الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

صراعات الغرب والعرب مصالح وسياسة وليست عقائد

3 مارس 2007 01:36
القاهرة - محمد عز العرب: الحضارة الإنسانية قائمة على التواصل والحوار لا الانقطاع والصراع· فالإسلام والمسيحية واليهودية أديان سماوية وتوتر العلاقات بين العالمين العربي الإسلامي والغربي تعود لاعتبارات سياسية ومصالح استراتيجية، والأبعاد الدينية بعيدة عنها وبريئة منها· وفي ندوة ''الإسلام والأديان: خلاف أم إرادة هيمنة'' بمعرض القاهرة الدولي للكتاب''، قالت د· تيسير مندور -عضو اللجنة الدائمة لحوار الأديان- : إن الحاجة ماسة إلى تجديد الفكر الديني في المنطقة العربية والإسلامية لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر التي وضعت العرب في قفص الاتهام حينما تقع حادثة إرهابية في هذا البلد أو ذاك، مؤكدة أن العالم الغربي يجهل أصول الدين الإسلامي القائم على التسامح والسلام والانفتاح· وأشارت إلى أن الخلافات الدينية هي الأكثر جوهرية من أي خلافات أخرى لاسيما أن القضية الفلسطينية تمثل لدى شريحة واسعة من قطاعات الرأي العام العربي قضية ذات بعد ديني، وهو ما يجعل العلاقة بين العالمين الغربي والعربي متوترة· وأوضحت أن العلاقة بين الإسلام والغرب تشوبها الريبة والخوف والتوجس، بسبب المرحلة الاستعمارية وتسود وجهة نظر لدى قطاعات عريضة من المجتمعات العربية بأن الغرب يمثل بؤرة للرذيلة والمخدرات والأمراض الفتاكة، وأنهم أصحاب مؤامرة وخداع ولا يستحقون إلا القطيعة· وأضافت: هناك فهم متبادل مشوه من الغرب تجاه العرب والمسلمين والعكس، فكثير من المجتمعات الغربية ترى المجتمع العربي والإسلامي متخلفا وإرهابيا وغارقا في الجنس والأساطير القديمة ومهمشا سياسيا واجتماعيا وفكريا· وطالبت الطرفين العربي الإسلامي والغربي بتجاوز مرحلة التصادم إلى التعايش، لأن الحضارة الإنسانية واحدة مع تعددية ثقافية ودينية تشكل لكل مجتمع هوية خاصة· وتقول: عندما احتفل العالم بدخول الألفية الثانية، كان العرب والمسلمون منغمسين في بناء الحضارة والعلوم ومشاركين فاعلين في أسبابها بمختلف مظاهرها، بينما كانت أوروبا في سباق العصور الوسطى، فازدهرت دولة الإسلام في بغداد والقاهرة وغرناطة، وابتداء من القرن التاسع كان للعلم لغة هي العربية، وفي مجال الطب جاء الإسلام ليقضي على الكهانة ويفتح الباب للطب الطبيعي ويبطل المداواة بالسحر والشعوذة· جوهر الصراع قالت الدكتورة آمنة نصير -أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر- إن المسيحية قالت ما جئت لأهدم الناموس وهو جوهر الفكر التسامحي، وجاء الإسلام بتمام العقيدة القائمة على الإيمان بما أنزل علينا وما أنزل على الآخرين، مشيرة إلى أحاديث للرسول صلى الله عليه وسلم تدعو إلى وضع اللبنات المتممة لجميع الأديان· ولذلك، فإن العقائد لم تأت للتصارع بل للتكامل· وذكرت أن الكل يتوارى خلف ستار الدين، وهو جوهر الصراع، وهناك اختلافات أدت إلى وجود المذاهب في الدين الواحد· وتتعدد مذاهب المسيحية من أرثوذكسية وبروتستانية وكاثوليكية، وفي الإسلام فرق مختلفة كثيرة، موضحة أن هناك من يحاول استخدام النصوص ضد الآخر· وحول دور الدين في الصراعات السياسية قالت د· آمنة نصير إن الأديان السماوية بريئة من الصراعات السياسية على مر تاريخ البشرية، لكن هناك من يحاول استغلال الأديان لتحقيق انتصارات سياسية وفوائد اقتصادية· وذكرت أن الإسلام دعانا إلى التوحيد حيث بدأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- في نشر الدعوة من مكة إلى المدينة ثم انتشرت الدعوة في جميع أنحاء العالم ثم جاءت وثيقة المدينة التي ساوت بين المسلمين واليهود في جميع الحقوق والواجبات· لهم مالنا وعلينا ما عليهم في ظل وجود دولة إسلامية فتية· وبعد ذلك دخل تحت مظلة الإسلام مذاهب مختلفة وحملوا معها موروثهم الثقافي وعرفنا الكثير من تمازج الثقافات بين الديانات المختلفة، وأصبح لدينا رصيد كبير من الحوارات الكلامية وهو ما أثرى الحضارية الإنسانية وأفرز البيئة المناسبة للعلماء في شتى المجالات· وأكدت أن الحروب الصليبية هي الجرح الحقيقي في الخلافات بين العالم الغربي والعالم الإسلامي، لأن العالم الغربي كان يعيش حالة سيئة في ذلك الوقت وكانوا يريدون الشرق بسحره وجماله، ومن هنا بدأت الحروب الصليبية، ولكن العرب اعتادوا على تسميتها حروب الفرنجة، وهو التعبير الأدق· وأوضحت أن هذه الحروب رُفع فيها الصليب المقدس وقالوا ''نحن نريد تحرير بيت المقدس من الكفرة المسلمين'' رغم أن بيت المقدس هو بيت مقدس للجميع والشرائع الثلاث أقيمت على أساس المقدس ولم تقم على إحداث الدمار وإراقة الدماء مشيرة إلى انه ذبح في بيت المقدس 70 ألف مسلم في يوم واحد، لأن العالم الغربي جاء للسيطرة على العالم الشرقي بخيراته· القضية واحدة قال د· محمد الجليند -أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة- إن جوهر الدين الإسلامي يقوم على تحديد العلاقة بين الخالق والمخلوق، والإسلام هو دين جميع الأنبياء ولذلك نجد مقولة الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناها ''نحن معاشر الأنبياء أخوة·· وديننا واحد''، متسائلا: هل هناك اسلامان بمعنى أن لكل نبي إسلاما مختلفا؟ وأضاف أن القضية واحده ابتداء من إبراهيم وانتهاء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فإن الدين الإسلامي واحد، وجميع الأنبياء والرسل قالوا ''يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره''، والقضية هي التوحيد في العبادة وتحرير العبودية يتأسس عليها تحرير العبد من أخيه الإنسان فإذا كان في قلبك مكان فلابد أن يكون من أجل الله· وحول علاقة الإنسان بالعالم وبالآخر أوضح د· الجليند أنها مؤسسة في جميع الأديان، وجاء القرآن الكريم متمما ومصدقا لجميع القضايا الأخلاقية، إذ أن جوهر العقيدة واحد والقيم الأخلاقية واحدة ولا توجد بين الأديان خلافات لكن المشكلة تأتي عندما يتناول الإنسان النصوص سواء على مستوى الأفراد أو الشعوب أو الدول وتأتي الخلافات من عوامل أخرى غير النصوص الدينية، خاصة عند تسييس الأديان أو عند تديين السياسة· ويقول د· الجليند إن الدين برز في العلاقات السياسية الدولية في القرن التاسع عشر حينما أسست الصهيونية العالمية وتم الزواج غير الشرعي بين المسيحية واليهودية المتشددة الأمر الذي أفرز ظاهرة المحافظين الجدد السائدة حاليا في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ''مناحم بيجين'' دخل على الرئيس الأميركي الأسبق ''جيمي كارتر'' وتحت ذراعه العهد القديم وقال له: لماذا لا تساعدون في إقامة الدولة التي سيهبط فيها رسولكم؟ وأضاف أن ظهور الصهيونية الصليبية جعل الولايات المتحدة تستخدم حق الفيتو 75 مرة في مجلس الأمن لصالح إسرائيل، ولم يرد العالم الإسلامي في يوم من الأيام على السيطرة والهيمنة الاميركية، بل أن الإسلام يردد دائما ''لكم دينكم ولي دين''· وخلص إلى أن المشكلة تتلخص في أننا لم نعد نحاول إعادة قراءة الدين الإسلامي بشكل صحيح، حيث تم التركيز على فرائض بعينها وتجاهلنا أمورا كثيرة حثنا الدين الإسلامي على دراستها، واخترنا الجانب الأسهل ولم نحاول الاجتهاد في الإجابة عن التساؤل الأهم الخاص بمواصفات نهضة الأمم، مشيرا إلى مقولة بليغة للإمام الغزالي: ''أدخل المسجد فأجد أربعين إماما يتعارضون حول طول أو قصر اللحية ولا أجد سوى طبيب واحد''· وأكد أن لا أمل في نهضة حقيقية للعالم العربي والإسلامي إلا من خلال التقدم العلمي لأن الواقع المتردي الذي نعيشه يرجع إلى وجود خصومة عربية مع العقل والعلم، وهو ما انتبه إليه العرب والمسلمون في القرون الأربعة الأولى·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©