الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان··· تجاذب على صفيح ساخن

باكستان··· تجاذب على صفيح ساخن
17 مارس 2009 03:06
تحدى الآف المتظاهرين الباكستانيين الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة· واجتاح بعض المحامين، والنشطاء، وأعضاء المعارضة، المتاريس يوم الأحد الماضي في محاولة منهم للوصول إلى مقر المحكمة العليا في لاهور في حين انقسمت الشرطة إلى قسمين: قسم مسلح بالهراوات والآخر يوزع الماء على المتظاهرين· ولعل الجهود الأخيرة التي بذلتها قوات الأمن لوقف مسيرة الاحتجاج التي كانت المعارضة تزمع القيام بها من لاهور إلى إسلام آباد، جعلت الكثير من الباكستانيين يستعيدون بعض ذكريات ومشاهد الاحتقان أيام حكم الأنظمة العسكرية، على رغم حقيقة أن الحكومة الحالية منتخبة ديمقراطياً وجاءت إلى الحكم وهي مزودة بتفويض بالتخلص من إرث الممارسات الديكتاتورية التي كانت تتم في عهد الجنرال مشرف· والراهن أن ''الحكومة تغامر بكل ما لديها من أوراق لمواجهة هذه المسيرة'' كما قال ''إقبال حيدر'' الرئيس المشارك لمفوضية حقوق الإنسان الباكستانية، الذي يضيف أن: ''الحكومة تتصرف كما لو أنها وريثة لمشرف'' بيد أن عايدة حسين عضو اللجنة التنفيذية لـ''حزب الشعب الباكستاني'' الحاكم تدافع عن الإجراءات المتخذة وتقول إن الحكومة مسؤولة عن حماية الممتلكات وأرواح الشعب في النهاية· وفي الوقت الراهن تبدو باكستان وكأنها تخرج للتظاهر بأعداد كبيرة للنضال من أجل الدفاع عن مبدأ الفصل بين السلطات، وعودة نظام الضوابط والتوازنات في العمل الحكومي· ويقول المحللون إن الافتقار إلى الضوابط قد أطلق يد الرئيس ''زرداري'' في العمل، وخلق وضعاً أدى، وبعد مرور أقل من عام واحد على إجراء الانتخابات الحرة، إلى خروج الناس إلى الشوارع للتظاهر وللتعبير عن موقفهم· ''لقد خرج هؤلاء الناس جميعاً من أجل عودة القضاء المستقل، وعودة نظام الضوابط والتوازنات'' هذا ما قاله ''مدثر رضوي''، المنسق الوطني لما يعرف بـ''شبكة الانتخابات الحرة والنزيهة'' التي تتخذ من إسلام آباد مقراً لها· تاريخياً، كان الجيش الباكستاني يتدخل عادة لإزاحة الحكومات غير الشعبية، بيد أن ما حدث خلال الفترة الأخيرة هو إزاحة الجيش نفسه عن السلطة عام ،2007 وذلك عندما أُجبر الجنرال مشرف على التخلي عن لقبه كقائد للجيش، وعندما تولى الجنرال ''إشفاق كياني'' قيادة الجيش خلفاً لمشرف تعهد بإبقائه بعيداً عن السياسة· ولكن الذي حدث بعد أن بدأت الاحتجاجات في مختلف أرجاء البلاد، هو أن الحكومة نفسها طالبت الجيش بالتدخل لمساعدتها في حفظ الأمن والنظام في البلاد· وفي هذا السياق اجتمع الجنرال ''كياني'' مع زعماء الحكومة نهاية الأسبوع، كي يحثهم على التوصل إلى حل سياسي للأزمة لتجنب وقوع المزيد من القلاقل· أما البرلمان فليس لديه سوى نفوذ ضئيل في مواجهـــة الرئيس الذي لا يزال يتمتع بالصلاحيات التي تمتع بها مشرف خلال فترة حكمه ومن ضمنها صلاحية حل البرلمان· يشار إلى أن هناك اتفاقية تمت أصلا بين ''بينظير بوتو'' زوجة الرئيس عاصف زرداري الراحلة ونواز شريف، تدعو إلى شطب هذه الصلاحية، وإعادة القضــــاة الذين كـــان مشرف قد أقالهم من مناصبهم· وحول هذه النقطة يقول البروفيسور ''رسول بخش ريس'' أستاذ العلوم السياسية بكليــــة علــــوم الإدارة بجامعــــة لاهـــور: ''إن النظام في باكستان لم يتغير· فالناس لا يحترمون شرعية الحكومة سواء كانت منتخبة أو غير منتخبة''· ويرى المراقبون أن المظاهرات التي اندلعت تدل على أن حجم الإحباط الذي كان يعاني منه الباكستانيون من أداء الحكومة أصبح ملموساً· وفي لاهور التي يحظى فيها نواز شريف بشعبية كبيرة، أحاط أنصاره من أعضاء ''حزب الرابطة الإسلامية- فرع نواز'' بسيارته، بعد أن تحدى قرار وضعه تحت الإقامة الجبرية، ولم يقتصر التأييد الذي حصل عليه نواز على أنصاره فحسب، وإنما ضم أحزاباً أخرى مثل ''الجماعة الإسلامية'' و''الحزب الشيوعي''· ووقع بعد ذلك كل ما كان متوقعاً حيث بدأت قوات الأمن في إطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع على المتظاهرين، الذين تفرقوا ثم أعادوا التجمع مرة أخرى، بعد أن توقفت القوات عن إطلاق الغاز· وشكلت تلك الاحتجاجات ضغطاً على السلطات الرسمية في المدينة، وأدت إلى استقالة وكيل النائب العام فيها· إلى ذلك، استقال ثلاثة من كبار أعضاء ''حزب الشعب الباكستاني'' كان أبرزهم وزيرة العدل ''شيري رحمان'' التي امتنعت عن ذكر السبب أو الأسباب التي أدت بها إلى الاستقالة· ويتردد على نطاق واسع أن الوزيرة قد استقالت بعد أن أذاعت محطة ''جيو'' الفضائية تقريراً عن قيام السلطات بمحاولات لمنعها من العمل وإزالة الشعار المميز الخاص بها· والحال أن معظــم الأحزاب الباكستانية ليست ديمقراطية بالدرجة التي تسمح لها بالتمرد ضد قادتهـــا غير الشعبيين· ويعلــق ''مدثر رضوي''، منسق ''شبكة الانتخابات الحرة'' المشار إليه، على هـــذه النقطــة بقوله: ''مكمن المشكلة بالنسبة للأحزاب هو أن القيادة تقتصر على فئة محدودة من الأفراد ولا تكـــاد تخـــرج عنهــــم، وهـذا يرجــــع إلــــى سيــادة نمـــط الولاء الإقطاعــي للشخصيات الكبيرة في تلــــك الاحـــزاب''· ويؤكد رضوي أن الأحزاب الأخرى لا تناور من أجل إسقاط حكومة ''حزب الشعب'' لأنها تعرف أن ذلك قد يؤدي إلى نوع من الفوضى يمكن للجيش أن يستغله للتدخل أو حتى للعودة إلى الحكم· ويرى أن ذلك يمثل نوعاً من النضج المحمود من قبل الأحزاب· ويقول البروفيسور ''ريس'' إن الحكومة في الوقت الراهـــن ليس أمامهـــا سوى خياريــــن: المزيد من الاستجابــة لمطالب المحتجين، الذين يطالبون ''حزب الشعب'' بتنفيذ التعهدات التي قطعها عندما تولت حكومته، أو المغامرة بتعريض البلاد لحالة من الشلل الذي قد يستمـــر لفترة غير محدودة· ويستطرد ''ريس'' قائلا: ''إن المسؤولين الأميركيين بمــا فيهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قد اتصلوا بالزعماء الباكستانيين وطلبوا منهم التعاون فيما بينهم، والعمل على توحيد صفوفهم وهو ما يدفعني للاعتقاد بأن المواجهة الحالية لن تستمر طويـــلا''· بن أرنولدي وإسلام أحمد - إسلام آباد ـ لاهور ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©