هذا المخيم الذي يقيم فيه نحو 70 ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين، في مساحة لا تزيد على ميل مربع واحد إلا بقليل قرب صيدون، خارج نطاق اختصاصات وسلطات الحكومة اللبنانية، وطالما هيمنت عليه حركات التطرف ودعاة العنف. غير أن اتفاقاً تكتيكياً عقد مؤخراً بين تحالف من الحركات الإسلامية وحركة "فتح"الفلسطينية، لم يترك مجالاً للمتطرفين الإسلاميين الساعين إلى تنفيذ هجمات ضد الحكومة اللبنانية أو أي أهداف أجنبية في لبنان. وعلى حد تصريح محمود عيسى -أحد كبار مسؤولي "فتح" في المخيم- فإن هناك تعاوناً نشطاً بين "فتح" والجماعات الإسلامية. ويعتبر هذان الطرفان أمن مخيم عين الحلوة خطاً أحمر لا يمكن لأي أحد تجاوزه. ويتولى هذا المسؤول -الذي اشتهر بلقب "لينو" قيادة فصيل الكفاح المسلح لمنظمة فتح في لبنان، وهو الفصيل الذي تقع عليه مسؤولية حفظ أمن المخيمات الفلسطينية. يذكر أن غاندي "أبو رامز" الشمراني- القائد السابق لفصيل جند الشام، قد عثر عليه ميتاً في أحد مواقف السيارات صباح السبت الماضي. وأشارت بعض التقارير إلى تعرضه للتعذيب ثم القتل فيما بعد. ولم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عن قتله، كما أن مقتله لم يثر أي موجة عنف انتقامية، باستثناء انفجار خفيف لقنبلة صغيرة في أحد المتاجر المملوكة لعضو من منظمة فتح يوم الأحد الماضي. وحتى ردة الفعل هذه لم تثر أي تصعيد أمني يذكر في المخيم. ومهما يكن، فإن مقتل الشمراني مؤشر إضافي على تزايد تراجع دور الجماعات المتطرفة التي بقيت في مخيم "عين الحلوة"، فحتى جماعة "عصابة الأنصار" -التي أضافتها واشنطن إلى قائمة المنظمات الإرهابية الدولية- وهي أكبر مجموعة متطرفة داخل المخيم، انحسر نشاطها إلى حد أبدت فيه رغبتها في التعاون مع "فتح" لحفظ الأمن والنظام في المخيم. وبذلك فإنه لم تبق سوى جماعات صغيرة معزولة متطرفة محاصرة بتهديد الاعتقال، إما من قبل وحدات الأمن التابعة لـ"فتح"، أو سلطات الأمن اللبنانية، في ذات الوقت الذي تبقى فيه هذه الجماعات تحت رقابة عناصر "عصابة الأنصار" المقيمين في المخيم نفسه. يجدر بالذكر أن الشمراني كان يقيم في ناحية صغيرة من المخيم، تسيطر عليها عصابة الأنصار سابقاً. وقد ساءت سمعة جماعة "جند الشام" كثيراً إثر ثبوت ضلوعها في مقتل أحد رجال الدين المناوئين لها في العاصمة بيروت في عقد التسعينيات، إضافة لإطلاقها النار على أربعة من القضاة في صيدون، لقوا مصرعهم جميعاً في ذلك الحادث. وكانت الجماعة المذكورة قد أنشئت في عام 2004، من مجموعة من الفصائل والجماعات المتطرفة المنشقة عن جماعة "عصابة الأنصار" باعتبارها أكبر الفصائل المتطرفة وأقواها في ذلك الوقت. وعلى إثر وقوع اشتباكات ومواجهات مسلحة بين جماعة "جند الشام" ومقاتلي "فتح"، تخلت قيادة الجماعة عن دورها القيادي، ليتولى مهمة قيادتها الشمراني، بعد مضي شهور فحسب على تشكيل الجماعة. غير أن قوات الأمن والجيش اللبنانيين، وضعت عينها على مخيم "عين الحلوة" منذ القتال الشرس الذي دار بين قوات الجيش اللبناني ومقاتلين من جماعة "فتح الإسلام" -التي تربطها علاقات بـ"القاعدة"- في نهر البارد بشمال لبنان، حيث استمرت المواجهات لمدة 106 أيام متصلة في عام 2007. وخلال المواجهات نفسها، هاجم مقاتلون تابعون لجماعة "جند الشام" محطات تفتيش عسكرية تابعة للجيش اللبناني بـ"عين الحلوة"، تعبيراً عن مساندتهم لحلفائهم الذين يقاتلون الجيش اللبناني في الشمال. وأسفرت اشتباكات دامت لمدة اثنتي عشرة ساعة بين قوات الجيش اللبناني ومقاتلي "فتح الإسلام"، عن مصرع جنديين من صفوف الجيش واثنين من مقاتلي "فتح الإسلام" وعندها استيقظت عناصر "عصابة الأنصار" وغيرها من مقاتلي الفصائل المتطرفة الأخرى، على خطر يتمثل في أن ما دار من مواجهات بهذا الحجم في "نهر البارد"، يمكن له أن يحرض الجيش على شن حملة عسكرية واسعة النطاق على الجماعات المتطرفة نفسها في المخيم. تلك هي اللحظة التي قدمت فيها "عصابة الأنصار" تنازلاً عن مواقفها السابقة، وأبدت فيها استعداداً للتعاون مع وحدات "فتح" الأمنية على حفظ الأمن والنظام في "عين الحلوة". نيكولاس بلانفورد محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©