الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نهاية الطفل الواحد

3 مارس 2008 01:08
صرح مسؤول صيني رفيع المستوى الأسبوع الماضي، بأن بلاده ستتخلى عن سياسة تقييد حق الآباء في إنجاب الأطفال، بحيث لا تتجاوز الأسرة طفلاً واحداً، غير أنه أكد أن التغيير سوف يكون تدريجياً وأنه لن يؤدي إلى إلغاء سياسات تنظيم الأسرة المعمول بها حتى الآن· وقال ''زهاو باجي'' -نائب وزير مفوضية السكان والتخطيط الأسري الوطنية-: ''نحن ندرك أن علينا تغيير هذه السياسات كلية، غير أنه من الصعب عليّ الآن أن أحدد تاريخاً زمنياً لبدء هذا التغيير، أو الكيفية التي سيتم بها· والشيء الوحيد الذي أستطيع تأكيده هنا أن هذه المسألة تحظى باهتمام كبير جداً بين صناع السياسات والقرارات في بكين''· وبعد أن بلغت كثافتها السكانية نحو 1,3 مليار نسمة، تعد الصين الدولة الأعلى كثافة سكانية عالمياً، وهي في الوقت نفسه الدولة الأكثر صرامة في تشديد سياسات التنظيم الأسري، وبالنتيجة فليس من حق غالبية الآباء من سكان المدن والمراكز الحضرية تخطي حقهم في إنجاب طفل واحد فحسب، ما لم يسددوا غرامة باهظة للغاية لقاء إنجاب طفل ثان للسلطات الحكومية المعنية بتنظيم الأسرة، وعلى نقيضهم يحق لغالبية الفلاحين إنجاب طفل ثان في حال كان المولود الأول أنثى، أما الأقليات فغالباً ما يسمح لها بإنجاب طفلين أو حتى ثلاثة· بيد أن مسألة تقييد الإنجاب هذه، ظلت محل اهتمام كبير ومستمر لدى دوائر صنع السياسات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد على امتداد ما يزيد على الثلاثة عقود، وعادة ما يعتمد تقييم أداء المسؤولين المحليين في شتى أنحاء الصين، على مدى تمكنهم من التنفيذ الصارم لسياسات تنظيم الأسرة هذه في مناطقهم ومحافظاتهم، وفيما يعرف عن هؤلاء المسؤولين أنهم دأبوا على إرغام النساء الحوامل على إجهاض أجنتهن طوال عقد الثمانينيات، في حال كان الحمل سيؤدي إلى إنجاب طفل ثان للأسرة، أو يتجاوز ''الحصة الأسرية'' المقررة لها، ليس ذلك فحسب، بل كثيراً ما أرغم هؤلاء المسؤولون النساء والرجال معاً على إجراء عمليات عقم إلزامي تجنباً لإنجاب المزيد من الأطفال· بيد أن التخفيف من شدة هذه السياسات قد أصبح ظاهرة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة الماضية، وذلك باعتماد المزيد من الآباء والأمهات على دفع الغرامات مقابل إنجابهم لطفل إضافي، باعتبار أن دفع الغرامة يشكل ضمانة على التزام المواطنين بسياسات تنظيم الأسرة المعمول بها، ولعل أحد أهم أسباب التخفيف من هذه السياسات، أن القيود المفروضة سابقاً قد أفرزت تفاوتاً كبيراً بين عدد الذكور والإناث في المجتمع الصيني· والشائع في هذا المجتمع تفضيله للذكور على الإناث، ما يدفع الأمهات لإجراء الإجهاض الاختياري لحملهن بالإناث· ومما أثاره بعض كبار المسؤولين ضد هذه السياسات، أنها حرمت الصين من إنجانب 400 مليون طفل تقريباً، إضافة لحرمانها من مواصلة نموها السكاني وتكييف مواردها الطبيعية والاقتصادية على نمو كثافتها السكانية، ليس ذلك فحسب، بل ارتبط تطبيق سياسات تقييد الإنجاب هذه بالكثير من التجاوزات وإساءة استخدام النفوذ الحكومي· على أن العامل الأكثر أهمية من كل الأسباب المذكورة آنفاً، أن معدل الخصوبة الصينية يعد الأكثر تدنياً حالياً، بينما تتسارع ظاهرة الشيخوخة الاجتماعية، خاصة في المدن والمناطق الحضرية، وهذا ما دفع الخبراء إلى التنبؤ والتحذير من أن تواجه الصين أزمة ديموجرافية، بسبب زيادة نسب الإعمار بين المواطنين، بكل ما تحتاجه الفئات الاجتماعية المسنة من رعاية باهظة التكلفة، يتوقع أن يتحمل الشباب -الأقل كثافة سكانية في المستقبل البعيد- العبء لوحدهم، بل إن نقص الأيدي الشابة العاملة يمثل مشكلة اقتصادية كبيرة بحد ذاتها، خاصة وأن كبرى المصانع الصينية قد بدأت تواجه سلفاً مشكلة نقص الأيدي الشابة، الأمر الذي سيلقي بتأثيراته السلبية الكبيرة على مستقبل النمو الاقتصادي الصيني· جيم ياردلي مراسل صحيفة نيويورك تايمز في بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©