الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن والانخراط العسكري في أفريقيا

1 نوفمبر 2011 13:22
بعث أوباما مطلع الشهر الجاري رسالة إلى الكونجرس يوضح فيها سبب موافقته على إرسال مائة من المستشارين العسكريين الأميركيين لمحاربة جماعة متمردة في وسط أفريقيا، والسبب الذي أورده أوباما في الرسالة أن ما يُعرف بـ "جيش الرب للمقاومة"، وهي جماعة شرسة تستند إلى خليط من المعتقدات المسيحية والأفريقية التقليدية، تمثل تهديداً لمنطقة وسط أفريقيا وللمصالح الأميركية وشركائها الاستراتيجيين في القارة. وبإشارته إلى أن الكونجرس سبق له المصادقة على قانون خاص بالجماعة المسلحة ومساعدة أوغندا في عام 2009 برر أوباما قراره قائلًا: "لقد رخصت بإرسال قوات صغيرة إلى أوغندا لتقديم الدعم إلى القوات المحلية التي تسعى جاهدة منذ مدة للقضاء على المليشيات المسلحة التابعة لجيش الرب وزعيمها جوزيف كوني". لكن رغم قرار الإدارة الأميركية الأخيرة بالانخراط في أفريقيا لمحاربة أمراء الحرب يبقى أن التدخل العسكري في أفريقيا مهما كان حجمـه لم يكن أبـداً من أعمدة السياسة الخارجية الأميركية، فما الذي غير هذا الواقع؟ يبدو أن الإجابة تكمن في استحداث القيادة العسكرية الخاصة بأفريقيا "أفريكوم" التي تتخذ من ألمانيا مقراً لها، فمنذ إنشائها بدأ العمل الأميركي مع الشركاء الأفارقة لضمان أمن المنطقة والمحافظة على المصالح المشتركة، وبالأخص مجابهة التحديات الأمنية التي تعجز دول المنطقة على مواجهتنا منفردة. وفيما ينظر بعض قادة أفريقيا إلى هذه القيادة العسكرية وخططها المستقبلية في المنطقة بعين الريبة والشك باعتبارها محاولة "إمبريالية" جديدة للتوغل في القارة السمراء والتحكم فيها، يرحب البعض الآخر بالتدخل الأميركي، لا سيما دول مثل أوغندا ونيجيريا وإثيوبيا، التي تعمل عن قرب مع الجيش الأميركي وتتعاون معه بشأن مجموعة من القضايا مثل محاربة الإرهاب ومكافحة التمرد. وبموجب العملية الجديدة التي تشرف عليها "أفريكوم" أرسلت الولايات المتحدة مائة من القوات الخاصة للعمل مع الجيش الأوغندي ومساعدته في تعقب عناصر "جيش الرب"، والقبض إن أمكن ذلك على زعيمه "جوزيف كوني"، بحيث من المتوقع أن توظف القوات الخاصة الأميركية الدروس التي تعلمتها في مناطق مشابهة خاضت فيها معارك مع الإرهاب ونقل تلك الدروس إلى الجنود الأوغنديين، وهو ما أكده دبلوماسي أميركي على اطلاع بالعملية قائلاً:"إن الهدف هو تقاسم الخبرة والدروس التي تعلمتها القوات الأميركية في أفغانستان والعراق، لا سيما تعقب جماعات تتحرك غالباً على الأقدام"، مضيفاً أن"القوات الأميركية لن تشارك في القتال، بل فقط ستقدم الدعم والمساعدة غير المباشرة مثل تدريب أفراد الجيش الأوغندي والإشراف على العمليات وتلقين الجيش تكتيكات محاربة التمرد التي تعلمتها على مدى عشر سنوات، ولا ننس أن الجيش الأوغندي جيش محترف ولديه خبرة واسعة على أرض المعارك، كل ما هنالك أن القوات الأميركية الخاصة ستدعم هذا الجهد". والحقيقة أن هذه الخطوة التي أقدم عليها أوباما لاقت تأييداً من قبل بعض المنظمات غير الحكومية مثل "إيناف بروجكت"، أو "مشروع يكفي"، بحيث صرح رئيس المنظمة وأحد مؤسسيها، "جون بريندرجاست"، قائلاً: "يتعين الإشادة بالرئيس أوباما لاتخاذه قرار نشر قوات خاصة في أوغندا، فمن شأن ذلك توفير الدعم الاستخباراتي واللوجستي الضروري للقضاء على جيش الرب". لكن وفيما عدا المنظمات المرحبة بالخطوة الأميركية التزمت أخرى بالحذر، لا سيما فيما يتعلق بالتداعيات السلبية لمثل هذا التدخل على السكان المدنيين، وهو ما أشار إليه "نوا كوتشاك"، المستشار البارز بالفرع الأميركي لمنظمة "أوكسفام" محذراً من الخطورة ومذكراً بوجود طرق أخرى للتعامل مع خطر "جيش الرب" وأن الاعتماد على الأسلوب العسكري يهدد بإلحاق أضرار بالغة بالسكان ويعرض الآلاف منهم لعمليات الانتقام، مضيفاً أن "جيش الرب يعرف المراوغة والإفلات من العمليات العسكرية، لا سيما وأن المنطقة التي ينشط فيها عناصره واسعة ولا تقتصر على بلد بعينه، بل تمتد من شمال أوغندا إلى جنوب السودان ومن المناطق الشرقية لجمهورية الكونجو الديمقراطية إلى جمهورية وسط أفريقيا، وهي منطقة شاسعة تقارب في مساحتها ولاية كاليفورنيا"، ويدلل الباحث في المنظمة على تخوفه بالعمليات العسكرية السابقة التي شنها الجيش الأوغندي ضد عناصر "جيش الرب" والتي كانت آخرها عملية واسعة في العام 2008 دون أن تكون لها نتائج مقنعة في القضاء عليه، بل إن التداعيات السلبية على السكان كانت أسوأ. وتقترح المنظمات المعارضة للتدخل العسكري في وسط أفريقيا التركيز على جهود التنمية في المنطقة، فحسب منظمة "أوكسفام" تنشط العناصر المتمردة "في المناطق الأقل نمواً وتطوراً وهي غالباً ما تنقل نشاطها في المناطق الحضرية، أو القريبة منها، لذا لو تم التركيز على شق الطرق وجلب البنية التحتية لن تقتصر النتائج على تنمية المناطق النائية، بل سيتراجع معها نفوذ جيش الرب وتتقلص المساحة التي يعمل فيها". سكوت بولدوف - كينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©