الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كتابه الأخير.. سيرة فنان صنعته الآلام

كتابه الأخير.. سيرة فنان صنعته الآلام
13 نوفمبر 2014 23:25
إيهاب الملاح (القاهرة) في كتابه الجديد (الأخير) الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، «أحمد طوغان.. سيرة فنان صنعته الآلام»، يمتعنا الفنان الكبير بحكايات غاية في الروعة والإدهاش والصدق عن جوانب من رحلته في الحياة والفن والسياسة والصحافة، شخصيات التقاها تأثر بها وأثر فيها، حلقات من التاريخ الحي النابض بالمعرفة والفن والتأملات النافذة لا تصدر إلا عن فنان خبر الحياة وخبرته، عركها وعركته، احتشد لها بذائقة فريدة راكمها عبر عشرات السنين، وأنتج خلالها تراثا باقيا لا يغيب. السيرة الجديدة التي تقع في 440 صفحة من القطع الكبير، قام بتحريرها أحمد كمال زكي، تقع في ستة أبواب كبيرة، بالإضافة إلى ملحق للصور والرسوم والكاريكاتير، وقد افتُتح الكتاب بإهداء دال ولافت إلى أحفاد طوغان، ثم مقدمة كتبها الراحل خيري شلبي عن طوغان ومذكراته التي جلّت صفحات ليس فقط من سيرة صاحبها ومبدعها بل سلطت الضوء على أحداث عصر بأكمله، ومواقف حاسمة في تاريخ الوطن، وشخصيات عامة وسياسية وفنية وأدبية لعبت أخطر الأدوار في مراحل التحول التي شهدتها مصر خلال الفترة من عام 1926 «سنة ميلاد الفنان الكبير» وحتى اللحظة الراهنة. سنستمتع أيما استمتاع وهو يتذكر أحداث ووقائع جمعته بألمع نجوم الفن والصحافة في زمنه، صاروخان فنان الكاريكاتير الرائع، وقرينه رخا، وصلاح جاهين، وفي الصحافة كامل زهيري ومحمود السعدني، وأبو الخير نجيب، وزكريا الحجاوي، ومصطفى القشاشي، وعباس الأسواني.. وغيرهم. وما بين «بداية القصة» التي يكشف فيها عن النشأة والطفولة ويتحدث عن والديه، ومحطات الانتقال من مسقط رأسه في أسيوط إلى المنيا إلى الجيزة فالقاهرة، مرورا بـ»شخصيات وأحداث في حياتي»، و»أيام الحب والحرب»، و»سحر الأماكن.. ذكريات لا تنسى»، وصولا إلى «الحديث ذو شجون»، وهو الباب الذي يستعرض فيه تجربة فقدانه ابنه بسام، الحزن الذي يعيش به، يبحر بنا طوغان عبر صفحات الكتاب في جولات وسياحات ممتعة تكاد تتجسد مشاهد ومواقف وشخصيات حية تتحرك أمامنا، نسمعها ونضحك معها، ونبكي لأجلها، وتستغرقنا الذكريات والحكايات بدرجة لا نتصور معها أننا نقرأ «نصا مكتوبا»، إنما نسمع ونبصر ونعايش معايشة كاملة كل ما مر بالفنان الكبير من أفراح وأتراح، ما ارتشفه «شهدا» وما ذرفه «دموعا»! ويكاد يكون الباب الثالث الذي عقده تحت عنوان «شخصيات وأحداث في حياتي»، هو الباب الأطول والأكثر ثراءً؛ إذ يصل عدد الصفحات التي أُفردت لهذا الجزء وحده إلى 180 صفحة، يتحدث فيها باستفاضة وحميمية عن أصدقاء ورفاق عمل أثر فيهم وأثروا فيه، ويأتي في مقدمتهم الكاتب الساخر الراحل محمود السعدني، صديق عمره، مستهلا فصول هذا الباب بإيراد قصته مع السعدني وبداية تعرفه به، ثم رغبتهما في التطوع من أجل إنقاذ فلسطين، ورحلتهما معا في طريق الصحافة، وإصدارهما مجلة باسم «الأسبوع»، نجحا في إخراج تسعة أعداد منها إلى النور، قبل أن تتوقف المجلة. لكن رحلة طوغان والسعدني الصحفية لم تتوقف، وسارت في طريقها بثبات وتألق، كما يتحدث عن اعتقال السعدني الذي قال في التحقيقات إنه ينتمي إلى تنظيم «زمش»، وعندما سأله المحقق عن هذا التنظيم، قال: «يعني زي ما سيادتك شايف كده، أنا لا شيوعي، ولا إخواني، ولا أي حاجة»، وبالرغم من كونه من «زمش» إلا أنه أمضى في المعتقل سنة ونصف السنة! يقول الكاتب الراحل خيري شلبي في مقدمة كتبها سابقا لسيرة طوغان «ليست هذه مجرد مذكرات صحفي رسام حقَّق شهرة مدوية، إنما هي فصول من تاريخنا المعاصر، غير أنه التاريخ الحي، التاريخ غير المرئي، التاريخ المخبوء في كواليس استدرجنا إليها ليرينا ما لم نكن نعرفه عن شخصيات عايشناها وتتلمذنا على أيديها وتأثرنا بها من طراز كامل زهيري، ومحمود السعدني، وإحسان عبد القدوس، ومحمد عبد المنعم رخا، وزكريا الحجاوي، وصاروخان، وعباس الأسواني، وفتحي الرملي، وعلي جمال الدين طاهر، ومدحت عاصم، زسعد زغلول فؤاد، ومصطفى القشاشي، وعلى ومصطفى أمين، ومحمد أنور السادات، وعديد من الشخصيات التي أثرت في حياتنا ولعبت أدوراها فيها». «أحمد طوغان.. سيرة فنان صنعته الآلام»، واحد من أهم الكتب التي صدرت في 2014، سياحة ممتعة فى الزمان والمكان والبشر، «مقالب السعدني» بجوار تفاصيل حرب اليمن والجزائر، رسومه الجميلة بجوار أحزانه وأفراحه الشخصية، صاروخان ورخا مع كامل زهيرى وحسن فؤاد، شوارع أسيوط مع ذكريات شارع شريف حيث أقام.. عمر من الفن والحياة مع الكبار.. وبلا شك ستحتل هذه السيرة العامرة مكانها ضمن أفضل الكتب لهذا العام، ولأعوام كثيرة قادمة. 
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©